زيارة هرتسوغ إلى أنقرة.. تحديات تواجه إسرائيل عند التقارب من تركيا
يتوجه الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ إلى تركيا غداً الأربعاء، تلبية لدعوة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وقالت مصادر سياسية رفيعة المستوى في إسرائيل إنه قبل زيارة هرتسوغ إلى تركيا قامت بعثة إسرائيلية بزيارة إلى كل من أنقرة وإسطنبول من أجل الإعداد لهذه الزيارة، كما قام مستشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونائب وزير الخارجية التركي بزيارة تمهيدية إلى إسرائيل.
سبق زيارة هرتسوغ لتركيا، زيارتين إلى قبرص واليونان، فكما يبدو يحاول الرئيس الإسرائيلي أن يوازن بين الدول الثلاث الذين تسود فيما بينهم علاقات مشحونة ومتوترة.
تلقى زيارة هرتسوغ إلى أنقرة الضوء على العلاقة المُضطربة بين إسرائيل وتركيا، والتحديات التي تواجها إسرائيل إذا نجح هذا التقارب..
العلاقات بين تركيا وإسرائيل
كانت علاقة إسرائيل بتركيا في العقد الأخير عاصفة، وشهدت عدة أزمات سياسية، ففي عام 2010 اتسع التعاون الأمني بين الدولتين، بل إن إسرائيل طلبت من تركيا التدخل كوسيط بينها وبين سوريا.
تغيرت الأوضاع وتدهورت العلاقات في مايو من نفس العام، على أثر قضية "مرمرة"، عندما هاجمت إسرائيل السفينة التركية "مرمرة" في وسط البحر، وأرسلت مقاتلي فرقة شييطت (13) للسيطرة عليها، وكانت أبرز نتائج الحادث انخفاض في صفقات السلاح، وتقلّص التدريبات الجوية المشتركة والسياحة، وإلغاء مشروع تسويق الغاز الطبيعي من شواطئ إسرائيل إلى أوروبا عبر تركيا.
في عام 2016 جرى الاتفاق على عودة تطبيع العلاقات بين الدولتين، لكن في عام 2018 طردت تركيا السفير الإسرائيلي من أنقرة واستدعت سفيرها في تل أبيب بعد مقتل 61 فلسطينياً تظاهروا بالقرب من الحدود مع القطاع احتجاجاً على اعتراف إدارة دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل
أهداف التقارب التركي
تبادل الزيارت بين إسرائيل وتركيا خلال الأسابيع الأخيرة يدل على وجود استعداد لدى أنقرة لإعادة النظر في العلاقات مع إسرائيل، بعد أكثر من عقد من العلاقات المضطربة، بالنسبة لتركيا فإن هذا هو التوقيت الملائم لأن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو لم يعد في السلطة، كما تبدلت الإدارة الأمريكية، ولم تعد "صفقة القرن" التي طرحها الرئيس دونالد ترامب على جدول الأعمال.
تريد أنقرة تسريع تطبيع العلاقات مع إسرائيل من أجل إجراء المحادثات بشأن مشروع نقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا عبر تركيا، وازدادت هذه الفكرة إلحاحاً على أثر الحرب في أوكرانيا، ورغبة الدول الأوروبية في التخلص من تعلقها بالغاز الروسي وفتح أفاق جديدة للاستيراد من دول أخرى.
تحديات تواجه إسرائيل
بشكل عام لايوجد مشكلة لإسرائيل مع تركيا، لكن لدى إسرائيل مشكلة واضحة مع الرئيس التركي، فضلاً عن أزمة ثقة لدى الإسرائيليين من الأتراك، فإسرائيل لديها تحفظات واضحة على الخطاب التركي نحوها، وتصريحات المسؤولون الأتراك العنيفة ضد إسرائيل.
التوقعات الإسرائيلية تشير إلى أن الرئيس التركي لن يتوقف عن توجيه الانتقادات العنيفة لإسرائيل، ولا توجد أي مؤشرات إلى أنه لن يكرر هذا حتى بعد تطبيع العلاقات بين الدولتين.
إسرائيل من جانبها، من المتوقع أنها لن تتسرع في تطبيع علاقتها بتركيا، خاصة أنها تولى لعلاقتها مع اليونان وقبرص أهمية خاصة، حيث لعبت اليونان دوراً حيوياً لإسرائيل خلال السنوات الأخيرة، حيث صادقت حكومة اليونان لسلاح الجو الإسرائيلي بأن يتدرب في مجالها الجوي، واشترت اليونان الصناعات الأمنية الإسرائيلية، ومن المشكوك فيه أنها تعرض علاقتها معهما للخطر بسبب علاقة "غير مضمونة" مع أنقرة.
بالنسبة لإسرائيل فإن ترميم العلاقات بين إسرائيل وتركيا يجب ألا يأتي على حساب الأرصدة الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية والأمنية التي بنتها إسرائيل مع جيران آخرين في شرق البحر الأبيض المتوسط، وقد تكون هي الرسالة التي نقلها الرئيس الإسرائيلي هرتسوغ إلى القيادة في أثينا وقبرص الأسبوع الماضي.
فضلاً عن البُعد الإقليمي للعلاقات بين إسرائيل وبين اليونان وقبرص، في منتدى الغاز لدول شرق البحر المتوسط الذي أقيم بصورة رسمية سنة 2020 وضم أيضاً كلاً من إيطاليا، ومصر، والأردن، والفلسطينيين، وتقوم فيه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بدور مراقبين.