«حرب الخرائط».. كيف استردت مصر طابا بالدبلوماسية؟ ودور يوغسلافيا في «شهادة حق»
ملحمة مصرية قدمتها القوات المسلحة في حرب أكتوبر 1973، أعقبها مفاوضات دبلوماسية قوية انتهت بتوقيع معاهدة سلام عام 1979، وفي 1989 تم استرداد طابا بالتحكيم الدولي في 15 مارس ورُفع العلم المصري عليها، في خطوة ظلّت حتى الآن عنوانًا للدبلوماسية المصرية، بل وعُرفت هذه المعركة الدبلوماسية بـ "حرب الخرائط".
واستطاعت الدبلوماسية المصرية أن تلعب دورا كبيرا وضخما في جمع الوثائق التي تكشف كذب الرواية الإسرائيلية، حيث قدمت وزارة الخارجية 29 خريطة بأحجام مختلفة تثبت الملكية المصرية لطابا، وتمكنت من جمع خرائط ووثائق من الأرشيف المصري والبريطاني والتركي، فضلا عن تقديمها 10 خرائط من الأرشيف الإسرائيلي نفسه، أثبتت تبعية طابا للأراضى المصرية، بينما قدمت إسرائيل ست خرائط فقط، ورغم تقديم كل هذه الخرائط إلا أنها لم تكن كافية فقط لحسم القضية لصالح مصر.
- تكثيف التحركات الدولية
تكثيف التحركات الدولية كان الخطوة التي تلت تقديم الخرائط، وقامت بها الدبلوماسية المصرية، كي تُفنّد الرواية الإسرائيلية لسرقة جزء من أراضى سيناء، وقدمت مصر الوثائق والخرائط التي تثبت تبعية طابا للأراضى المصرية، وأشارت إلى انسحاب إسرائيل من سيناء - بما فيها طابا- إلى الحدود الدولية عقب عدوان 1956، كما ردت الحكومة الإسرائيلية بأن موقفها قائم على وجود خطأ فى تعليم الحدود وفق اتفاقية 1906 الخاصة بتعيين الحدود بين مصر والدولة العثمانية، وأن موقفها بعد حرب أكتوبر 1973 يسعى لتصحيح هذا الخطأ.
واجه الفريق القانوني الذي كان يدافع عن الأراضى المصرية أمام هيئة التحكيم الدولة، صعوبات عديدة لعل أبرزها أن هذا الجزء من الأراضى المصرية كان موقعا للقوات الدولية في مرحلة ما بعد العدوان الثلاثى على مصر فى عام 1956، حيث أن القوات المصرية لم يكن لديها تواجد في الشريط الحدودى على الجانب المصري منذ عام 1956، ما ترتب عنه قلة المعلومات المتوفرة لديها، وهو ما تطلب البحث عن الضباط الذين عملوا فى ذلك الوقت فى إطار القوات الدولية.
- يوغسلافيا تتعاون مع مصر بتقديم شهادة لـ 3 ضباط
في هذا التوقيت، أبدت يوغسلافيا استعدادها التعاون مع مصر من خلال شهادة ثلاثة ضباط أكدوا موقع العلامات المرسمة للحدود الدولية بين مصر وفلسطين تحت الانتداب، وكان لشهادتهم تأثير واضح على هيئة التحكيم، حيث أكدوا أمامها في شهادة جماعية أن مهمة الكتيبة اليوغسلافية لمدة عشر سنوات كانت القيام بدوريات غرب الهضبة، وأن خرائطهم الرسمية تؤكد أن خط الحدود يمر على هضبة طابا، وليس فى وادى طابا كما تدعي إسرائيل، لتستطيع بذلك الدبلوماسية المصرية تحقيق انتصارًا عظيمًا ظلّ فخرًا لكافة الأجيال حتى وقتنا هذا.