تأكيد التضامن.. «المصري للفكر» يحلل زيارة الرئيس السيسي إلى الإمارات
صدر تقرير عن المرصد المصري التابع للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، بعنوان "تأكيد التضامن.. الأمن القومي العربي.. وزيارة السيسي إلى الإمارات"، والتى تضمن تحليلا لزيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي الأخيرة إلى الإمارات العربية المتحدة، في ظل مرحلة حرجة وعصيبة تمر بها دولة تعد من أقرب الدول العربية للقاهرة، تعرضت خلالها حتى الآن إلى هجومين متتاليين من جانب ميليشيا الحوثي، ما وسع من مروحة التأثيرات السلبية للأزمة اليمنية، التي عملت القاهرة مع عواصم القرار الخليجية بشكل حثيث على إيجاد حل سياسي نهائي لها.
وأوضح التقرير، الذي أعده الباحث محمد منصور، أن هذان الهجومين، ومن قبلهما عشرات الهجمات الصاروخية التي طالت الحد الجنوبي ومدنًا أخرى في المملكة العربية السعودية، فرضت العنوان الأساسي لهذه الزيارة، ألا وهو الأمن القومي العربي، وكيفية تفعيل الجهود الذاتية للدول العربية على كافة المستويات، أولًا لإبداء التضامن المتبادل بجميع أشكاله بين هذه الدول في الحالات الطارئة، وثانيًا من أجل بحث الخطوات التالية على المستوى العسكري والسياسي، لتحقيق الاستقرار الإقليمي، وإنهاء التهديدات الأمنية والعسكرية المتشعبة التي باتت تستهدف منظومة الأمن القومي العربي في الصميم.
وأكد التقرير أن العلاقة مع أبو ظبي كانت جزءًا أساسيًا من نظرة مصرية عامة وشاملة لكيفية دفع العمل العربي المشترك، حيث حرصت القاهرة على توجيه أنظار القيادات والنخب العربية، إلى اهمية تضامنهم فيما بينهم سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا، في ظل وضع باتت فيه أي تطورات تحدث في المنطقة العربية مهمة بالنسبة لكافة الدول العربية من المحيط إلى الخليج، وتشكل تأثيرًا محتملًا على الأمن القومي لكل هذه الدول، فالتنسيق بين القاهرة وأبو ظبي في مثل هذه الملفات الخارجية كان متواصلًا ومكثفًا منذ عام 2015، بسبب تعاظم الوعي المتبادل بينهما بأهمية العمل بشكل مشترك بين الدول العربية كافة لمواجهة المخاطر الأمنية المتزايدة، وتدهور الأوضاع داخل بعض الدول العربية التي تعد أساسية في منظومة الأمن القومي العربي، وقد كان لمصر قصب السبق في الدفع نحو هذا الاتجاه منذ سنوات طويلة، بمشاركتها الفعالة في عملية تحرير الكويت عام 1991.
وأشار التقرير إلى أنه كانت مصر دوما الأعلى صوتا في إدانة الهجمات الصاروخية التي تنفذها ميليشيا الحوثي منذ سنوات على الأراضي السعودية، وهو نفس الموقف الذي اتخذته القاهرة من الهجومين اللذين تعرضت لهما أبو ظبي هذا الشهر، خاصة وأن الاستهداف طال منشآت اقتصادية وخدمية مدنية، مضيفا أنه باتت أهداف هذه الهجمات واضحة بشكل لا يقبل التشكيك، وعلى رأسها استهداف إحدى المنظومات الاقتصادية الناجحة في منطقة الشرق الأوسط، والتسبب لها في أضرار بالغة خاصة في هذا التوقيت. لذا كانت تصريحات الرئيس السيسي خلال زيارته اليوم إلى أبو ظبي واضحة، حيث أعرب عن تضامن مصر حكومة وشعبًا مع دولة الإمارات، وإدانتها أي محاولة لاستهداف أمن واستقرار وسلامة البلاد ومواطنيها، ودعمها لكل ما تتخذه دولة الإمارات من إجراءات للتعامل مع أي عمل إرهابي يستهدفها.
وأوضح التقرير أن الأمن القومي العربي كان على رأس الملفات التي بحثها الرئيس السيسي خلال جلسة المباحثات الرباعية التي جمعته اليوم مع الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبو ظبي، والعاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة.
وتطرق التقرير للزيارة، موضحا أن زيارة السيسي للإمارات تحمل في طياتها تأكيدًا مصريًا على استمرار التوافق والتعاون مع أبوظبي، خاصة وأن كلا البلدين يشتركان في رؤية واحدة لكيفية مواجهة التدخلات الإيرانية في المنطقة، حيث يرى كليهما أنه يجب العمل في هذا الصدد على محورين أساسيين، المحور الأول هو تحصين الشارع العربي والجبهات الداخلية العربية من التدخلات السياسية والاقتصادية الخارجية سواء من إيران او تركيا، لأن معاناة الشارع العربي من مشاكل مزمنة على المستويات كافة، بجانب غياب الوعي السياسي والديني، كلها عوامل تفتح الباب واسعًا أمام التدخلات الخارجية، خاصة في المجتمعات الخليجية، والمحور الثاني هو محور إدارة الأزمة مع إيران، فرؤية القاهرة الثابتة هي ضرورة إيجاد مقاربات سياسية للتعامل مع طهران، مماثلة للنهج الذي اتبعته مصر معها خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، لأن التصادم العسكري مع إيران في هذه المرحلة وفي ظل الظروف الإقليمية والدولية الحالية غير ممكن وغير مضمون العواقب، لكن هذا لا يعني في نفس الوقت عدم مواجهة طهران وردعها عن التصعيد ضد الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية بهذا الشكل.
واختتم التقرير، مؤكدا أن مصر تؤكد دومًا على ضرورة الحفاظ على حد أدنى من التضامن العربي المشترك، والحفاظ على وحدة الدول العربية وارتباطها ببعضها البعض، وهو الإطار الذي يمكن من خلاله تأطير العلاقة بين القاهرة وأبو ظبي، التي دومًا ما كانت مثال لكيفية التعاون المشترك، دون الإخلال بثوابت وأهداف كل بلد على المستوى الاستراتيجي، ودون التغاضي عن خصوصية كل دولة واختلاف محددات سياساتها الخارجية.