رحيل مادلين أولبرايت.. أسرار من حياة أول وزيرة خارجية أمريكية
رحلت مادلين أولبرايت، أول وزيرة خارجية أمريكية في عهد الولايات المتحدة، أمس الأربعاء، وذلك بعد صراع طويل مع مرض السرطان، وتركت خلفها إرث كبير من الأراء والمبادئ السياسة، التي عملت وفقًا لها خلال ولايتها، وبعضها يحمل مراجعات فكرية توصلت إليها خلال سنوات ما بعد المنصب الوزاري.
الصراعات الدولية تنطلق من أبعاد دينية
قالت أولبرايت في حوار لها في عام 2006، إنها باتت ترى أن الدين لا يمكن فصله عن مفهوم العلاقات الدولية والسياسية، لافتة أن سبب تغيير رأيها، هو القضايا التي مرت عليها في مشوارها الدبلوماسي، سواء كسفيرة للولايات المتحدة في الأمم المتحدة أو كوزيرة للخارجية الأمريكية.
وأضافت:" حيث تملكتني الدهشة الشديدة وأنا أحلل الوضع في أيرلندا الشمالية، أن أشاهد حربًا دينية بين الكاثوليك والبروتستانت في أواخر القرن العشرين، ثم عندما كانت الولايات المتحدة تتعامل مع قضايا السياسة الخارجية الخاصة بالشرق الأوسط، أدركت أنه إذا كانت القدس مجرد قضية أرض متنازع على ملكيتها، لكان بإمكاننا حلها منذ سنوات طويلة، ولكن الواقع هو أن أطراف النزاع يُـؤمنون بأنها أرض ومقدسات أعطاها الله لهم، ولذلك أصبح لقضية القدس أبعاد مختلفة تمامًا".
وأشارت إلى أنها من هذا المنطلق اتضح لها أكثر فأكثر أن كثيرًا من الصراعات التي أعقبت الحرب الباردة، كانت لها علاقة بالدين، مضيفة:"ولذلك أصبح يتعين على المهتمين بشؤون السياسة الخارجية أن يتفهموا دور الدين كقوة في قضايا السياسة الخارجية وكيفية استخدام البعد الديني في العثور على العناصر التي تجمع بين أطراف النزاع، وإذا درَس المرء الديانات الإبراهيمية الثلاث، سيجد فيها مفاهِـيم مُـشتركة عن السلام والعدل والخير".
ومع ذلك أكدت مادلين أولبرايت، أنها لازالت مؤمنة بمبدأ فصل الدين عن الدولة، كمبدأ أساسي في المجتمع الأمريكي.
فيما أوضحت من جانبها، أن السياسيين ليس لهم خبرة في الصراعات الدينية، لذا يتعين الاستشارة بأهل الخبرة، قائلة:"أنا أعتقد في الواقع أننا بحاجة إلى إشراك الزعماء الدِّينيين في حل الصراعات، ليس كأطراف مشاركة على مائدة المفاوضات، ولكن كمصادر للتفهم ولكسب مساندتهم في نهاية المطاف للقرارات التي يتم التوصّـل إليها في المفاوضات؛ لأنه لا يمكن فصل الناس عن معتقداتهم الينية، ولذلك، أعتقد أن إشراك الزعماء الدينيين في جانب من المناقشات، يساعد في التوصل إلى حلول للصراعات".
إدانة غزو العراق والاعتذار للعراقيين
واجهت أولبرايت اتهامات عدة بمساهمتها بدور كبير في فرض الحصار على العراق، والذي تسبب بموت ملايين الأطفال العراقيين، مبررة ذلك قائلة:" أرى أن خيار قتل الأطفال خيار صعب للغاية، لكننا نعتقد أن النتيجة المرجوة تستحق هذا الثمن وتجعله مرضيًا".
لكنها بعد عدة أعوام على احتلال العراق، أعربت عن أسفها دعم الغزو العراقي، قائلة:" كان من أفدح الأخطاء التي ارتكبتها في حياتي، فالحرب الأمريكية في العراق أساءت لسمعة الولايات المتحدة واسمها، وأساءت للديمقراطية، إن الديمقراطية لا يمكن فرضها، وإنها لا تتفق مع الأصوات التي تقول أن دول الشرق الأوسط لن تصبح ديمقراطية، فلكل دولة ثقافتهاوعاداتها، وأن الديمقراطية تختلف من دولة لأخرى".
وأردفت:"صدام حسين غزا بلدًا آخر، وكانت هناك خطة لتوفير الغذاء والدواء للشعب العراقي، صدام حسين رفض السماح لأي شخص بدخول العراق لتوزيع المساعدات، لذا هو من تسبب في قتل الأطفال وليست الولايات المتحدة، كنت حينها أحاول الدفاع عن سياسة العقوبات التي تم إنتهاجها من قبل إدارة بوش السابقة، ولكن أحيانًا الناس يقولون أشياء غبية، وأتمنى من جميع أولئك الذين ينتقدونني أن يراجعوا أنفسهم وإذا ما كانوا قالوا أشياء ثم ندموا عليها".
رفضت قتل الأبرياء الفلسطينيين
قالت أولبرايت:"إسرائيل وعلى ما يبدو تبالغ فى ردها على الهجمات الصاروخية التى تشنها حركة المقاومة الإسلامية حماس".
وأضافت فى تصريحات نقلتها صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، أن "النظر لحجم الرد الإسرائيلى أمر هام"، وذلك على الرغم من تأييدها حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها ضد الهجمات الصاروخية.
وتابعت: "أعتقد أنه من الصعب للغاية مشاهدة مقتل هذا العدد من الفلسطينيين الأبرياء، ومن الصعب الاختلاف حول حقيقة استغلال الأبرياء كدروع بشرية ووضعهم فى الطريق، كما قال رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو ولكن خلاصة القول، على ما أعتقد، أن ما يحدث يضر بالسلطة الأخلاقية لإسرائيل، كما أعتقد كما لو أنهم يبالغون".
أمريكا ليست قوة استعمارية
رفضت مادلين أولبرايت، السياسة الأمريكية الخارجية، خلال السنوات الماضية، قائلة:" الولايات المتحدة هي بلد خاص جدًا، نحن لسنا قوة استعمارية، ولا نريد أن نكون شرطي العالم، في جوانب كثيرة، من الصعب أن نفهم متى ينبغي علينا أن نكون منخرطين في مسألة ما ومتى لا ينبغي علينا فعل ذلك وحتى في هذه الحالة توجه إلينا انتقادات أيضًا".