منير القادري يبرز أهمية المعرفة بالله فى التحقق بالأخلاق الفاضلة
قدم الدكتور منير القادري، رئيس مؤسسة الملتقى، مدير المركز الأورومتوسطي لدراسة الإسلام اليوم، مداخلة حول موضوع "طلب معرفة الخلاق شرط التربية على الأخلاق"، خلال مشاركته في الليلة 89، ضمن ليالي الوصال التي تنظمها مشيخة الطريقة القادرية البودشيشية ومؤسسة الملتقى بتعاون مع مؤسسة الجمال، وبثت فعالياتها عبر الوسائط الرقمية لمؤسسة الملتقى.
استهلها بإبراز عظمة مقام العبودية لله وحده؛ التي اعتبرها أسمى الغايات في الحياة والممات وعليها انبنت دعوة الأنبياء والرسل موردا قول ابن القيم: «إن دعوة الرسل تدور على ثلاثة أمور: تعريف الرب المدعو إليه بأسمائه وصفاته وأفعاله، الأصل الثاني: معرفة الطريقة الموصلة إليه؛ وهي ذكره وشكره وعبادته التي تجمع كمال حبه وكمال الذل له، الأصل الثالث: تعريفهم ما لهم بعد الوصول إليه في دار كرامته من النعيم الذي أفضله وأجله ورضاه عنهم وتجليه لهم ورؤيته وجهه الأعلى وسلامه عليهم وتكليمه إياهم».
وبين في السياق مدى حاجة الإنسان إلى أنماط من الصلة بالله تعالى تكون فيها الروح هي الحاضرة بالدرجة الأولى بعيداً عن معترك الحياة وشجونها وشؤونها، فالروح تسمو في أجوائها الخاصة وتتألق حيث تتراجع مصالح الجسد الآنيّة والعاجلة مذكرا بقول أبو سليمان الداراني "من كان اليوم مشغولاً بنفسه فهو غداً مشغول بنفسه ومن كان اليوم مشغولاً بربه فهو غداً مشغول بربه".
وأكد أنه لا يمكن أن تتم عبادة بدون معرفة، وأنه لا يمكنك أن تعبد مالا تعرف ولا يمكن أن تعرف الله إلا إذا عرفت نفسك أولا ثم تجاوزتها مهاجرا إلى خالقها، وأضاف أن الله خلق الإنسان ليعرف نفسه ثم يعرف ربه فيتم بذلك للإنسان جلاء البصيرة الكامل والارتقاء الحقيقي عبر صراع الجسد والروح، مذكرا بما جاء في الأثر : «من عرف نفسه عرف ربه ».
وأوضح أن المعرفة الحاصلة في الدنيا هي التي تُستكمل في الدار الآخرة، فتبلغ كمال الكشف والوضوح وتنقلب مشاهدة، ولا يكون بين المشاهدة في الآخرة والمعلوم في الدنيا اختلاف إلا من حيث زيادة الكشف والوضوح، مذكرا بقوله وتعالى: { يوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَىٰ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } سورة التحريم الآية8.