الحرب فى أوكرانيا: هجمات روسية على أماكن مُقدسة للأديان الإبراهيمية
طالت الحرب في أوكرانيا أماكن العبادات والأماكن المقدسة التي تحظي بأهمية خاصة لدى الشعب الأوكراني؛ إذ وصلت نيران الهجمات الروسية إلى مواقع للديانات الإبراهيمية الثلاث، من مساجد و كنائس وأديرة في مدينة ماريوبول، وكذلك موقع لذكرى الهولوكوست (المحرقة النازية) في ضواحي كييف.
ماريوبول.. مدينة القديسة مريم
أشد الأضرار لحقت بمدينة "ماريوبول" التي يطلق عليها مدينة القديسة مريم والتي تحولت إلى مدينة الشهداء حسب وصف البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان؛ إذ أصبحت تجسيدًا لكارثة إنسانية وإبادة جماعية للمدنيين على نطاق لم يسبق له مثيل منذ الحرب العالمية الثانية.
أفادت تقارير أجنبية بأن الهجمات الروسية طالت الأحياء والبنية التحتية المدنية، وأن 80 % من منازل المدينة إما دمرت بالكامل أو تضررت بشدة؛ حسب التقديرات، أصبحت ماريوبول غير صالحة للحياة، ولا يوجد بها تدفئة مركزية وإمدادات مياه وكهرباء.
ووفقًا للبيانات الرسمية، قُتل 7000 مدني بالفعل جراء القصف الروسي، في حين أن عدد القتلى غير الرسمي قد يصل إلى 20000، وعدد الجرحى أكبر بكثير، وأضافت التقارير من أوكرانيا أن الجثث تُدفن في مقابر جماعية - في الخنادق والحدائق العامة وعلب القمامة؛ بسبب القصف المتواصل لم يعد هناك مكان في مقابر المدينة التي مزقتها الحرب. لا يمكن استعادة بقية الجثث وهي ملقاة في العراء.
كما قصفت قوات الجيش الروسي، ديرا مسيحيا أرثوذكسيا كان يحتمي به عشرات اللاجئين من القصف المحيط بهم من كل الاتجاهات، وذلك وفقًا لما نقلته صحيفة ديلي ميل البريطانية، كان يوجد بالملجأ الذي تم قصفه في مدينة دونتك نحو ألف لاجئ وفقًا لتقديرات الصحيفة البريطانية.
مسجد السلطان سليمان
أكدت وزارة الخارجية الأوكرانية، تعرض مسجد لجأ إليه 80 مدنيا بينهم أتراك للقصف الروسي في ماريوبول في جنوب شرق أوكرانيا، حيث يُحاصر آلاف الأشخاص هناك منذ أيام.
وذكرت الوزارة في تغريدة على تويتر: قصف الغزاة الروس مسجد السلطان سليمان وزوجته روكسولانا في ماريوبول، وأضافت أن أكثر من 80 مدنيا بينهم أطفال كانوا يحتمون هناك، ومن بينهم مواطنون أتراك، دون أن تُحدد متى وقع القصف.
وكانت منظمة أطباء بلا حدود قد أشارت في وقت سابق إلى أن الوضع في المدينة الساحلية " مايوبول" ميؤوس منه، والمدنيون يحاولون الفرار ويعانون من نقص المياه والتدفئة فيما المواد الغذائية شارفت على النفاد.
نصب كييف التذكاري للهولوكوست
أدانت مجموعات يهودية هجومًا صاروخيًا بالقرب من حديقة تذكارية للهولوكوست في كييف، في ذكرى مقتل اليهود على أيدي النازيين في الحرب العالمية الثانية. وأسفر الهجوم الصاروخي الذي استهدف برج تلفزيوني قريب عن مقتل خمسة مدنيين، ولم يتمكن الموظفون في البداية من الوصول إلى موقع بابين يار لتقييم الضرر.
موقع الهجوم يسمى "بابين يار" وهو مواقع لواحدة من أكبر عمليات القتل الجماعي التي تعرض لها اليهود أثناء المحرقة النازية، حيث تم اصطفاف اليهود وإطلاق النار عليهم، فيما يعد النصب التذكاري هناك يحمل قيمة خاصة جداً لأوكرانيا، ويعتبر أحد المعالم مهمة في عاصمتها.
التقارير الأولية تشير إلى أن معظم النصب التذكارية في الحديقة لم تتضرر، وتشمل هذه الشمعدان الكبير والمعبد اليهودي الذي تم بناؤه حديثًا ونصبًا تذكاريًا لتكريم المواطنين السوفييت وأسرى الحرب الذين لقوا حتفهم، والذي يقع بالقرب من برج التليفزيون.
بينما اشتعلت النيران في مبنى متحف لم يكن قيد الاستخدام بعد، ووقعت أضرار في الموقع الذي تبلغ مساحته 140 فدانًا، إذ احترقت الأشجار به، حسب تقرير لـ" بي بي سي".
بابين يار هو أحد أكبر المقابر الجماعية في الحرب العالمية الثانية في أوروبا، وفيه وقعت مذبحة الوادي في ضواحي كييف على مدى يومين في سبتمبر 1941، وفقًا لسجلات النازيين، قُتل 33771 يهوديًا على مدار يومين، في هذا الموقع.
بابين يار أصبح لاحقاً مكان للتأمل، حيث يسافر الآلاف من الناس كل عام لتذكر أولئك الذين ماتوا، فعملية تدميره تمس بشكل عميق اليهود والمتعاطفين مع الهولوكوست في أوكرنيا، والشعب الأوكراني بشكل عام الذي يقدس تاريخه.
قال رئيس المجلس الاستشاري لبابين يار، ناتان شارانسكي ، "إنه أمر رمزي أن يبدأ [الرئيس الروسي فلاديمير بوتين] في مهاجمة كييف بقصف موقع بابين يار، في موقع أكبر مذبحة نازية".
وقال الرئيس الأوكراني زيلينسكي بعد الهجوم: "تُظهر مثل هذه الضربة الصاروخية أنه بالنسبة للعديد من الناس في روسيا ، فإن كييف بلد أجنبي تمامًا. فهم لا يعرفون شيئًا عن عاصمتنا. عن تاريخنا".