لا تفوت إحياء هذه الليلة.. كرامات ليلة النصف من شعبان
ليلة النصف من شعبان تعد من الليالي التي لها فضل كبير ومكانة عظيمة، فقد جعل علماء الأمة قدر هذه الليلة يوازي قدر ليلة القدر، وقد ورد في فضلها العديد من الأحاديث النبوية التي تؤكد منزلتها عند الله تبارك وتعالى، وقد أطلق على هذه الليلة العديد من الأسماء منها البراءة والمباركة، وغيرها من الأسماء التي سميت بها.
«الدستور» يستعرض خلال السطور القادمة فضل ليلة النصف من شعبان، وكرامات الله للخلق في هذه الليلة، والأحاديث الواردة فيها.
فضل ليلة النصف من شعبان
من جانبه، قال الدكتور هاني تمام، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، إن ليلة النصف من شعبان ورد في فضلها العديد من الأحاديث النبوية منها قول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَطَّلِعُ اللهُ عَلَى خَلْقِهِ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ، إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ» (صحيح ابن حبان، سنن ابن ماجه).
وأضاف في تصريحات خاصة لـ«الدستور» أن المشاحن هو الذي امتلأ قلبه عداوة وكرهًا وحقدًا لغيره، وهذا ما صرح به النبي صلى الله عليه وسلم في حديث آخر حيث قال: «يَطْلُعُ اللهُ عَلَى عِبَادِهِ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَيُمْهِلُ الْكَافِرِينَ، وَيَدَعُ أَهْلَ الْحِقْدِ بِحِقْدِهِمْ حَتَّى يَدْعُوهُ» (المعجم الكبير) فمن أراد المغفرة فليحرص على تنقية وتصفية قلبه في هذه الليلة من كل الأحقاد والضغائن والكراهية، وليسامح جميع الخلق رجاء أن يسامحه الله ويغفر له.
وتابع: مما ورد في فضل هذه الليلة المباركة ما جاء عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «فَقَدْتُ رَسُولَ اللهِ صَلى الله عَليه وسَلم لَيْلَةً فَخَرَجْتُ، فَإِذَا هُوَ بِالبَقِيعِ، فَقَالَ: أَكُنْتِ تَخَافِينَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ظَنَنْتُ أَنَّكَ أَتَيْتَ بَعْضَ نِسَائِكَ، فَقَالَ: إِنَّ اللهَ تبارك وتعالى يَنْزِلُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَغْفِرُ لأَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ شَعْرِ غَنَمِ كَلْبٍ». (سنن الترمذي) وكلب اسم قبيلة، وهذا كناية عن كثرة مغفرة الله لعباده وتعطفه عليهم في هذه الليلة المباركة.
واستشهد بقوله صلى الله عليه وسلم: «إِذا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا نَهَارَهَا، فَإِنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ فِيهَا لِغُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ: أَلَا مِنْ مُسْتَغْفِرٍ لِي فَأَغْفِرَ لَهُ أَلَا مُسْتَرْزِقٌ فَأَرْزُقَهُ أَلَا مُبْتَلًى فَأُعَافِيَهُ أَلَا كَذَا أَلَا كَذَا، حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ» (سنن ابن ماجه).
بينما استدل أيضا بما جاء عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: «خَمْسُ لَيَالٍ لَا يُرَدُّ فِيهِنَّ الدُّعَاءُ: لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ، وَأَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَجَبَ، وَلَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، وَلَيْلَةُ الْعِيدِ وَلَيْلَةُ النَّحْرِ» (شعب الإيمان).
وأكد تمام على أنه كان بعض التابعين يجتهدون في هذه الليلة بالعبادة والتقرب إلى الله تعالى، فيُستحب الاغتسال في هذه الليلة وإحيائها بالذكر والتسبيح والدعاء والصلاة وقراءة القرآن وفعل الخيرات، والدخول فيها بمسامحة الخلق وتصفية القلب من كل حقد وغل وحسد وضغينة وكراهية، فهي ليلة المغفرة والرحمة، نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهلها وأن يتعطف علينا فيها بالرحمة والمغفرة.
أسماء ليلة النصف من شعبان
وقال أستاذ الشريعة، سميت ليلة النصف من شعبان بأسماء عدة، تدل على فضل وشرف المسمى، منها: ليلة براءة وسُميت بهذا؛ لأن فيها براءة من الذنوب، ولأن الله تعالى يكتب للمؤمن فيها براءة من النار، والليلة المباركة، لكثرة البركة فيها. وليلة التكفير؛ لما فيها من تكفير الذنوب والآثام. وليلة الإجابة؛ لإجابة الدعاء فيها، وغير ذلك.
أدعية ليلة النصف من شعبان
وفي منشور لها عبر صفحتها الرسمية على "فيسبوك" تشرا دار الإفتاء، المأثور في هذه الليلة وهو: "اللهم يا ذا المَنْ ولا يُمن عليه، يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا الطول والإنعام، لا إله إلا أنت ظهر اللاجئين، وجار المستجيرين، وأمان الخائفين، اللهم إن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب شقياً أو محروماً أو مطروداً أو مقترًا علي في الرزق، فامحُ اللهم بفضلك شقاوتي وحرماني وطردي وإقتار رزقي واكتبني عندك في أم الكتاب سعيداً مرزوقاً موفقاً للخيرات إنك على كل شيء قدير، اللهم إنك قلت وقولك الحق في كتابك المنزل على لسان نبيك المرسل، يمح الله ما يشاء ويُثبت وعنده أم الكتاب".
كرامات الله للخلق في ليلة النصف من شعبان
وقال الدكتور على جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، في منشور له عبر صفحته الرسمية على "فيس بوك" أن تعظيم الله تعالى لهذه الليلة يكون باطلاعه تعالى على خلقه لينزل عليهم فيها رحمته ومغفرته كما أخبرنا رسول الله ﷺ:«إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن» واستثنى من مغفرته (المشرك والمشاحن)، وتقع الشحناء غالباً بسبب النفس الأمارة بالسوء التي تؤذي الناس فتفسد الود والوئام القائم بينهم.
وأشار “جمعة” إلى أن النبي ﷺ قد نصح المسلمين بالبعد كل البعد عن كل ما قد يؤدي إلى بث الفرقة والشحناء بين الناس فقال: «لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره التقوى هاهنا - ويشير إلى صدره ﷺ ثلاث مرات بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه».