على جمعة: ليس هناك أمة تصلى لله خمس مرات يوميًا سوى المسلمين
قال الدكتور علي جمعة: «لقد اختار الله تعالى شهر رجب الكريم الذي تصب فيه الرحمات لفرض الصلاة على المسلمين، والصلاة آية من آيات الله تدل على أن النبي المصطفى والحبيب المجتبى ﷺ إنما هو رسول الله ، فلو كان هذا الدين من عند سيدنا محمد ﷺ ما فرض علينا الصلاة تكثيرًا للخلق حتى يدخلوا في دين الله أفواجًا، فإن صلاة المسلمين تكليف وتشريف.
وتابع: ليس هناك أمة في الأرض تصلي لله كل يوم خمس مرات سوى المسلمين، فالحمد لله الذي جعلنا مسلمين تكليف؛ والتكليف فيه مشقة، وكان من المنتظر أن الناس تهرب من المشقة؛ ولكننا رأينا الإسلام ينتشر شرقًا وغربًا، في كل العصور، حتى صرنا في أواخر هذا العصر من أكثر الأديان تبعًا على وجه الأرض، ارتد الناس كثيرًا عن أديانهم، وأقل القليل من المسلمين من يرتد عن دينه.
وأضاف، فالصلاة برنامج يومي فيه تكليف ومشقة ، ولأنها من عند الله فهى تدخل اللذة في قلوب المسلمين لو عرفها الملوك وأباطرة الأرض لقاتلونا عليها، وهى صلة بين الإنسان وبين الرحمن، وعلاقة بين الإنسان وبين الأكوان.
وأوضح "جمعة" عبر صفحته الرسمية قائلا: إذن، فهو شهر كريم فرضت فيه الصلاة على غير مثال سابق من الأديان السابقة التي أنزلها الله للبشر، وفي حديث البخاري: «أن النبي ﷺ قاوله موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، فقد فرض الله خمسين صلاة، -وأخذ موسى في نصيحة النبي أن يراجع ربه في ذلك ويقول له-: لقد ابتليت بالناس من قبلك» إذا كان سيدنا النبي محمد ﷺ يعلم هذا فكيف يفرض على الناس خمس صلوات؟ الحقيقة أنه لم يفرض شيئًا، الذي فرض هو الله تعالى{أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} ، {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} ، فعدّنا سبحانه وتعالى من أمة يريد منها الخشوع، ويريد منها أن تعبده بحب في قلبها، وبرحمة في سلوكها، وبوضوح في عقلها.
واستطرد: في هذا الشهر الكريم المحرم الفرد صاحب الرحمات، أسري بالنبي المصطفى والحبيب المجتبى ﷺ من مكة إلى بيت المقدس، وعرج به من بيت المقدس إلى سدرة المنتهى، إلى العرش، ونحن نسمي هذا مجازًا بالمعجزة، المعجزة سميت كذلك في لغة العرب؛ لأنها تعجز من رآها ، خارقة من خوارق العادات تخرج عن سنن الله الكونية، لا يستطيع من أمامي أن يأتي بها، مع ادعاء صاحبها النبوة والرسالة وتلقي الوحي من عند رب العالمين؛ ولكن الإسراء والمعراج لم يشهده أحد؛ ولذلك فهو فوق المعجزة، ولذلك فليس الغرض منه أن يعجز الناس، لأن الناس لم تره، إنما الغرض منه أن يؤسس لعقيدة، فهناك معجزات رأها الناس كنبع الماء من بين أصابعه الشريفة ﷺ فسقى الجيش، وشربوا من هذا الماء القراح الزلال الطيب من بين أصابع النبي المصطفى ﷺ ، وهو خير ماء خلق على وجه الأرض.
وأضاف "جمعة" قائلا: فالماء الذي نبع من بين يدي النبي ﷺ إنما هو معجزة، لأن الناس رأته وشربت منه، ورأت كيف يتدفق ويفور ويكفي الجيش كله، وقد ثبت عنه ﷺ أكثر من ألف معجزة، ولذلك كان يقول: «كيف تكفرون وأنا فيكم» يعني يرون المعجزات تترى بالليل والنهار، ولكن الإسراء والمعراج لم يره أحد، ولم يصاحب النبي ﷺ أحد من صحابته حتى يطمئن الناس من المشركين بصدق الخبر، إذن فغرضه شيء آخر "تأسيس عقيدة": {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}، وأنه لا حول ولا قوة إلا بالله.