صحيفة بريطانية: العملية العسكرية بأوكرانيا تتسبب في مأساة كبيرة للشعب الروسي نفسه
اعتبرت صحيفة (فاينانشيال تايمز) البريطانية ،أن العملية العسكرية التي تجريها القوات الروسية في أوكرانيا تسببت بالفعل في مأساة كبيرة للشعب الروسي نفسه، من حيث التداعيات الاقتصادية أو حتى الاجتماعية والحضارية.
وذكرت الصحيفة - في افتتاحيتها اليوم السبت ، التي نشرتها عبر موقعها الرسمي - أن القرارات الأخيرة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين قلبت حياة شعبه رأساً على عقب بنحو أصبحوا معه يواجهون شبح سنوات محتملة من العزلة والصراعات الاقتصادية بما قد يعيد في الأذهان ما حدث إبان حكم الاتحاد السوفيتي السابق.
وأضافت الصحيفة: أن العقوبات المفروضة حالياً ضد روسيا من شأنها أن تدمر الاقتصاد، على الرغم من أن بعضها يعتمد جزئيًا على ما يحدث في أوكرانيا، ولكن حتى إذا تم التراجع عن أي منها بعد وقف إطلاق النار، فإن تداعيات بعض هذه العقوبات قد لا تتلاشى بسهولة، كما أن الإجراءات السريعة التي اتخذها البنك المركزي الروسي، بمضاعفة أسعار الفائدة والحد من عمليات سحب العملات الأجنبية، املا في معالجة تداعيات تجميد نصف الاحتياطيات الأجنبية لروسيا البالغة 643 مليار دولار، لم تحول دون انخفاض قيمة الروبل بنسبة 30 في المائة، ما أدى بدوره إلى زيادة التضخم.
وأشارت إلى أن مستوى الواردات سينخفض لا محالة بسبب نقص العملات الأجنبية وتراجع الشركات الأجنبية عن العمل في روسيا؛ حيث تشير إحصائيات جامعة ييل إلى انسحاب أكثر من 400 شركة دولية من روسيا أو تعليق عملياتها أو تقليصها، كما تم الإبلاغ عن نقص في بعض السلع والأدوية.
وتابعت الصحيفة أن عمليات الحظر الرسمية على صادرات الطاقة الروسية لا تزال محدودة، برغم الضغوط لإقرار المزيد منها، غير أن روسيا نفسها حظرت تصدير 200 منتج بما في ذلك سلع الاتصالات والمعدات والآلات الزراعية والأسمدة والسيارات والطائرات حتى نهاية العام - ظاهريًا للرد على العقوبات ولكن أيضًا لدعم الإمدادات المحلية، فيما تُظهر توقعات عديدة انكماش الاقتصاد الروسي بنسبة 7.9 في المائة هذا العام؛ وتوقع بعض المتنبئين إلى أن ذلك قد يصل إلى 15 في المائة.
واستطردت (فاينانشيال تايمز) تقول بإنه في حال استمرت العقوبات على المدى الطويل ضد روسيا، فسيتم إيقاف الاستثمار الأجنبي وتدفقات التكنولوجيا إلى حد كبير إلى البلاد، ولكن في كلتا الحالتين، فإن الدول الغربية مصممة أخيرًا على التخلص التدريجي من واردات النفط والغاز الروسي، ما يمثل شريان الحياة للاقتصاد الروسي، الأمر الذي ستتغير معه حياة الشعب الروسي إلى حد كبير.
واختتمت الافتتاحية، أن الروس الأكبر سنًا قد يرتجفون من أصداء بعض أحلك أيام القرن العشرين، لكن القليل منهم قد يسعى إلى مغادرة البلاد، بخلاف ما سيفعله الشباب والمهنيون؛ حيث يقدر أحد الاقتصاديين الروس أن ما لا يقل عن 200 ألف روسي غادروا البلاد في الأيام العشرة الأولى من الحرب في أوكرانيا، الأمر الذي سيؤدي إلى حرمان روسيا من بعض أفضل المواهب البشرية لديها، تمامًا كما تضغط العقوبات على التمويل والمعرفة التي تحتاجها البلاد.