رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«ضيوف معرض الكتاب».. مبدعون يونانيون يتحدثون لـ«الدستور»

معرض الكتاب
معرض الكتاب

لم يكن اختيار اليونان ضيف شرف الدورة الـ٥٣ من معرض القاهرة الدولى للكتاب، المقامة حاليًا، اختيارًا عاديًا، وإنما جاء ليعكس تلك العلاقة الفريدة بين هذين البلدين وشعبيهما، التى تمتد إلى مئات السنين.

ويتزامن هذا مع الاحتفاء بالعام الثقافى المصرى اليونانى، الذى تجلى فى العديد من الفعاليات إلى جانب هذا الاختيار، من بينها إصدار الهيئة العامة لقصور الثقافة ١١ عنوانًا جديدًا تضمنت ترجمات لمسرحيات يونانية شهيرة، على رأسها «الإلياذة» و«الأوديسة»، فضلًا عن مشاركة عدد كبير من الروائيين والأدباء اليونانيين فى المعرض، سواء بالحضور أو بطرح إصدارات لهم.

«الدستور» التقت عددًا منهم للحديث عن أهم إصداراتهم، وملامح مشاركتهم فى معرض القاهرة، فضلًا عن رؤيتهم لواقع الترجمة بين مصر واليونان، وغيرها من التفاصيل فى السطور التالية.

أماندا ميخالوبولو: سيطرة الرواية مقابل القصة والشعر أصبحت سمة عالمية الآن

أماندا ميخالوبولو هى واحدة من أبرز الكاتبات اليونانيات، حققت شهرة واسعة داخل وخارج اليونان بكتابتها الإبداعية فى القصة والرواية، وتحل ضيفة فى النسخة الحالية من معرض القاهرة الدولى للكتاب، التى ستستمر فعالياتها حتى ٧ فبراير المقبل.

وأعربت «أماندا» عن سعادتها البالغة بترجمة روايتها الأخيرة «لماذا قتلت أعز صديقاتى؟» إلى اللغة العربية، عن دار نشر «العربى»، لتكون هذه المرة الأولى التى يُترجم أى من أعمالها بواسطة مترجمين مصريين، مضيفة: «أتمنى أن يستمر هذا وألا نقف عند هذه الرواية».

وكشفت عن سر اختيار «لماذا قتلت أعز صديقاتى؟» عنوانًا لروايتها، قائلة: «كنت أريد أن يكون العنوان دراميًا جدًا، ولم أقصد أن يكون حقيقيًا، فهو مغاير ومختلف تمامًا عن فعل القتل بمعناه المعروف، بل يشير إلى القتل فى معانيه الأخرى، مثل قتل العواطف والمشاعر الإنسانية، وهو ما يحدث بشكل كبير فى الصداقات».

واستعرضت أحداث الرواية، التى كتبتها منذ ٢٠ سنة قبل أن تصبح أمًا لبنت عمرها ١٩ سنة الآن، قائلة: «كنت أحاول وقتها وأتخيل فى اللا وعى أنى أنقل لابنتى أهمية الصداقة فى الحياة».

وأوضحت أن الرواية تدور حول فتاتين، عمر كل منهما ٩ سنوات، قادمتين من عالمين مختلفين، الأولى من نيجيريا والأخرى من باريس، تلتقيان فى اليونان بعد سقوط الديكتاتورية اليونانية، وكل منهما تحمل أفكارًا ومعتقدات مختلفة بالتزامن مع تلك الفترة التى شهدت تغييرًا كبيرًا فى اليونان.

وواصلت: «أستعرض فى أعمالى، ومن بينها هذه الرواية، كيف يرى الناس واقعهم وواقع غيرهم، عبر قصتى هاتين الفتاتين اللتين عاشتا فى اليونان كوطن ثانٍ، لكن زميلاتهما فى المدرسة اعتبرنهما أجنبيتين، فى إطار يكشف كيف نحمى هويتنا الخاصة فى الهجرة».

وأكملت: «كتبت الرواية فى فترة ما قبل دورة الألعاب الأوليمبية التى أُقيمت فى اليونان عام ٢٠٠٤، وبعد سنوات من الكتابة، كانت هناك أحداث كثيرة تحققت فى الواقع وتغيرت بالفعل»، مستدلة على ذلك بأن «الخيال يمكن أن ينسج جزءًا كبيرًا من الواقع، فقد سألت نفسى حينها: ماذا لو حدث كذا؟ ثم حدث ما توقعته بالفعل».

وشددت على أنها تعمل صحفية واعتادت على البحث، وتؤمن بضرورة وجود توازن بين البحث والحقيقة من جهة، والخيال الذى تكتبه من جهة أخرى، فى علاقة أشبه بعلاقة القلب والعقل، متابعة: «إذا كان العمل معتمدًا على البحث والحقائق سيصبح باردًا جدًا وجامدًا، ولا يصح أيضًا اعتماده على العاطفة فقط، فهذا لا يروق لى فى الكتابة».

وردًا على سؤال: «هل تختلف الكتابة عن المرأة مقارنة بأى فئة أخرى؟»، أجابت الروائية اليونانية: «كلنا سواء.. امرأة أو رجل نعيش نفس المشاعر، نحن نكتب واقعنا المعاش».

ورأت أن سيادة وسيطرة الرواية على حساب الأجناس الإبداعية الأخرى أصبحت سمة وطابعًا عالميًا للقراء، لأن القارئ ينشغل بالحكاية الطويلة والتفاصيل، وهذا ما تقدمه الرواية، على عكس الشعر والقصة القصيرة اللذين يميلان إلى التكثيف، مضيفة: «أنا ككاتبة أذهب إلى ما أجد نفسى فيه ويحرضنى على الكتابة سواء قصة أو رواية».

وكشفت عن أنها تقرأ للعديد من الأدباء المصريين، وعلى رأسهم العظيم نجيب محفوظ، متابعة: «للصدفة البحتة فإن ناشرى اليونانى هو نفسه من ينشر ترجمات أديب نوبل فى اليونان».

واعتبرت أن «المشكلة الحقيقية التى نواجهها كمصريين ويونانيين هى قلة وندرة الكتابات المترجمة من قِبل الجانبين، وعدم التعريف بالكتّاب المعاصرين فى كل منهما».

واختتمت بالمقارنة بين المصريين واليونانيين، قائلة: «ليس غريبًا على هذين الشعبين أن يكونا بهذه الحيوية والانطلاقة والانفتاح، وما أشهده فى القاهرة كل يوم يُنمى لدىّ هذا الشعور المسبق بما يجمع الشعبين من تواصل حضارى وثقافى».

ذيميتريس سوتاكيس: هناك معارض لا يحضرها ربع جمهور «القاهرة للكتاب»

أعرب الروائى اليونانى ذيميتريس سوتاكيس عن سعادته الكبيرة بحضوره الدورة الـ٥٣ من معرض القاهرة الدولى للكتاب، ومشاركته بها من خلال رواية «قيامة مايكل جاكسون»، الصادرة عن دار «صفصافة للنشر والتوزيع» من ترجمة خالد رءوف.

وأبدى «سوتاكيس» إعجابه الكبير بالتنظيم الرائع الذى شاهده فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، على الرغم من التحديات التى فرضتها جائحة فيروس «كورونا». 

وقال: «سعيد بوجودى فى معرض القاهرة الدولى للكتاب هذا العام، وبذلك التنظيم الرائع الذى شاهدته، وبالحضور الكبير من مصر وعدة دول أخرى، وأرى أن كل هذه الأعداد تعكس نجاحًا تنظيميًا كبيرًا».

وأضاف: «ما اتخذه منظمو معرض القاهرة الدولى للكتاب من إجراءات لاستيعاب كل هذه الأعداد، وحمايتهم فى نفس الوقت من عدوى فيروس كورونا المستجد، أمر يعكس حسن الإدارة والرؤية».

وقارن الروائى، الذى تُرجمت رواياته لـ٨ لغات، بين العديد من المعارض العالمية التى زارها، ومعرض القاهرة الدولى للكتاب، قائلًا إن الأخير من المعارض التى تتميز بحضور كبير، فهنا تجد أعدادًا كبيرة تحمل الكتب فى يديها، ووجود قراء بهذه الأعداد هو أمر يسعد أى كاتب، لأنه لا فائدة من إقامة معرض بهذا الحجم ولا يكون هناك رواد أو قراء.

وأضاف: «نجاح أى معرض للكتاب يعتمد بقوة على حجم القوة الشرائية وعدد القراء الذين يأتون من كل المحافظات لشراء واقتناء الكتب، وهو أمر يسعد أى كاتب، كما ذكرت سابقًا، ودونه يفشل أى معرض».

وواصل: «هناك بعض المعارض لا يدخلها رُبع من يدخلون معرض القاهرة الدولى للكتاب، وبالتالى تفشل فشلًا ذريعًا فى رأيى، لكن معرض القاهرة ناجح جدًا، ليس فقط على مستوى الأعداد، وإنما فى التنظيم والإدارة».

وتطرق إلى ترجمة روايته «قيامة مايكل جاكسون» إلى العربية، وظهورها فى معرض القاهرة، عن دار «صفصافة» للنشر والتوزيع، قائلًا: «سعيد جدًا أن تُضاف اللغة العربية إلى ترجمات أعمالى باللغة اليونانية، وجود ترجمة عربية لأعمالى شىء فارق ومهم جدًا بالنسبة لى، خاصة أن ذلك حدث فى مصر، حيث الترجمة والإخراج المتميز للكتب».

وشدد: «ربما تكون من أسعد اللحظات فى حياتى عندما وجدت روايتى مترجمة إلى اللغة العربية، عن دار (صفصافة)، وهى ترجمة جيدة جدًا»، متابعًا: «هناك رواية أخرى ستُنشر وتترجم إلى العربية قريبًا، تحت عنوان (معجزة التنفس)، وتندرج تحت مشروعى الأدبى الذى أهتم فيه بالإنسان».

وعن واقع الترجمة من اليونانية إلى العربية والعكس، كشف «سوتاكيس» عن وجود برنامج لدعم الترجمة من اليونانية لكل لغات العالم، تحت رعاية وزارة الثقافة اليونانية، كما أن هناك موقع «جريج ليت» أو «الأدب اليونانى» عليه الكثير من التفاصيل الخاصة بهذا البرنامج وغيره، مضيفًا: «ما رأيته فى الجناح اليونانى بمعرض القاهرة الدولى للكتاب يؤكد أن هناك يدًا تمتد لكل مترجم يريد الترجمة من وإلى اللغتين».

وأشار الروائى اليونانى إلى الاحتفاء بـ«عام الثقافة اليونانى المصرى»، واختيار اليونان ضيف شرف الدورة الحالية من معرض القاهرة الدولى للكتاب، وشدد على أن «الشعبين المصرى واليونانى قريبان جدًا من بعضهما البعض، وهناك الكثير من اليونانيين الذين عاشوا فى مصر سنوات طويلة، ليس هذا فحسب، بل إن العلاقات بين البلدين تمتد إلى فجر التاريخ، حيث هيرودوت وما قبله».

واختتم: «أرى أن السفير الحالى بين البلدين هو الأدب والكتابة والترجمة، ما يتطلب ترجمة الكثير من الأعمال اليونانية إلى المصرية، والعكس».

بيرسا كوموتسى: ترجمت 14 عملًا لنجيب محفوظ.. وأتجه للكتّاب الشباب

لمصر مكانة خاصة لدى الكاتبة والمترجمة اليونانية، بيرسا كوموتسى، فإلى جانب كونها درست فى جامعة القاهرة، تعد واحدة من أهم مصادر نشر الأعمال الأدبية المصرية فى اليونان، بعد أن ترجمت العديد منها، وعلى رأسها ١٤ عملًا لأديب نوبل نجيب محفوظ.

وتشارك «كوموتسى» فى الدورة الحالية من معرض القاهرة الدولى للكتاب، سواء بالحضور أو عن طريق روايتها «أصوات سكندرية»، عن دار «صفصافة» للنشر والتوزيع.

وقالت الروائية والمترجمة اليونانية، لـ«الدستور»: «سعيدة جدًا بوجودى فى مصر، لأن علاقتى بها تعود إلى سنوات طويلة، فقد عشت على أرضها فترة طويلة وأنا صغيرة فى السن، إلى جانب دراستى فى جامعة القاهرة».

ووصفت مصر بأنها بلدها الثانى بعد اليونان، متابعة: «لذلك أنا ضيف شرف فى بلدى الثانى، وهو أمر يسعدنى جدًا، خاصة مع طرح رواية لى مترجمة بالعربية».

وأشادت بالمستوى التنظيمى الرائع لمعرض القاهرة الدولى للكتاب، وقالت: «حضرت أكثر من دورة فى مقر المعرض القديم بمدينة نصر، لكن النسخة الحالية أفضل بكثير مما تخيلته، حتى بالنسبة لمعارض زرتها فى أوروبا».

وتحدثت عن مسيرتها الكبيرة فى الترجمة من العربية إلى اليونانية، مبينة أنها ترجمت أعمالًا لـ١٥ كاتبًا مصريًا على رأسهم طه حسين ونجيب محفوظ، وكان للأخير من هذه الترجمات نصيب الأسد بـ١٤ عملًا، إلى جانب كتابتها رواية عنه صدرت فى اليونان وتُرجمت إلى العربية عن طريق الهيئة المصرية العامة للكتاب، واصفة إياه بأنه معلمها الأول فى الأدب.

وأضافت: «بعد انتهائى من ترجمة أعمال الأدباء المصريين الكلاسيكيين الكبار مثل طه حسين ونجيب محفوظ ويوسف إدريس وبهاء طاهر ويوسف زيدان وهالة البدرى، سأبدأ فى ترجمة أعمال للشباب».

وواصلت: «أحاول أن يكون هناك تعاون بين مصر واليونان لترجمة أعمال الأدباء الشباب المصريين إلى اليونانية، خاصة أن هناك أكثر من كاتب شاب جيد، وأذاكر أعمالهم حاليًا لتنفيذ هذه الخطوة». 

وعن الترجمة من اليونانية إلى العربية، قالت الروائية: «هناك بالفعل العديد من الأعمال اليونانية التى تمت ترجمتها إلى العربية، عبر دور نشر مصرية، وحركة الترجمة المتبادلة بين البلدين جيدة وآخذة فى الزيادة بصورة ملحوظة».