بعد ضبط 8650 عنوانا مزورا بمطبعة بدار السلام.. تاريخ تزوير الكتب في مصر
أسفرت جهود الإدارة العامة لمباحث المصنفات وحماية حقوق الملكية الفكرية خلال اليومين الماضيين عن ضبط 8650 عنوانا مزورا بمطبعة بدار السلام، ومعظمها روايات أجنبية وكتب تخص كل من ( دار كتاب – دارك للنشر – مكتبة جرير) وتم تحرير محضر رقم 3351 جنح قسم شرطة السلام لسنة 2022.
وفي إطار التعاون الوثيق بين الإدارة العامة لمباحث المصنفات واتحاد الناشرين المصريين، وفى ضوء تواصل رئيس الاتحاد المستمر للقضاء على بؤر تزوير الكتب ومكافحة قراصنة الملكية الفكرية من خلال التعاون مع كافة الجهات المختصة
كما تم ضبط عدد 8500 كتاب مزور بمطبعة أخرى بالجيزة تخص كل من ( دار زحمة كتاب – دار الحضارة بالسعودية – دار دون – كلمات – جرير )، وتم تحرير محضر رقم 3734 جنح قسم شرطة الجيزة لسنة 2022.
أزمة تزوير الكتب
أزمة الكتاب المزور انتبه لها اتحاد الناشرين المصريين مبكرا، وسعى لوضع حلول لها تحديدا عقب أحداث يناير 2011، وانتشار انتهاك حقوق الملكية الفكرية.
وفي الثامن عشر من أبريل 2012، عقد اتحاد الناشرين المصريين اجتماعاً؛ لبحث سبل وقنوات مواجهة مشكلة تزوير الكتب في مصر، ونتج عن الاجتماع إقامة مؤتمر في الثاني من أيار (مايو) 2012، شاركت فيه أغلب المؤسسات الحكومية والخاصة المهتمة بصناعة الكتاب، لوضع ضوابط تحافظ على حقوق المؤلف والمؤسسات العاملة في مجال النشر.
قبل المؤتمر بأيام أرسل اتحاد الناشرين المصريين خطاباً إلى النائب العام حمل رقم (268)، والمؤرخ بـ 24 (إبريل) 2012 بشأن تفشي ظاهرة تزوير الكتب والتعدي على حماية حقوق الملكية الفكرية، وذلك بالاعتداء على حقوق النشر والتأليف، بشكل لم يسبق له مثيل من قبل، مما يشكل خطراً حقيقياً على مستقبل الثقافة والنشر بحسب ما ورد في الخطاب.
كتاب دوري
رداً على ذلك، أصدر النائب العام في ذلك الوقت، طلعت إبراهيم عبد الله، كتاباً دورياً رقم (12) لسنة 2012، متضمنا التعليمات التي يجب على أعضاء النيابة اتباعها ومراعاتها في هذا الشأن. وجاء في بنود ذلك الكتاب: "يجب على أعضاء النيابة أن يأمروا بطلب صحف الحالة الجنائية للمتهمين، في جرائم الاعتداء على حقوق المؤلف وتقليد وتزوير العلامات التجارية، قبل التصرف فيها بتقديمهم للمحاكمة الجنائية". وتقضي المادة 113 من قانون حماية الملكية الفكرية وحقوق المؤلف رقم 82 لسنة 2002، بالسجن والغرامة، في التعدي على العلامات التجارية لآخرين.
محمود شلتوت
بدأت رحلة معاناة السوق المصري مع انتهاك حقوق الملكية الفكرية أواخر التسعينيات من القرن الماضي، حين تقدم أحد الناشرين في مصر إلى مناقصة لتزويد الكتب لإحدى الجهات الحكومية في ليبيا، وقدم لهم نسخاً مزورةً من كتابين للدكتور محمود شلتوت، الأول: كتاب "الإسلام عقيدة وشريعة"، والثاني: كتاب "من توجيهات الإسلام"، دون الحصول على إذن من الناشر الأصلي صاحب الحقوق.
ومع ضعف الوضع الأمني في القاهرة قبل ثورة 30 يونيو 2013، أصبح أباطرة تزوير الكتاب في مصر معروفين بالاسم، ذلك إلى جانب ضعف العقوبات المقررة، في قانون حقوق المؤلف والملكية الفكرية.
ضبطيات كبيرة
ونجحت إدارة المصنفات في ضبط شحنات كبيرة، فمنذ عامين وتحديدا في أكتوبر 2019 شنت إدارة المصنفات التابعة لمباحث المصنفات وحقوق الملكية الفكرية، عددا من المداهمات لمخازن تزوير الكتب، ونجحت في ضبط أكبر كمية كتب كانت في طريقها إلى خارج البلاد، وجميع النسخ التي ضبطت كانت مقلدة ومنسوخة وبدون فواتير شراء.
الشحنة تم ضبطها بمخازن بشارع بورسعيد أمام مستشفى اليوم الواحد بجوار مركز الخدمة الفنية موتور.
الشحنة تكونت من عدد 32 طردا، داخل كل طرد عدد 45 نسخة من كتاب "نداء الملاك" تأليف غيوم ميسو، والذي صدر عن المركز الثقافي العربي، وعدد 46 طردا بداخله عدد 18 نسخة كتاب بعنوان "رأس المال" تأليف كارل ماركس، ورواية اكواريل تأليف الكاتب أحمد خالد توفيق، ورواية الأصل لدان براون.
كما تم ضبط عدد 54 طردا بداخل كل طرد 50 نسخة بإجمالي عدد 2700 نسخة من رواية "أرض السافلين" للروائي أحمد خالد مصطفى والصادرة عن دار عصير الكتب.
وطرود أخرى بها روايات "مائة عام من العزلة" تأليف جابرييل جارثيا ماركيز والصادرة عن دار التنوير، وكتاب "فن اللامبالاة" تأليف مارك ماسون والصادرة عن منشورات الرمل، وكتاب "ابق قويا" تأليف ديمي لوفاتو، وكتاب "ماذا جرى.. أسرار الصراع السياسي في السودان" تأليف مبارك المهدي.
كما ضُبط 5256 نسخة لعدد طرود 134 بدون كشوف تعبئة ومقلدة ومنسوخة.
محاضر التحقيقات
وجاء في محضر التحقيق اعتراف المتهم عرفات محمود محمد علي بأنه يعمل في المخزن باليومية، وأن مالك المخزن هو صبري علي سعد، المقيم في التجمع الخامس، ولا يعلم إن كان صاحب المخزن يملك بطاقة ضريبية أو سجل تجاري من عدمه.
وبسؤال شقيق مالك المخزن محمد عرابي أحمد حسن صاحب شركة شحن عرابي، والمقيم بشارع خطاب ببورسعيد بشتيل الوراق الجيزة، قال: أنا شقيق مالك المكان وانه استلم الطرود للشحن وأن المرسلين لم يرسلوا أوراق الطرود وسيقوم بالاتصال بهم لجلب الأوراق اللازمة، وأنه لا يعلم إن كانت الكتب مقلدة ومنسوخة لأن أصحاب المكتبات هم من جلبوا الكتب، وأن الطرود ستذهب للسودان باسم شخص يدعى فوزي.
وتسعى وزارة الثقافة المصرية، بالتعاون مع الجهات المعنية لتحجيم عملية تزوير الكتاب في القاهرة، بعد أن أصبح يُنظر إلى مصر باعتبارها "المصدّر الأول للكتاب المزور عربياً، خصوصاً دول شمال أفريقيا والسودان".
قوانين الملكية الفكرية
من المعروف أن القوانين التي تنظم مسألة النشر وحماية الملكية الفكريّة قد صدرت منذ فترة زمنية بعيدة، مثل قانون اتحاد الناشرين الصادر برقم 25 لسنة 1965، وقانون حماية الملكية الفكرية الصادر برقم 82 لسنة 2002. وهذان القانونان يتناولان - بشكل مباشر - مسألة النشر وحقوق المؤلف والناشر في مصر.
ومع التطور الرقمي الهائل، وأساليب التزوير المتعدِّدَة والمُستحدثة، يحتاج هذان القانونان إلى تعديلات كثيرة، منها إعادة التعريفات المفترضة للمصنفات الفنية الجديرة بالحماية المدنية والجنائية، في ظل أشكال النشر والتوزيع الحديثة والرقمية، وتوسعة مفهوم النشر وقواعد ضماناته في مظلة هذه القوانين الوضعية، ولا سيما إدراج جوهر وغاية المواد المعدلة أو المنشأة في بنود اللائحة التنفيذية للقانون، والتي تتكفل برسم الطريق القانوني اللازم لضبط الجريمة بشكل إجرائي سليم.
جدير بالذكر أن هناك مساعي تشريعية من جانب اتحاد الناشرين والمجلس الأعلى للثقافة في البرلمان، لتعديل بعض مواد الكتاب الثالث من القانون ٨٢ لسنة ٢٠٠٢؛ لتلافي بعض المشكلات القائمة بخصوص الملكية الفكرية والنشر.