كيف تعيش المرأة اليمنية في ظل الحرب؟
منذ اندلاع حرب اليمن في 2014، شهد وضع النساء في البلد الفقير ذي المجتمع الذكوري المحافظ تراجعًا حقيقيًا، بحسب مديرة مركز المرأة والتدريب في جامعة عدن هدى علي علوي.
من القتل، إلى الفقر، إلى النزوح، قلب النزاع بين القوات الحكومية والمتمردين الحوثيين حياة ملايين اليمنيين رأسا على عقب، لكنّه سلبهم أيضا العديد من الحريات والحقوق. ويشير صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى أن النساء خصوصا في أفقر دول شبه الجزيرة العربية، دفعن فاتورة باهظة نتيجة النزاع.
في الآتي ثلاثة أسئلة وأجوبة ضمن حوار أجري في عدن مع هدى علي علوي (51 عاما) التي تولّت رئاسة "مركز المرأة والتدريب" في 2010، وقد أعدت دراسات من بينها دراسة حول العنف القائم على النوع الاجتماعي في 12 محافظة يمنية:
ترى "علوي" أن الحرب الدائرة في اليمن "ألقت بظلالها على وضع المرأة من الناحية المعيشية و(تسببت) بتراجع مستوى التعليم"، وانعكس ذلك "بانتشار ظواهر كثيرة مثل الزواج المبكر".
وتضيف "هناك تسرب كثير للفتيات من التعليم بسبب صعوبة الحياة، وبسبب انتشار النزوح، وفقد الكثيرون مصادر عيشهم وأصبح تعليم المرأة ثانويا وليس من الأولويات".
وتشرح علوي أيضا أن "ظاهرة العنف القائم على النوع الاجتماعي" ازدادت، مشيرة إلى أنّ "هناك مئات الحالات والوقائع"، ولكن "نتيجة تحفظ المجتمع كل المحيط يدفع المرأة الناجية إلى التحفظ على اعتبار أنه أفضل ولصالحها".
وتتابع "من خلال الواقع الذي نعيشه اليوم، نستطيع أن نقول إنه ليس بمستوى تطلعات الحركة النسوية، وإن اليمن تراجع في كل المؤشرات، وبشكل أكبر على مستوى تمكين النساء".
تقول إن "التحديات تأتي من المؤسسات السياسية والاجتماعية والدينية".
ومع أن المركز يتواجد في مدينة عدن الساحلية في الجنوب حيث مقر الحكومة اليمنية الموقت، تقول علوي تقول إن لا وجود "لأي دعم أو تبنّ أو تشجيع من المؤسسات القيادية والسياسية وحتى الأكاديمية" للبرامج التأهيلية التي يطرحها.
وبحسب علوي، فإنّ الكثيرين يعتقدون أن "البرامج القادمة من الخارج (اي التي تحظى بدعم أو تمويل دولي) تأتي لتحويل المجتمع من مجتمع محافظ الى مجتمع إباحي"، مشيرة إلى أن "منابر المساجد لا تتوقف" عن انتقاد المدافعات عن حقوق المرأة.
وتضيف "هناك الكثير من التهديدات العلنية وغير المباشرة" للنساء اللواتي يحاولن قيادة تحركات معينة تحسن من وضع المرأة.
وترى أن الناشطات في مجال حقوق المرأة يمارسن "نوعًا من الرقابة الذاتية"، مشيرة إلى أنهن "يحاولن تخفيف الفجوة" مع المجتمع.
كبرت علوي في دولة اليمن الديموقراطية الشعبية (الجنوب، عندما كان اليمن مقسوما قبل 1990) التي كانت تتبع النظام الماركسي الوحيد في العالم العربي منذ عام 1970.
وتقارن علوي بين المجتمع الذي ترعرعت فيه وما أصبح عليه اليوم، موضحة "كان تمكين وتعليم المرأة أولوية. كانت النساء حاضرات في المشهد السياسي وفاعلات أكثر".
بعد الوحدة عام 1990 وحتى 2015، كانت مشاركة المرأة "رمزية" في الحياة العامة، إذ "حاولت السلطات إقناع الداخل والخارج إنها مناصرة لقضايا المرأة"، عبر "جمع نساء وإشغالهن بتقارير وقضايا ومؤتمرات صورية بمعزل عن التأثير على السلطات".
بعد 2015، حدث "تغييب حقيقي للنساء"، معتبرة أنه "متعمد".
ووفقا لها، فإنّ "مستقبل المرأة اليمنية مرهون بتغيير أنظمة الحكم، هذه الأنظمة السياسية العتيقة غير قادرة على مواكبة العصر".