السنيورة: الدولة اللبنانية مختطفة
قال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق فؤاد السنيورة إن الدولة أصبحت مخطوفة ومرتهنة، ولم تعد هي صاحبة السلطة والنفوذ والقرار في البلاد ، داعيا اللبنانيين للمشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة ترشيحا واقتراعا وعدم المقاطعة، ومؤكدا أنه يدرس موضوع ترشحه للانتخابات بشكل جدي، وسيحسم قراره خلال الأسابيع القادمة قبل غلق باب الترشح.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده اليوم استعرض خلاله التطورات والأوضاع الراهنة، حيث أكد السنيورة أحترامه لإرادة رئيس تيار المستقبل سعد الحريري بتعليق مشاركته ومشاركة تيار المستقبل في العمل السياسي.
وأكد السنيورة أنه كان ولا يزال يسير على النهج الوطني الساعي ليكون تيار وطني لبناني واسع عابر للطوائف والمذاهب، مشددا على ضرورة المشاركة في الانتخابات ومواجهة الصدمات والتحديات الكبرى التي يتعرض لها لبنان.
وأشار فؤاد السنيورة إلى ما آلت إليه الأحوال الوطنية والسياسية والاقتصادية والمالية والمعيشية في لبنان، معتبرا أن البلد يشهد صدمات وانهيارات أصبحت تطيح بثقة اللبنانيين بدولتهم وبمسؤوليهم السياسيين،كما تطيح بثقة الأشقاء والأصدقاء بلبنان وبدولته، واصفا الأوضاع الحالية بالخطيرة والتي تستوجب صدقا وصراحة وشجاعة وطنية وسياسية وادبية وأخلاقية.
وقال السنيورة إن لبنان يواجه أزمة وطنية وليست طائفية أو مذهبية، معتبرا أن الدولة اللبنانية أصبحت مخطوفة ومرتهنة، ولم تعد هي صاحبة السلطة والنفوذ والقرار في البلاد ، مشيرا إلى أن هناك حاجة ماسة لأن يدرك ويتفاعل الجميع مع هذه الأزْمة للمبادرة إلى المشاركة في إيجاد الحلول لها، وذلك لاستعادة الدولة واستعادة سيادتها المفقودة.
واستعرض رئيس الوزراء الأسبق عددا من المواقف التي دلل بها على رؤيته مشيرا إلى رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري أشار في خطاب تعليق عمله السياسي إلى النفوذ الإيراني، مشيرا إلى أنه اصطدم بهذا النفوذ الإيراني المتعاظم الذي أصبح يحول ويمنع استعادة الدولة اللبنانية لدورها ولسلطتها في لبنان، كما يمنع إعادة بنائها على قواعد الحوكمة الصحيحة عبر أذرعه وأذرع حلفائه في الأحزاب الطائفية والمذهبية والميليشياوية – على حد تعبيره.
واعتبر السنيورة أن هذه القوى لا تزال تعمل جاهدة في تخريب قواعد النظام الديمقراطي البرلماني، وفي خرقها للدستور لكونها أصبحت تتحكم في الدولة والنظام والدستور بقوة السلاح غير الشرعي – على حد وصفه.
واستشهد على كلامه بمواقف البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، والتي قال فيها مرارا بأن هناك حاجة لتحرير الدولة اللبنانية من وصاية السلاح، واستعادتها لدورها ولسلطتها على كامل أراضيها ومرافقها، وتحييدها عن الصراعات والمحاور الإقليمية والدولية مثلما جاء أيضاً في إعلان بعبدا.
وأكد رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيوة أن ما يؤكد أن أزمة لبنان تعد وطنية وليست طائفية هو البيان المشترك الذي صدر عن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بالإضافة إلى المبادرة العربية- الخليجية فضلا عن المواقف الدولية والمتمثلة في القرارات 1559 و1680 و1701 الصادرة عن مجلس الأمن الدولي.
واعتبر السنيورة أن المواقف الداخلية والقرارات العربية والدولية هي استجابةً لما تريده الأكثرية من اللبنانيين من أجل إخراج لبنان من أزْمته ومآزقه المتلاحقة، واستعادة الدولة اللبنانية لسلطاتها الدستورية وعودة سلطة القانون والنظام.
وقال السنيورة إنه لا يمكن إعادة بناء الدولة اللبنانية طالما استمر حزب الله يسيطر على هذه الدولة مستقوياً بسلاحه، مشيرا إلى أنه لا يمكن إلغاء حزب الله من المعادلة الوطنية ولكن بدون سلاحه الذي أصبح موجها إلى صدور اللبنانيين وصدور الأشقاء العرب – على حد وصفه.
وأضاف السنيورة أنه إذا بقي حزب الله بالحالة التي هو موجود فيها مسيطرا على الدولة اللبنانية وعلى سيادتها وعلى سلطتها وهيبتها، فإنه لا إمكانية لاستعادة الدولة اللبنانية لقرارها الحر، ولا إمكانية لإعادة بنائها، وكذلك فإنّه لا إمكانية لأن يتمكن لبنان من أن يقيم علاقات سوية وبناءة مع الدول الشقيقة والصديقة.
واعتبر أن الأزْمة المالية الاقتصادية والنقدية والمعيشية والقضائية والمصرفية والقطاعية التي يعاني منها لبنان هي ناتجة عن الأزمة الوطنية والسياسية في البلاد، معتبرا أن كل السياسات والإجراءات والأدوات الاقتصادية والمالية والنقدية والإدارية الإصلاحية، التي يجب أن يعتمدها وينفذها لبنان للخروج من أزماته الاقتصادية والمالية والنقدية والمعيشية، أصبحت غير كافية لإخراج لبنان من أزماته الخطيرة.
ورأى السنيورة أن الانتخابات النيابية لن تكون مناسبة فاصلة وفورية للتغيير، وخصوصا مع القانون الحالي للانتخابات الذي جرى فرضه على اللبنانيين هربا من مشكلة ليقع لبنان في مشكلة أكبر، واصفا الانتخابات النيابية بأنها محطة يجب عدم تفويتها لمنع إخلاء الساحة الوطنية والسياسية.
ودعا السنيورة في مؤتمره الصحفي إلى الالتزام بتنفيذ وثيقة الوفاق الوطني واستكمال تطبيقها، وبالدستور اللبناني بعيدا عما وصفه بالبدع والانتهاكات، مشددا على ضرورة ممارسة الدولة اللبنانية لقرارها الحر وسلطتها على كامل أراضيها على أن تكون حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية وقواها العسكرية والأمنية الشرعية.
وشدد على ضرورة احترام وتنفيذ قرارات الشرعيتين العربية والدولية، والتشديد على استقامة واستدامة علاقات لبنان الوثيقة مع اشقائه العرب، بالإضافة إلى العمل على مكافحة الفساد استقلالية القضاء بما يعيد الاعتبار لدولة القانون والنظام.