بعد انتهاء «طوبة».. خبير مناخي يوضح سبب المنخفضات الجوية وتقلبات الطقس
جعلت حالات الصقيع والبرودة القارسة التي شهدتها البلاد خلال الفترة الماضية، العديد من المواطنين يشعرون بأن هناك تغيرًا بات ملحوظًا في مُناخ مصر من شأنه وداع عبارة وصف مُناخها بأنه الحار الجاف صيفًا والدافئ الممطر شتاءًا".
فقد تعرضت مصر بالفترة الماضية لعدد من المنخفضات الجوية التي قاربت طقسها من الطقس الأوروبي نتيجة مصدر قدومها من أوروبا.
ولكن هل بالفعل تغير المُناخ المصري، أم أنها مجرد منخفضات جوية منطقية الهبوب لارتباطها بشهر "طوبة" حيث الصقيع والبرودة الشديدين؟.
وأكد الخبير المُناخي جمال السيد في حديثه لـ"الدستور" أن مصر تعتبر من أقل الدول تأثرًا بالمُنخفضات الجوية حاليًا فقد وصلت درجة الحرارة في تركيا إلى 32 تحت الصفر، وسوريا إلى 14 تحت الصفر، وهو ما تسبب في موت المئات من الأطفال السوريين.
وفسّر الخبير المُناخي هذا الصقيع الذي شهدته البلاد والذي لم تشهده منذ فترات طويلة بأن الأرض تمر بمرحلة نشاطين شمسيين أحدهما قوي والآخر ضعيف، فالقوي دورته 300 عامًا بينما الضعيف فيحدث كل 11 عامًا، وما نعيشه حاليًا هو تعرض الأرض للنشاط الشمسي الضعيف في دورته الـ 25، والذي يعني ضعف تأثير الشمس على الكرة الأرضية.
وذكر أن ذلك الضعف في تأثير الشمس تسبب في حدوث العديد من الآثار منها حدوث ضعف المجال المغناطيسي للأرض والذي ينتج عنه تسرب للأشعة الكونية، وهي زادت بالفعل بنسبة 19 بالمئة، مشيرًا إلى أن هذه الأشعة تؤثر على حركة الملاحة الجوية وتعوقها.
وأضاف أن من بين تأثيرات النشاط الشمسي الضعيف حدوث ما يُعرف بالتأين للصخور بالأرض، وهو ما يُفسّر تكرار حدوث الزلازل بالفترة الحالية حيث سجل المركز القومي لبحوث الزلازل في خلال العام الماضي إلى وقتنا هذا حدوث أكثر من 1000 زلزال كان أشدّهم الأخير وهو الذي وقع غرب جزيرة قبرص بقوة 6 درجات ريختر، مشيرًا إلى أنه لولا بُعد مسافته عن البلاد كانت قد شعر به سكان مصر بشكل أكبر وتسبب في خسائر ضخمة، كما أكد السيد على أن انخفاض النشاط الشمسي يؤدي كذلك إلى هطول غزير بالأمطار وذلك مثلما حدث بالفعل هذا العام بألمانيا وبلجيكا، ومدينة الإسكندرية في مصر.
وتوقع جمال أن الأرض ستشهد المزيد من التطرف المُناخي بالأعوام القادمة إلى عام 2026 الذي يتوقع إقبالها على فترة من التبريد الكبير والتي قد تستمر إلى عام 2050، وهو ما يعني أن كافة الدول التي تقع شمال دائرة عرض 40 درجة مئوية مثل روسيا والولايات المتحدة وغيرها ستتعرض إلى أخطار مُناخية كبيرة مثل تجمد الأنهار والبحيرات، وهو ما سيُهدد بتجمد المحاصيل وموت الحيوانات و خسارة أعدادًا ضخمة في الأرواح البشرية في حال لم تُحل تلك الأزمة.
وتابع أنه في نفس الفترة وبينما الوضع كذلك في الشمال ستشهد البُلدان التي تقع جنوب دائرة عرض 40 درجة مئوية والتي منها مصر، زيادة في مدة فصل الشتاء وتميز بموجات متكررة شديدة البرودة، وكذلك زيادة بكميات الثلوج المتساقطة على أكثر المدن بها انخفاضًا في درجات الحرارة.
أضاف أنه في الوقت نفسه ستشهد مصر و دول أفريقيا في هذه الفترة هطولًا كبيرًا للأمطار على صحاريها الغربية، وهو ما سيزيد من مساحات الأرض الخصبة بمصر وأشقائها بأفريقيا، وبالتالي تزيد معه الزراعات وكافة الأنشطة الناتجة عن ذلك.
واختتم خبير الأرصاد حديثه أن رؤية الرئيس عبد الفتاح السيسي المُستقبلية وافتتاحه للعديد من مشاريع الطاقة المُتعددة، وتحقيق مصر حاليًا أرقام قياسية في تصدير الغاز الطبيعي والمُسال، بالإضافة إلى إنشائها أكبر محطة للطاقة الشمسية بالشرق الأوسط، وغيرها من المشروعات الهامة يدل على عبقرية القيادة السياسية التي تسير في خطى ثابتة تعلم تمام العلم أهميتها الكبيرة مُستقبلًا، وكيف أنها ستكون مفتاح الرخاء والنعيم لبلادنا وسلاحها القوي لتتحقق حينها مقولة الرئيس "العفي ماحدش يقدر ياكل لقمته".
ومما يكشف عن الوعي الحقيقي لمصر بالقضايا المُناخية المتوقعة، مشاركتها فى فعاليات مؤتمر المناخ بجلاسكو" كوب ٢٦" وفيه أعلنت الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، إطلاق الاستراتيجية الوطنية للتغير فى درجات الحرارة والمناخ ٢٠٥٠.
وتهدف الاستراتيجية إلى تحديد خطط الدولة شبه الدائمة ذات الصلة بالتعامل مع تغير درجة الحرارة وتقليل الانبعاثات، كما أنه ومن المتصور أن تتبعها استراتيجية متوسطة المدى ثم استراتيجية قصيرة المدى.
كما أعلنت مصر، استضافتها رسميًا لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ المقبل COP 27 بشرم الشيخ فى نهاية ٢٠٢٢، وذلك بعد أن تم إعلان اختيارها لاستضافة الدورة المقبلة من المؤتمر خلال مؤتمر غلاسكو الذى انعقد فى نوفمبر ٢٠٢١.
ومن المتوقع أن سيكون لهذا المؤتمر دورًا بالغ الأهمية، لتعزيز جهود الدولة في تنفيذ استراتيجية مصر للتنمية المستدامة 2030.