كيف تؤثر الجائحة عهلى الصحة النفسية؟
الذعر يقتل أحيانا.. أطباء يحذرون من الآثار النفسية الممتمدة للجائحة
في الأول من ديسمبر من عام 2019، أعلنت منظمة الصحة العالمية أول إصابة بكورونا مستجد في العالم ومنحته اسم كوفيد-19 وكان ذلك في مدينة ووهان بالصين الشعبية، وسرعان ما تفشى في العالم كله حتى أعلن في مارس من العالم التالي وباءً، وبين هذا التاريخ وذاك وما تلاه حتى هذه اللحظة ويعيش مليارات البشر في حالة من الذعر التام، خوفًا من الإصابة التي تحولت مع الوقت لمسبب للوفاة.
فحتى 16 فبراير الجاري، تم تسجيل 415 مليون حالة، وتوفى جراءه 5.84 مليون ضحية، لذا لم يخل مربع في الكرة الأرضية من فرد أصيب بالفعل أو تعافى أو حتى مشتبه به، ووجهنا العزل المنزلي والحجر وحظر التجوال وغيرها من الإجراءات و الطقوس التي اتخذت على مستوى الدول، وعلى مستوى الأفراد و العائلات مُنعت الزيارات والتجمعات وفرضت المسافات جلوسًا ووقوفًا، جميع ما سبق تسبب في حالة اكتئاب جماعية على حسب ما يذكر الدكتور وليد هاني استشارى الصحة النفسية واستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس.
وليد هاني: الذعر من كورونا تسبب في وفاة حالات كان من المفترض شفائها
يوضح في حديثه لـ “الدستور” أن الإصابة بكورونا خلقت حالة من الهلع العام حتى مع النتائج المبشرة بالتعافي للغالبية العظمى، ورغم أن الوفيات لم تتصل حتى لنسبة الـ 2% من المصابين وهي أقل بكثير مما خلفته الأوبئة التي عانت منها الشعوب، إلا أن انتشار الأخبار ومتابعتها لحظة بلحظة من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والتدفق الهائل للارقام والإحصائيات التي روجت لفكرة أن الإصابات تزيد حولنا كل جزء من الثانية، ورغم انها حقيقية لكن على حسب ما ورد في العديد من الأبحاث والدوريات العالمية فإن الحالة النفسية السيئة أثرت بشكل بليغ على تدهور الحالات والوظائف الحيوية بما فيها مستوى الأكسحين في أدى لوفاتها بعد أن كان مأمولًا في شفائها.
وأكمل مستشار الصحة النفسية أن هناك ما يعرف بوسواس توهم المرض تتسبب فيها جائحة كورونا، فإذا سمع عن بعض الأمراض المعدية، فإنه يشعر بها نفسيًا لكنه لا يصاب بها في الحقيقة، فحاليًا اذا ما زادت درجة حرارة الفرد ولو لدرجة واحدة أو ظهرت عليه عدد من أعراض الإصابة بكوفيد فإنه سرعان ما يتردد على المشفى دون ملاحظة دقيقة لحالته رغم أن أعراض الإصابة باتت معروفة مؤكدًا أن المتعافي من كورونا قد يعاني من متلازمة ما بعد كورونا، لذا توافرت في أوروبا عيادات لعلاج أعراض كورونا الممتدة لمعالجة الاثار النفسية للجائحة.
استشاري صحة نفسية: عدد من المصابين فضلوا الانتحار خوفًا من بكورونا واستشارة طبيب نفسي أثناء العلاج ضرورة
وفي سياق متصل، يؤكد الدكتور عبد الله غازي أستاذ الصحة النفسية أن هناك عدد من مرضى كورونا محليًا وعالميًا قد آثروا الانتحار على مواجهة الفيروس ومعالجته، وهذا يرجع للفكرة السائدة أن الإصابة تؤدي حتمًا للوفاة لذا فهو يتعجله فضلًا عن انتظاره.
لكن الشريحة العظمة من المتأثرين بالجائحة هم ممن يعانوا من الوسواس القهري، حيث تفاقمت أعراض اضطراب القلق الاجتماعي وتضاعفت المخاوف والتصرفات القهرية غير المبررة بسبب رهاب الجراثيم والتلوث أثناء الوباء، فوجدنا الأفراد يفرطوا في استخدام الكحول للتعقيم و مواد التنظيف الكاوية في نظافة الأسطح مما أثر في جهازهم التنفسي وتسبب في اصابتهم بالاكزيما والحساسية الجلدية .
وحذر " غازي" من الأثار طويلة الأمد لكورونا خاصةً أن الآثار السلبية للكوارث على الصحة النفسية تطال عددا أكبر من الناس وتدوم لفترات أطول بمراحل من أثارها على الصحة البدنية، ولهذا من المتوقع أن نشهد زيادة في احتياجات الرعاية النفسية التي قد تستمر لفترة طويلة بعد انحسار الوباء.
واتساقًا مع ذلك نشرت منظمة الصحة العالمية توصيات في وقت مبكر من العام الحالي للحفاظ على الصحة النفسية، من ضمنها أن يخضع من تلقوا العلاج في المستشفيات والممرضين والممرضات في الخطوط الأمامية لاشراف مباشر لطبيب نفسي خلال تواجدهم داخل المشفى للتعافي مبكرًا من أي أثر نفسي أو قلق مفرط ، لا سيما أن الباحثين قد توصلوا إلى أن الأشخاص الذين أصيبوا بكوفيد-19في الأشهر الستة الماضية كانوا أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب والخرف والذهان والسكتة الدماغية.