ما بين سد النهضة وحرب أوكرانيا
في كثير من الأحيان، لابد لنا ان نستدعي التاريخ الماضي البعيد وما يحتويه من قبور واموات لكي نتناقش ونتفاوض معهم، فالماضي القريب هو ابن للماضي البعيد والحاضر هو حفيد لهما، اما المستقبل فهو مولود من هؤلاء جميعا، تلك هي البلورة الصحيحة للتعاطي مع الاحداث والنجاح حليف فقط لمن يمتلك رؤية جميع ارهاصات التاريخ في الماضي والحاضر والمستقبل.
منذ سنوات ومن احد رجال ارهاصات التاريخ الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، حيث ذكر مع الإعلامية لميس الحديدي انه منذ 800 عام والتفكير والتخطيط قائم لتعطيش مصر وانهاء وجودها، وقد حدث ذلك بعد هزيمة الحملة الاوربية اثناء ما يسمى بالحرب الصليبية على المنطقة، عندها قام البابا السكندر الثالث بأرسال الرحالة " فاسكود جاما" لكي يستكشف طريق اخر في افريقيا بخلاف مصر، وطلب منه ان يذهب الي مملكة مسيحية " اثيوبيا" في شرق افريقيا لديها ملك اسمه يوحنا لتتفاوض معه لكيفية قطع مياه النيل عن مصر لكي نستطيع القضاء عليها.
وفي القرن التاسع للميلاد تأسَّست إمارة كييف روس على يد المحاربين الفارانجيين، واعتنقت المسيحية الأرثوذكسية دينًا لها في عام 988 بسبب تأثير الإمبراطورية البيزنطية، وكانت تلك هي بداية تَمازُج الثقافتين السلافية والبيزنطية اللتين شكلتا معًا ملامح الثقافة الروسية للألفيَّة التالية، في تلك الحقبة عمل البابا السكندر الثالث علي محاولة السيطرة الايدلوجية لتلك المنطقة عبر ارسال الارساليات التبشيرية الكاثوليكية، وهي نفس الإرساليات التي كانوا يرسلونها عبر التاريخ لمنطقة الشرق الأوسط تحت غطاء التبشير لكن كان الهدف سياسي في المضمون والأداء.
ومن الكسندر الثالث والي محطات كثيرة وكبيرة في طريق التاريخ حيث كان الفرنسيين والبريطانيين والعثمانيين ما الا استكمال لأهداف قديمة حديثة وهي الهيمنة والسيطرة والنهب والسلب للموارد والمقدرات ولضمان التفوق في ذلك، كان لابد من محاربة الحضارات التي صنعت معطيات التاريخ وسطوره، وأيضًا منع دول وجغرافية تواجد تلك الحضارات من ان تكون قوة ذو مرجعية حضارية.
فما بين الحضارة الفرعونية التي صنعت التاريخ وبين الحضارة السلافية التي صنعت قياصرة روسيا والاتحاد السوفيتي، هناك مشترك قوي وهي الكنيسة الارثوذوكسية، تلك الكنسية هي موروث تاريخي وثقافي للحضارتين ومنذ فجر الانشقاق الكاثوليكي عن مسيحيه الطريق المستقيم المستلم من الإباء والرسل وقبلهم شخص المسيح وهي الكنسية الام " الارثوذوكسية " وهناك حروب بطرق مختلفة من الكنيسة الكاثوليكية ضد الكنيسة الارثوذوكسية أينما حلت جغرافيًا في أي مكان في العالم، تلك الحرب تتخذ اشكال متنوعة ومتشعبة بين حرب سياسية وعسكرية وايدلوجية.
ومن التاريخ الماضي البعيد الي التاريخ الماضي القريب حيث جاء الرحالة كريستوفر كولومبوس إيطالي الجنسية وعرف عنه أيدولوجيته الكاثوليكية المتوحشة والمتعصبة، قام برحلة كان من اهم أهدافها حسب ما ذكر، ان ليه الرغبة في إيجاد طريق آخر غير الطرق التي تمر ببلاد العربية والافريقية على حد تعبيره. في مدوناته البحرية. وتلك الرغبة هي جزء من رغبة ألكسندر الثالث الذي أرسل رحالة الي افريقيا لإيجاد طريق اخر غير طريق مصر.
ومن الارهاصات الكاثوليكية ولدت ارض كريستوفر كولومبوس بثوب البروتستانتية وكل مشتقاتها، وما بين الصهيونية العالمية وامها الماسونية التاريخية، هنا مربط الحصان في كل احداث التاريخ من ماضيه الي مستقبله الحالي حيث تدور الان معركة روسيا في أوكرانيا وحرب سد النهضة ضد مصر، فالمخطط الصهيوني بيد أمريكا يهدف الي عولمة العالم داخل بوتقة حاكمة واحدة ولحدوث ذلك كان لابد من السيطرة علي موارد العالم المرتكزة في بلاد السلافية وبلاد الفراعنة وما حولها ، هنا حاولت الصهيونية حصار روسيا ومصر لإخضاعهم تحت مساومة التواجد طبقا لشروط ما هو قادم ومرسوم له لحكم العالم، والان هي اللحظات الفارقة ما بين ما خطط له الكسندر الثالث واحفاده وما بين ما يقوم به احفاد السلافيين والفراعنة والقادم بكل تأكيد سيكون في صف من صنعوا التاريخ وكتبوا سطوره.