مجلس الدولة يرفض دعوى رد 1.6 مليون جنيه لمسئول بوزارة الخارجية
أصدرت المحكمة التأديبية بمجلس الدولة، اليوم الأحد، قرارًا بقبول الطعن المقام من وكيل وزارة ضد وزير الخارجية بشأن أحقيته في استرداد مبلغ 1.6 مليون جنيه كان قد سددها أثناء التحقيق الجنائي معه شكلا، ورفضه موضوعا، وألزمت الطاعن المصروفات.
وكشفت المحكمة أسباب حكمها أن الثابت بالأوراق أن الطاعن كان يشغل وظيفة بالكادر الإداري بوزارة الخارجية منذ تعيينه عام 1981، وأنه في غضون عام 2011 بعد توليه وظيفة تعادل وكيل وزارة للشئون المالية قام بعض العاملين بالوزارة بتقديم شكوى للنيابة الإدارية ضد الطاعن وأخرين من العاملين بذات الوزارة بشأن حصولهم على مبالغ مالية (تكاد تكون بصفة يومية) تحت مسمى لجان أو مكافآت واستخراج استمارات الصرف بتلك المبالغ في طي الكتمان دون حفظ الاستمارات في الإدارة المختصة.
وكذلك قيامهم بصرف بعض المكافآت باسم بعض الإدارات دون علمها وإعطائها جزءً منها والاستيلاء على الباقي ، وإلحاق المشكو في حقهم بالعمل للخارج لمدد تتراوح بين شهر وثلاثة أشهر وصرف مبالغ مالية عن الإلحاق بواقع شهرين عند محطة الوصول دون اتباع شهرية الصرف، واحتساب مرتب الإلحاق بما يفوق مرتب رؤساء البعثات حيث يتم التحايل بإنشاء فئات متميزة مثل بدلات رئيس القطاع ورئيس الإدارة المركزية والتي تستخدم في احتساب المرتبات الإضافية الخاصة بالمهمات التفتيشية.
وبناء على ما تقدم وبناء على تحريات هيئة الرقابة الإدارية واللجنة المنتدبة من النيابة العامة من الجهاز المركزي للمحاسبات فقد قيدت الواقعة لدى نيابة الأموال العامة برقم 471 لسنة 2011 حصر أموال عامة عليا والمقيدة برقم 255 لسنة 2011 حصر تحقيق أموال عليا، واتهم فيها الطاعن وأخرين باختلاسهم مبالغ مالية عهدتهم والمسلمة لهم كسلف مؤقتة عند استلامهم عملهم بالسفارات الملحقين بها بموجب قرارات الإلحاق الصادرة لهم وبمناسبة وظيفتهم، وذلك عن طريق التزوير بإقرارات إخلاء الطرف الخاصة بهم بإثباتهم على خلاف الحقيقة أداء عملهم طيلة المدة المحددة بقرارات الإلحاق وتقديمها لجهة عملهم سترًا لجريمتهم.
إلا أنه إبان التحقيقات أقر المتهمون (ومن بينهم الطاعن) برغبتهم في التصالح وسداد المبالغ التي قاموا باختلاسها، وإزاء ذلك صدر قرار النيابة العامة بقبول التصالح وسداد تلك المبالغ المختلسة بما يعادلها بالعملة المصرية وقت صرفها، وتمت مخاطبة وزارة الخارجية المصرية لتحصيل تلك المبالغ كاملةً، وبناء على ذلك فقد قامت النيابة العامة بالتقرير بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية من قبيل عدم الأهمية لجبر الضرر بسداد المتهمين (ومن بينهم الطاعن) لكامل المبالغ المختلسة وتم حفظها إداريا، وبناء على ما تقدم فقد قام الطاعن بسداد مبلغًا قدره (مليون وخمسمائة وواحد وخمسون ألفا وثمانمائة واثنان وثمانون جنيها وخمسة وثلاثون قرشا).
وتبين للمحكمة أن المبالغ التي سددها الطاعن للوزارة المطعون ضدها كانت بناء على طلب منه، عُرض على السلطات المختصة لبحث الموافقة عليه من عدمه، فلم يكن بناء على قرار بالتحميل في مواجهته، وإنما بناء على ما وجده في موقفه في التحقيقات المجراة معه أمام النيابة العامة، فكان سداده تلك المبالغ درءا لهذا العجز وتسوية له تلافيا للمسئولية الجنائية المحتملة في وجهة نظره رغم عدم انتهاء التحقيقات، ولا أدل على ذلك مما انتهت إليه مذكرة تصرف النيابة العامة في التحقيقات من الوقوف بإجراءات التحقيق عند حد موافقة الوزارة المطعون ضدها على طلبه سداد قيمة المبالغ المختلسة عهدته، فلم تتدخل الوزارة المطعون ضدها بمطالبته بهذه المبالغ.
إذ غُلَّت يدها عن أمره بمجرد عرضه على النيابة العامة لاتخاذ شئونها وفقا للقانون، فكانت مبادرته بسداد تلك المبالغ بإرادته نتيجة لما نضحت به الأوراق من يقين وقَرَ في نفسه حينها من ثبوت عجز في عهدته، دون إكراه عليه أو مطالبة له بسداد تلك المبالغ المشار إليها، إذ لم يقدم من الأدلة ما يقيم ادعاءه في هذا الشأن على سوقه السليمة من الواقع بحسبان أن عبء الإثبات يقع على عاتق المدعي، إذ البيِّنة على من ادعى، فقام والحال كذلك طعنه الماثل على غير سند من واقع أو قانون.
وتأكيدًا لما تقدم بيانه، فقد قضت هذه المحكمة، بهيئة مغايرة، بمجازاة الطاعن بالوقف عن العمل لمدة ستة أشهر مع صرف نصف الأجر في الدعوى التأديبية رقم (44) لسنة 55 ق بجلسة 17/12/2014، على سندٍ من ثبوت المخالفة التأديبية في شأن الطاعن والمتمثلة فى وجود عجز فى عهدته، ولم تعول المحكمة فى قضاءها على ما انتهت إليه النيابة العامة من حفظ التحقيق في شأن الواقعة ذاتها، باعتبار أن الحفظ للسداد وجبر الأضرار المالية لا ينفي وقوع المخالفة، وأن جريمة الاستيلاء على المال العام وإن كانت تتطلب نية خاصة بالقصد الجنائي إلا أن ذلك لا يمنع من ثبوت المخالفة التأديبية، وقد أضحى هذا الحكم حائزا لقوة الأمر المقضي به، وبالتالي فقد أصبح حجة فيما فصل فيه من حقوق، ولا يجوز قبول أى دليل ينقض هذه الحجية، فأصدرت المحكمة حكمها المتقدم