القصة فن مصرى قديم
يوم ١٤ فبراير بيوافق اليوم العالمى للقصة عشان كده هتكلم عن فن القصص عند المصريين.
خلينا نعرف إن القصة بشكلها المعروف بدأت عند المصريين، وإنهم طوروا تقنيات الكتابة السردية، واستخدموا قبل «أرسطو» الحبكة التقليدية من مقدمة تمهيدية ووسط ونهاية، وكمان استخدموا تيمات مختلفة واهتموا بالصياغة والأساليب الأدبية والبلاغة وعرفوا الراوى وفى بعض القصص كان يوجد راوى عليم وكمان استخدموا ضمائر الحكى المتعددة والزمان والمكان الروائيين، والأهم إنهم كانوا بيرسموا شخصيات نامية ومعقدة بتقنية سردية متطورة، وكمان طوروا أساليب السرد وتقنياته وكتبوا قصصًا بينها رابط إبداعى، بحيث تتضمن مجموعة من القصص لها هدف واحد على نمط «ألف ليلة» وبنشوف تطبيق لده فى قصة «خوفو والسحرة» مثلًا.
دلوقتى خلينا نعرف إن الحضارة المصرية متقسمة لأربعة عصور تاريخية هى:
١- عصر ما قبل الأسرات
٢- عصر الدولة القديمة
٣- عصر الدولة الوسطى
٤- عصر الدولة الحديثة
وخلينا نعرف كمان إن العصور دى بتتحدد ببداية التدوين أو الكتابة.
والكتابة ظهرت فى مصر القديمة من ٤٠٠٠ سنة قبل الميلاد، وده كان فى أواخر عصر ما قبل الأسرات، وفى عصر الدولة القديمة كان فيه أعمال أدبية عبارة عن النصوص الجنائزية والرسايل والتراتيل الدينية والقصائد والسير الذاتية اللى خلّد بها الشخصيات البارزة أعمالهم.
ولغاية عصر الدولة الوسطى، ماكنش الأدب السردى المصرى لسه ظهر مكتوب، ولكنه كان شفاهى بيتم تناقله من شخص لشخص ومن جيل لجيل، وده فضل لغاية ما حصلت «ثورة فكرية» فى الدولة الوسطى، نتيجة ظهور نتاج أدبى لطبقة الكتبة، ودول همّ النُخبة اللى شغالين فى الحكومة والديوان الملكى للحاكم.
المهم إن الكتابة كانت بـ«الهيروطيقية» واللى كانت هى طريقة الكتابة المستخدمة فى عصر الدولة الوسطى، وبقت لغة مهجورة خلال عصر الدولة الحديثة، وبعدها انتشرت الكتابة بـ«الديموطيقية» وهى اللغة الشعبية أو العامية، وكانت لها لهجات متعددة حسب المكان زى لغتنا العامية دلوقتى «وبالمناسبة كلمة عامى معناها شعبى يعنى مواطن»، إلا أن الكتابة بـ«الديموطيقية» المهجورة دى فضلت بتستخدم لتدوين التعاليم الدينية القديمة، واستمرت بتستخدم لغاية عصر مصر البطلمية.
خلينا نعرف إن الكتابات الأدبية المصرية دى شملت الحكايات الشعبية زى قصة «سنوهى» اللى حصلت فى عهد الملك أمنمحات الأول، فى عصر الأسرة الـ١٢، وقصة «رحلة الكاهن»، وقصة «الملك خوفو والسحرة» وقصة «الزوجة الخاينة»، وقصة «الفلاح الفصيح»، وقصة «الملاح التايه»، وقصة «الأمير المسحور» وقصة «سنفرو وبنات القصر»، وقصة «الساحر ددى يعيد الحياة»، بالإضافة لقصص تانية بتصنف إنها أسطورية زى «حيلة إيزيس» و«نجاة البشر» و«الصراع بين حورس وست».
وللأسف موصلناش من النصوص دى إلا تدوينات معدودة لأسباب كتير منها الطبيعية زى الفيضان والرطوبة.
وخلينا نعرف هنا إن الأدب بدأ تدوينه مع بداية عصر الدولة الوسطى يعنى فى عصر الأسرة الـ١٢، وإن الكتابة ماتمّش استخدامها فى عصر الدولة القديمة إلا فى كتابة الطقوس الدينية والمعاملات التجارية بس.
يعنى ماتمّش استخدام الكتابة لتدوين النصوص الأدبية، إلا فى عهد الدولة الوسطى وأن النصوص المكتوبة فى العصر ده، هى تدوين لنصوص شفهية من عصر الدولة القديمة.
وخلينا نعرف على سبيل المثال لا الحصر إن القصص اللى بتعود لكل من:
- عصر الدولة الوسطى زى قصة «مجلس الملك خوفو» و«الملك نِفِر كا رع» و«الفلاح الفصيح» و«قصة سنوهى» و«حكاية الملاح التائه».
- عصر الدولة الحديثة زى قصة «سقوط يافا» و«حكاية الأمير الملعون» و«قصة الأخوين» و«قصة وينامون».
كانت نصوص الدولة الوسطى مثلًا فيها نظرة تشاؤمية تجاه التغييرات الاجتماعية والدينية، زى قصة «معاتبة إيبوير» وقصة «حوار بين رجل وروحه» واللى فيها الشخصية الرئيسية هى «با» بمعنى الروح اللى بيستدعيها الراوى وبيتكلم معاها بضمير الحكى المخاطب عن الاستمرار فى المعيشة وفى حالة من اليأس والسعى للموت للهروب من حياته البائسة، وفى مقابل التشاؤم فى النص ده كانت قصة «نبوءة نفرتى» اللى اتكتبت فى عصر أمنمحات الأول، واللى اتنسخت كتير فى عصر الرعامسة فى الدولة الحديثة، القصة دى كانت على النقيض لأنها بتوفر حل إيجابى لمشاكل العالم. فهى بمثابة «نشرة سياسية سافرة»، بتهدف لدعم نظام الحكم الجديد للأسرة الـ١٢ اللى أسسها أمنمحات الأول بعد ما أخد العرش من منتوحتب الرابع آخر ملوك الأسرة الـ١١، يعنى نقدر نقول إنها نوع من أدب التقرب من السلطة «زى كتير من الكتاب المعروفين على مستوى العالم فى العصر الحديث».
كان الخيال المصرى القديم خصبًا، يظهر ده واضح فى العديد من الحكايات الخيالية الأسطورية زى قصة «الملاح التائه»، فبنشوف المؤلف يتخيل وصول الملاح لجزيرة صحراوية وقابل ثعبان بيتكلم ودار بينهم حوار ومغامرات.
أما قصص زى «سنوهى» و«سقوط يافا» و«الأمير الملعون» فهى بتدى صورة خيالية لحالة المصريين المغتربين وحلم الرجوع للوطن وهنا استخدم المؤلف تيمة الرحلة والاغتراب بتقنية سردية متطورة، فى حين بتحكى قصة «تقرير وينامون» قصة واقعية لمصرى سافر إلى جبيل فى فينيقيا لجلب خشب الأرز لبناء السفن فى عهد رمسيس الـ١١.
وخلينا نعرف إن القصص اللى بترجع للألفية الأولى قبل الميلاد اتكتبت بالديموطيقية زى:
- قصة «لوحة المجاعة» اللى بتروى قصة بتعود لعصر الدولة القديمة، رغم أنها اتكتبت خلال عصر البطالمة.
- قصص «خع مواس» فى عصر الأسرة الـ١٩ و«إيناروس» فى عصر مصر الفارسية اللى اتحولوا لأبطال أسطوريين فى عصر مصر البطلمية والرومانية.
وخلينا نعرف إن معظم الحكايات والقصص وجدت مدونةً على مخطوطات من البردى، وقُليّل جدًا اللى وجد منقوش على أحجار، فمثلًا قصة «سنوهى» وجدت من غير المقدمة على خمس برديات ترجع للأسرتين الـ١٢ و١٣ وكمان أُعيد نسخها كذا مرة على حجارة خلال عصر الأسرتين الـ١٩ و٢٠.
فى مقال لاحق هكتب عن بردية «وستكار» أو «خوفو والسحرة» وهكتب النص الأدبى للقصة.
وأخيرًا النصوص والقصص دى تمت ترجمتها لعدة لغات منها العربية وأنا كتبت بعضها بالعامية المصرية.