رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أصداء الحرب الروسية الأوكرانية..

أنظار أوروبا تتجه للخليج لتغطية إمدادات النفط والغاز

جريدة الدستور

تتردد أصداء النزاع الروسي الأوكراني في الخليج الغني بموارد الطاقة حيث يواجه كبار منتجي النفط والغاز معضلة اقتصادية وسياسية تتعلق بالمساعدة على وقف ارتفاع الأسعار وتغطية النقص المحتمل في الإمدادات في أوروبا.

ومع تجاوز أسعار النفط مستوى 100 دولار للبرميل وتنامي مخاطر حدوث اضطرابات في إمدادات الطاقة جراء العملية العسكرية الروسية ضد أوكرانيا، تتجه أنظار أوروبا إلى السعودية، أحد أكبر مصدري الخام، وقطر، أحد أكبر مصدري الغاز، إلا أن حسابات الرياض والدوحة تبدو أبعد من تحقيق مكاسب مالية سريعة.

وتقول مديرة برنامج الاقتصاد والطاقة في "معهد الشرق الأوسط" بواشنطن «كارين يونج» لوكالة فرانس برس «إنهم يواجهون (دول الخليج) واقعًا يزداد فيه الطلب على صادراتهم الرئيسية»، وهي موارد الطاقة.

غير أنها تؤكد أن القدرة على زيادة إنتاج النفط ونقل إمدادات جديدة من الغاز الطبيعي المسال "ليست بهذه البساطة".

وتوضح يونج أن "ظروف الاستثمار بالنسبة لأي منهما (النفط والغاز) ليست ملائمة بما فيه الكفاية أو جاهزة لتكون بمثابة + حل خارق + في حال انهيار إمدادات النفط والغاز الروسي إلى أوروبا أو على مستوى العالم".

وتشكل الإمدادات الروسية حوالي 40 في المئة من حاجة الغاز الأوروبية، فيما يتجه نحو 2.3 مليون برميل من الخام الروسي غربًا كل يوم عبر شبكة من خطوط الأنابيب.

وكانت هناك آمالًا في أوروبا وواشنطن في أن تقوم الدوحة، أحد أكبر مصدري الغاز الطبيعي المسال في العالم، بإعادة توجيه الصادرات المخصصة للأسواق الآسيوية إلى أوروبا.

في موازاة ذلك، دعا بعض مستوردي النفط الرئيسيين تحالف "أوبك بلاس" بقيادة السعودية وروسيا إلى الضخ بشكل أكبر، وضغطوا على دول بينها السعودية لاستخدام جزء من طاقتها الإنتاجية الاحتياطية.

وتعتمد الدولتان الثريتان، كحال الدول المجاورة الأخرى المنتجة لموارد الطاقة، الحذر الشديد ولا تتسرعان في اتخاذ أي خطوات.

وأوضحت قطر أن لديها قدرة محدودة أو حتى شبه معدومة في تحقيق إنتاج إضافي من الغاز الطبيعي المسال، متحدّثة عن قيود على الكميات التي يمكن تغيير وجهتها.

وفي قمة عقدت بالدوحة هذا الأسبوع - ألقت بظلالها عليها الأزمة الأوكرانية المتفاقمة - قالت الدول الرئيسية المصدّرة للغاز، ومن بينها روسيا، إنها لا تستطيع ضمان مستوى الأسعار أو الإمدادات.

في غضون ذلك، لم تُظهر السعودية أي نية لزيادة الإنتاج بينما لا تزال لاعبًا رئيسيًا، إلى جانب روسيا، في تحالف "أوبك بلاس" الذي يتحكم بكميات الإنتاج لتحقيق الاستقرار في السوق منذ سنوات.

وتقول نائبة رئيس مكتب مؤسسة "إنرجي انتليجنس" المتخصصة بالطاقة أمينة بكر: "أوبك بلاس أشارت حتى الآن إلى نيتها التمسك بالاتفاق" القاضي بتحديد الإنتاج وتحديد الحصص للدول المصدرة للنفط، مضيفة "إذا قرروا الضخ بأقصى حد، فقد يكون هذا سببًا آخر لارتفاع الأسعار بشكل أكبر"، لأن المخزون النفطي سيتضاءل.

وقطر والسعودية حليفتان للولايات المتحدة لكنّهما قريبتان أيضًا من موسكو، فبينما تستضيفان قوات أمريكية على أراضيهما، تطوّرت علاقاتهما الاقتصادية والسياسية مع روسيا على مر السنين.

ويرى الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية "بن كاهيل" أنّ "السعودية ترى قيمة كبيرة في إبقاء روسيا شريكًا مع أوبك".
وأضاف: "إذا ساءت الأمور وكان هناك ضغط لمعاقبة روسيا، فأعتقد أنهم سيؤكدون أن أوبك بلاس منظّمة تكنوقراطية" تعمل لصالح السوق، أي أن السعوديين سيدافعون عن تقاربهم النفطي مع موسكو.

بعيدًا عن معضلة الأسعار وتغطية النقص، تمنح الأزمة دول الخليج المنتجة للنفط والغاز، الفرصة لتسليط الضوء على أهمية مواردها، بينما تتعرّض لضغوط للتحول السريع إلى اقتصادات خضراء.

وخلال قمة الدوحة، أصرّت قطر على أنّ الأسعار القياسية في أوروبا ترجع جذورها إلى نقص الاستثمار، أي حتى قبل الأزمة الأوكرانية، وطالبت بعقود طويلة الأجل تصل إلى 25 عامًا.

وتقول يونج: "هذه لحظة قد يكون لهم فيها نفوذ للتأكيد على أهميتهم في الاقتصاد العالمي وفائدتهم كمنتجين أصحاب قرار".