«أبي جذب انتباهي للموسيقى».. عمر خيرت يروي ذكريات طفولته في «المتمرد»
تحدث الموسيقار الكبير عمر خيرت عن والده ووالدته في كتابه الصادر حديثا عن دار نهضة مصر للنشر والتوزيع تحت عنوان "المتمرد.. سيرة حياة عمر خيرت"، والذي حرره الكاتب الصحفي محمد الشماع".
ويقول خيرت:" أبي تزوج من السيدة "عقيلة إبراهيم حمودة"، وكانت والدتها نعمات بنت محمود باشا طاهر"ألباني"، أما والدها فكان إبراهيم حمودة عمر كرزوق، وهو تونسي من مدينة جربة، وقد غادرت منزل شارع خيرت وأنا طفل 6 سنوات تقريبا، لكني أذكر كل تفاصيله بشكل دقيق، من خلال الأحداث الجميلة التي عشتها في طوابقه، ومدخله الرائع ذي "الفسقية" حيث كنت ألعب أنا وأشقائي في حوش البيت، لدرجة أنني أتذكر أننا أقمنا فيه أول مسرحية من خشبة وستار، ودعونا الكثير من أهل الشارع ليشاهدوها".
ويواصل:" ذكرت أن جدي كان مولعًا بالموسيقى وبجلسات الأغاني، وكذلك كان أبي رغم عمله كمهندس بوزارة الأوقاف فكان أول ما لفت نظري في طفولتنا بمنزلنا الجديد الذي انتقلنا إليه في الدقي، هذا هو الوقت الثابت الذي يحرص أبي على تخصيصه صباح كل يوم للعزف على البيانو، أستطيع القول أن أبي هو الذي جذب انتباهي للموسيقى، حيث كنت أقف إلى جواره طفلا في الخامسة من عمري وهو يعزف مقطوعات لكبار الموسيقيين العالميين مثل شوبان وبيتهوفن، علقت في ذهني كل هذه المقطوعات وحاولت أن أعزفها.
ويستطرد:"بدأت وقتها محاولات اللعب بأصابعي على البيانو، كانت المفاجاة أن كل من بالمنزل استمعوا لي، وأدركوا أنني أستطيع في هذا العمر المبكر أن ألحان لعتاولة الموسيقى العالمية، ولأبي ولعمي الموسيقار أبو بكر خيرت، أدركوا جميعا أنني في هذه السن المبكرة أستطيع العزف على الآلة المحببة لنا جميعا، البيانو، بدقة مبهرة، لسنوات كنت أداعب البيانو مداعبة ارتجالية، ولكن في سن الحادية عشرة بدأت أعزف بشكل أكاديمي سليم عندما التحقت بمعهد (الكونسرفتوار).
ويواصل:" أبي كان شخصية رائعة، كان فنانا كبيرا ومهندسا مهما، وكان يرفض تماما أن يعمل في وظيفة أخرىأو عمل آخر غير عمله بالوزارة رغم ان له اصدقاء كانوا يفعلون ذلك، لانه لم يود ان يخالف القانون الذي كان يمنع الجمع بي عملين، حتى ان أمي كانت تختلف معه في هذا الامر خصيصًا، وكذلك أنا، وأشقائي، وهو لا يملك سوى راتبه، ونحن وقتها كنا ندرس في المحطات الدراسية المختلفة.
ويكمل:" أذكر أيضًا أن الوزارة خصصت له سيارة تقوم بتوصيله إلى عمله كوكيل للوزارة وعندما كنا نذهب إليه في العمل لأي سبب، لم يكن يجعلنا نركب معه السيارة، بل كان يعطينا من ماله مصاريف المواصلات، رغم أننا في النهاية سنذهب إلى نفس المكان. البيت".
ويتابع:"أبي كان له نظام في حياته، وفي البيت، هواياتنا كانت لعب الشطرنج والطاولة، وكان يود دائما أن يذهب للنادي الاهلي سيرا على قدميه، وكذلك نادي المهندسين يوما في الاسبوع، ليلتقي بزملائه وأصدقائه، كان البيت سعيدا جدا، ورغم أن كلا منا في اتجاه وطريق دراسي مختلف، فإننا كان لا بد أن نجتمع، وتحديدا على مائدة الغداء، وبعد أن سار كل منا في طريقه وأصبحت لنا بيوت مختلفة كان لا بد أن نجتمع قي يوم الجمعة من كل أسبوع".
ويختتم:"أقول أن للأب دورا كبيرا في شخصيتي، وكذلك في حبي وعزفي للموسيقى، أما أمي فكانت شديدة الاهتمام بي، نظرا لانه كان يقال عن مستقبلي بأنه على كف عفريت،وذلك بعد أن احتل أشقائي مراكز مرموقة فيما بعد، أما أنا فكانت الموسيقى هي طريقي فقط".