في ذكرى مولده.. محمد علي باشا أسس عيادات مجانية بالقاهرة لرعاية شعب مصر
كان أميًا، لكنه أول من بعث الإرساليات التعليمية للخارج، و لم يكن مصريًا، لكنه كان من أوائل من حاولوا الاستقلال بالدولة المصرية بعيدًا عن السلطنة العثمانية، حتى أنه هدد السلطان العثماني في عقر داره.
وذلك من خلال حملة عسكرية قادها ابنه إبراهيم باشا وانتصر فيها على القوات العثمانية ليفتح أمامه الطريق إلى الأناضول، بعد معركة بيلان، واستولى على ولاية أضنة ثم طرسوس، ثم أرسل جزءًا من قواته فاحتلت أورفه وعنتاب ومرعش وقيصرية، إنه محمد علي باشا مؤسس مصر الحديثة والذي تحل اليوم الذكرى الـ 253 لمولده، حيث ولد في مثل هذا اليوم من العام 1769.
يقول عنه الطبيب الفرنسي أنطون برتيلمي كلوت بك ــ والذي حصل علي لقب بك من محمد علي باشا مكافأة علي جهوده ونجاحه في مقاومة وباء الكوليرا في مصر عام 1820 هو وتلاميذه ــ في مذكراته التي حملت عنوان "لمحات عامة إلي مصر"، محمد علي باشا شديد التمسك بدينه من غير تعصب ولا تنطع. ولقد أظهر دوما من التسامح نحو الأديان جميعا ما هو مشاهد بالعيان. واتخذ من الوسائل ما كفل للمسيحيين الاحترام والتوقير وأولي البعض منهم مودته ووضع فيه ثقته ورفعهم إلى الرتب العالية وسلمهم مقاليد الحكم والقيادة،وأنعم عليهم برتبة البكوية ولكي يتغلب علي ما تحكم من التقاليد الباطلة في نفوس حاشيته وشعبه الذين كانوا ينفسون عليه عطفه علي الأجانب تدرع بالشجاعة والإقدام لمكافحة تلك النزعة فيهم.
ــ محمد علي باشا وتأسيس العيادات المجانية في القاهرة
وفي كتابها "أرواح في خطر".. الصحة العامة في مصر القرن التاسع عشر، تذهب مؤلفته لافيرن كونكه"، إلي أن اعتناء محمد علي باشا بصحة عوام الناس في ١٨٤٥ ــ كما ورد في الجريدة الرسمية ــ دفعه إلي إنشاء عيادات شعبية في العاصمة وتكليف وزارة التعليم بمسئولية تزويد هذه العيادات بأطقم العمل ومنهم الأطباء المدربون الذين يقدمون علاجا مجانيا للجميع، وخصوصا الفقراء.
وكانت المهام الكبيرة للمراكز الطبية هي صيانة الصحة العامة عن طريق تطعيم الأطفال ضد الجدري/ ومتابعته بجرعات تطعيم منشطة واتخاذ الخطوات الملائمة للوقاية من اجتياح أوبئة الطاعون، كما كانت مهمة هذه العيادات أيضا التصدي لعلاج الأمراض الشائعة مثل الرمد والجرب والزهري والأطراف المخلوعة أو المكسورة، وهي الأمراض التي يوفر لها صيادلة المستشفى المدني أدوية مناسبة وكافية، وتصل المهام عند العجزة من المرضي أو الذين لا يستطيعون الذهاب إلى العيادات، فيستطيعون استدعاء الطبيب النوبتجي من أقرب مركز طبي إلي منازلهم، طبقا لأقوال جريدة الوقائع المصرية.
بعد ذلك بسنتين، صدر فرمان آخر يحدد بوضوح مسؤوليات عيادات البلدية في الإسكندري، الاستشارة الطبية المجانية لكل سكان المدينة، إرسال الحكيمة لمناظرة المحتجزين بأقسام الشرطة، التحقق من أسباب الوفاة وتصريح الدفن، الإشراف علي تنظيف الشوارع ومرافق المباني.
- تأسيس جريدة الوقائع المصرية خطوة إيجابية نحو الإدارة الرشيدة
وتلفت "لافيرن كونكه" إلى أن، تأسيس جريدة الوقائع المصرية كخطوة إيجابية أخري نحو الإدارة الرشيدة، وذلك بهدف إعلام كل مستويات الموظفين بالتطورات الاقتصادية والسياسية والإدارية. استمدت الجريدة أخبارها من تقارير منتظمة يبعث بها موظفي المحافظات والمناطق، الذين شكلوا معا نظاما للاتصال بين مركز الحكومة وأطرافها. وتحت إدارة محررين متمكنين درسوا بالخارج. أصبحت الجريدة قناة الموظفين الحكوميين المحليين للوصول إلي المعلومات والتوصيات المتخصصة التي تنشرها جهات الاستشارات الفنية التابعة للوالي، مثل المجلس الطبي في القاهرة.
وأخذت الجريدة تشرح لموظفي المحليات أحدث ما تقوم به الحكومة من أنشطة في صورة التدابير المحسنة للصحة العمومية، وهكذا منحت الجريدة، التي تأسست تقريبا في نفس توقيت مدرسة الطب المصرية، تسجيلا وإن لم يكن مكتملا ولكنه مفيد وكاشف لما أحرزته مدرسة الطب من تقدم وما عانت منه من خيبات، وكذلك تسجيل لما حققه طلبتها وخريجيها، وتطور ونمو مسؤولياتهم كأطباء حكوميين.