خبراء: مصر قادرة أن تكون رائدة في «الطاقة الخضراء» وتمتلك كوادر علمية عالمية

- مصر أقرب الأسواق التي يمكنها التصدير للهيدروجين بالنسبة للدول الأوروبية

- مصر من أوائل الدول التي أعلنت الاستراتيجية الوطنية  للهيدروجين 

- لدينا كافة المقومات التي تساعدنا على انتاج وتصدير جميع أنواع الطاقة

- نسبة سطوع الشمس فى مصر تصل إلى 12 ساعة يومياً- 

- لدينا  شبكة قومية للغازات الطبيعية بطول 26 ألف كيلو متر مهيئة لنقل الهيدروجين

- سنصنع كافة مكونات المشروعات المتعلقة بالطاقة والغاز والهيدروجين بأياد مصرية

- تضافر كافة الجهود المعنية بدعم القيادة السياسية لإنجاح هذا المشروع

- عرض أوراق علمية عن انتاج الهيدروجين فى مؤتمر المناخ

بدأت مصر فعلياً في أولى خطوات تنفيذ المشروع القومي لإنتاج الهيدروجين، ليكون ضمن منظومة مزيج الطاقة التي تستهدفها الحكومة، ويولى الرئيس عبد الفتاح السيسي اهتماما بالغاً بهذا المشروع، خاصة بعد الإعلان عن استضافة مصر لمؤتمر المناخ COP27 بمدينة شرم الشيخ في نهاية العام الجاري 2022، وذلك بهدف خفض انبعاثات الكربون، كما وقعت مصر العديد من الاتفاقيات الخاصة بانتاج الهيدروجين مع كبرى الشركات العالمية من خلال الحكومات، من أجل عملية التصدير إلى الدول الأوروبية.

 - ندوة لعلماء الطاقة والمتخصصين في مجال الغاز والهيدروجين

واستضافت «الدستور»، بعض علماء الطاقة والمتخصصين فى مجال الغاز والهيدروجين والأبحاث العلمية وعملية التصنيع ، فى ندوة بعنوان «مصر تستطيع .. التحديات والآمال لإنتاج الهيدروجين كوقود للطاقة» وذلك لمناقشة سبل وآليات التنفيذ والتغلب على التحديات التي قد تواجه مصر خلال تنفيذ هذا المشروع القومي.

و قال الدكتور ياسر مصطفى مدير معهد بحوث البترول المصري، التابع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ويرأس مجلس إدارته المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية، إنه يوجد خطة طموحة لإنتاج الهيدروجين فى مصر تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث أن المسئول عن هذه الملف بوزارة البترول الدكتور سمير القراعيش نائب رئيس شركة إيجاس المشرف على أنشطة الطاقة الخضراء، كما أن معهد بحوث البترول سيكون له دوراً حيوياً فى هذه الملف القومي والمساهمة فيه من خلال الأبحاث كما سنقوم بعقد ندوة خاصة بالطاقة والهيدروجين  وذلك بالتعاون مع مدينة الأبحاث العلمية والتطبيقات التكنولوجية فى فبراير المقبل، وذلك للعمل والتعاون على كيفية المساهمة فى المشروع من خلال الأبحاث العلمية ، مع تسخير كافة الإمكانات المتاحة بالمعهد، وكذلك الكوادر العلمية، وذلك لوضع قاعدة أساسية للمشروع وتجميع كافة المعلومات الخاصة بإنتاج الهيدروجين.

- مصر قادرة على أن تكون رائدة فى هذا المجال «الطاقة الخضراء»

وأشار مدير معهد بحوث البترول، إلى أنه سيكون هناك خطة لكيفية المشاركة والمساهمة فى هذا المشروع القومي الذى ينول رعاية واهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسي كمشروع قومي، خاصة فى ظل اهتمام مصر بالبيئة وإنتاج الهيدروجين الأخضر، ومصر قادرة على أن تكون رائدة فى هذا المجال «الطاقة الخضراء» من خلال الكفاءات والإمكانات المتاحة، وتنوع مصادر الطاقة من طاقة رياح والطاقة الشمسية والطاقة النووية ، وكذلك الهيدروجين، ويعد هذا جزء من نجاح منظومة الطاقة فى مصر من خلال تضافر كافة الجهود المعنية بدعم القيادة السياسية لإنجاح هذا المشروع.

وأضاف ، أنه سيكون هناك عرض أوراق علمية مقدمة قبل مؤتمر المناخ بالتعاون مع كافة الجهات ، ومعهد بحوث البترول قادر على إخراج مخرج بحثي ملموس على أرض الواقع ، ويتم ذلك بالتعاون والتكامل من أجل تنفيذ المشروع ، مشيرا إلى أن مصر أنعم الله عليها بالثروات الطبيعية مثل الغاز الطبيعي والشمس والرياح بنسب عالية جداً عكس الدول الاوربية، وذلك يتيح لنا انتاج كافة موارد الطاقة طوال العام ، ومساعدة الدول الأخرى من خلال التصدير.

وأوضح «مصطفى»، أن معهد بحوث البترول يقوم بعمل خلطة كيميائية لخطوط الأنابيب لمنع التأكل والتعامل مع كافة خطوط الأنابيب والغاز للمساهمة فى عدم تعرض هذه الخطوط للتأكل، وذلك من خلال مركز متخصص للمعالجة والمتابعة لكافة الخطوط البرية والبحرية، وهذا المركز سيساهم أيضا فى المشروع القومي للهيدروجين.

من جهته قال المهندس وائل حامد عبد المعطي، الخبير الدولي فى مجال الغاز والهيدروجين وعضو مجموعة خبراء الغاز في الأمم المتحدة في جنيف، يوجد هناك بعض المفاهيم الفنية، التي لابد من توضيحها للجميع بشكل مبسط والمهتمين بشؤون الطاقة والهيدروجين ، مثل أنواع الهيدروجين ، ومنها الهيدروجين الأخضر الذي يتم استخراجه من المياه بعملية التحليل الكهربائي باستخدام الكهرباء المولدة من مصادر الطاقة المتجددة سواء طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية، أما الهيدروجين الأزرق والذى يكون فى الغالب التركيز الأكبر عليه، ومصدره يكون من الغاز الطبيعي ، ويحتل الهيدروجين الأزرق اهتمام كبير خاصة من قطاع البترول، لأن مصر لديها مواردها الكبيرة من الغاز الطبيعي ولديها وجهات عالمية للتصدير من أهمها دول أوروبا، لافتا إلى أن مصر لها فرص حقيقية لتتصدر هذا المجال.

- السوق الأوربية تحتاج إلى وقود سواء من الغاز أو من البترول

  وأوضح الخبير الدولي فى مجال الغاز والهيدروجين، أن مصر لديها القدرة على ان تكون رائدة فى انتاج الهيدروجين، خاصة أن السوق الأوربية تحتاج إلى وقود سواء من الغاز أو من البترول، ولكن حالياً السوق الاوربية تحتاج إلى وقود لا ينتج عنه كربون، كما ان تلك الأسواق ليس لديها القدرة على انتاج الهيدروجين بما يلبي احتياجاتها المستقبلية لعدم وجود مقومات الإنتاج مثل الرياح او الشمس بفترات كافية لإنتاج الطاقة النظيفة بمعدلات عالية بعكس مصر التي لديها كافة المقومات التى تساعدها على انتاج وتصدير جميع انواع الطاقة المتجددة ومنها الهيدروجين، بالإضافة إلى مورد الغاز الطبيعي، وبالتالي فأن السوق الأوربية لن يذهب لأماكن بعيدة لشراء الهيدروجين ، وانما سيذهب إلى أقرب الأسواق لتلبية كافة احتياجاته من الطاقة الخضراء وهى مصر ، بالرغم من أنه يوجد دول أخرى بها مقومات الانتاج للهيدروجين ، ولكن مصر لديها السمات التى تبحث عنها الدول الاوربية ومن أهم هذه السمات أنه يوجد فى مصر نسبة سطوع الشمس تصل إلى 12 ساعة يومياً على مدار العام، ويصل معدل الإشعاع الشمسي داخل المنطقة العربية حوالي 2500 كيلوات وات لكل كيلو متر مربع وهذا الرقم مرتفع جداً ، وهذا يضمن تشغيل أجهزة التحليل الكهربائي للماء لانتاج الهيدروجين على مدار العام ، هذا بخلاف مورد الغاز الطبيعي.

وأشار  "عبد المعطي"،  إلى أن استراتيجية الهيدروجين فى مصر تعتبر أخر مرحلة من مراحل التخطيط، حيث تبدأ أول مرحلة البحث والتطوير، ثم تأتى بعد ذلك مرحلة وثيقة الرؤية وهي  توضح الرغبة في انتاج الهيدروجين، ثم تأتى بعد ذلك مرحلتين متقدمتين وهي مرحلة خارطة الطريق التي تحدد الأهداف المرجوة من الاستثمار في الهيدروجين، ومرحلة الاستراتيجية الوطنية للهيدروجين التي تحدد الأهداف النهائية والإطار الزمني، ورغبة الدولة في إدخال الهيدروجين ضمن منظومة الطاقة الوطنية وكذلك التصدير.

- مصر من أوائل الدول التي أعلنت عن أنها تقوم بإعداد الاستراتيجية الوطنية  للهيدروجين 

ولفت إلى أن إجمالي الدول التي قامت بإعداد استراتيجية وطنية للهيدروجين  حول العالم نحو بلغ 17 دولة، من ضمنها الدول المتقدمة مثل بريطانيا وفرنسا والمانيا، أما داخل المنطقة العربية فتعتبر مصر من اوائل الدول التي أعلنت عن أنها تقوم بإعداد الاستراتيجية الوطنية  للهيدروجين، والذي لابد أن يترجم هذا الإعلان بمشاريع على أرض الواقع، وذلك من خلال بناء محطات لإنتاج الهيدروجين، وبناءاً على الاعلان الرسمي لاستراتيجية الهيدروجين  النهائية سيتم التعرف على الأهداف المستقبلية لهذه الصناعة ونسبته في مزيج الطاقة، كما أشار إلى أن إجمالي عدد المشروعات الخاصة بإنتاج الهيدروجين فى المنطقة العربية بلغ نحو 33 مشروعاً، نصيب مصر من هذه المشاريع نحو 8 مشاريع معلنة. أما من جانب التكلفة، فأوضح الخبير الدولي أن تكلفة انتاج الهيدروجين مرتفعة جداً، حيث تصل تكلفة الهيدروجين الأخضر إلى نحو 32 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية للهيدروجين الغازى شاملة الانتاج والنقل والتخزين، عكس تكلفة الغاز الطبيعي التي قد تتراوح من 4 إلى 6 دولارات لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.

وفي سياق آخر، أوضح الخبير الدولي فى الغاز والهيدروجين ، إنه يمكن الاستفادة من خطوط الغاز الطبيعي فى عملية نقل الهيدروجين ، من خلال الشبكة القومية للغازات الطبيعية، ولكن بنسبة محددة من الهيدروجين يسمح بها لقدرة تحمل خط الغاز لها، لأن الهيدروجين ذرة خفيفة، ولا يجب التحميل على خط الغاز بنسبة عالية ، وذلك لعدم اختراق الكربون ستيل وهى المادة الخاصة داخل الأنابيب لعدم تأكل الخط، ولا يمكن استخدام خطوط الأنابيب بنسبة 100% فى نقل الهيدروجين، ولكن يمكن استخدامه كخليط بنسب محددة، كما أن المقاييس الأوروبية الحديثة استطاعت التعامل مع مزيج الغاز والهيدروجين حتى نسبة 33% دون الحاجة لتعديلات جوهرية مكلفة على خطوط الغاز.

فيما قال الدكتور جمال القليوبي، أستاذ هندسة البترول والطاقة بالجامعات المصرية وعضو مجلس إدارة جمعية مهندسى البترول المصرية، إن مصر تستطيع أن تطور إمكانياتها فى خلال مده محددة ، خاصة أن مصر دولة بترولية وتنتج الغاز الطبيعي،  كما يصل حجم استهلاك دول العالم حالياً من النفط الخام حوالي 104 مليون برميل يومياً، منهم 57 دولة لديها اكتفاء ذاتي من النفط، ويوجد 13 دولة لديها فائض يتم تصديره، كما وصل الاحتياطي من بحر العرب نحو 71% ، وذلك بفضل زيادة انتاج الغاز الطبيعي.

وأشار أستاذ هندسة البترول والطاقة، إلى أن هناك دول لديها شراهة استهلاك الطاقة ولا يوجد لديها معادلة الاتزان والترشيد والعدالة فى استهلاك الطاقة، لافتا إلى أن أى حروب قد تنتج فى المستقبل ستكون حروب عن الطاقة، وهذه الحروب قد تأتى قبل الغذاء والمياه، وقد يكون مضمون حرب الطاقة سوف تذهب إلى الدول التي لديها فائض واحتياطي ضخم من الطاقة وهى الخليج العربي كأعلى مستوى احتياطي في العالم فى الزيت الخام ، ثم منطقة شمال شرق المتوسط، والتي لم تكن في الحسبان قبل الاكتشافات الأخيرة.

وأوضح "القليوبي"، أن مصر لديها شبكة قومية للغازات الطبيعية بطول حوالي 26 ألف كيلو متر ، بحوالي 72 بار ، ولكن هذه الخطوط ليست مهيئة حالياً لنقل الهيدروجين، ولكن يمكن استخدام القاعدة البحثية فى مصر وعمل تطوير واستخدام تكنولوجة حديث لتحمل هذه الأنابيب للهيدروجين ، وذلك من خلال توزيع المهام من حيث كيفية تنفيذ هذا المشروع القومي.

كما أشار أستاذ هندسة البترول والطاقة، إلى أن مصر ستصل إلى نسبة حوالي 11% من الهيدروجين فى الطاقة خلال 2030، كما ستكون قدرات مصر من الطاقة النووية نحو 35%، ونحو 35% طاقة متجددة، كما سيتم تشغيل أول مرحلة من محطة الضبعة النووية خلال 2025/2026، وسيتم تشغيل باقي المراحل تباعاً قبل نهاية 2030، لافتاً إلى أنه من أجل العمل الفعلي فى الهيدروجين بمصر كإنتاج وتصدير ليس قبل عام 2030، كما يوجد عدد من الاتفاقيات التي أبرمتها الحكومة مع عدد من الدول فى مجال الهيدروجين أهمها ألمانيا وذلك من خلال شركة سيمنز المتخصصة فى الطاقة وهى الأقرب إلى الحكومة المصرية فى العمل على انتاج الهيدروجين.

أما المهندس حازم نور رئيس مجلس إدارة أرسكو، فقد قال إنه بالنسبة لعملية التصنيع الخاصة بإنتاج وتخزين الهيدروجين، لابد من معرفة التكنولوجية المستخدمة لذلك ، وكذلك خطة التشغيل والإدارة، مثل أى صناعة أخرى، ومصر قادرة ورائدة فى مجال التصنيع المحلي بأحدث التقنيات العالمية ومهارة وكفاءة عالية، مثل مشروع الضبعة النووى الذى يتم استخدام نسبة عالية حالياً فى المكون المحلي من التصنيع.

- التوصيات

- «القليوبي»، لابد من عمل فريق عمل قومي للتعامل مع الهيدروجيني بالفكر المصري، وليس بالفكر المستورد، طالما لدينا الكثير من الامكانيات التى تجعل مصر خلال الـ10 سنوات القادمة لديها الطاقة بمصادرها المتعددة، وذلك لوجود فائض من الطاقة حالياً يمكن استغلاله، ونطلق العنان للفرق البحثية العلمية، وخاصة فيما يخص معهد بحوث البترول فى عملية النقل والتخزين، يمكن التعاون مع المعاهد البحثية الأوروبية، ولكن يتم التعامل مع الهيدروجين بفكر المصريين، وذلك من أجل ان يكون لدينا زيرو إنبعاثات كربونية، من خلال الطاقة المتجددة والهيدروجين، وكذلك كيفية انتاجه من البحر المتوسط والبحر الأحمر وكيفية عملية الإسالة والتخزين والنقل واعادة التصدير».

- مدير معهد بحوث البترول: « لابد من التكامل والتكاتف من أجل تنفيذ المشروع بأيادى مصرية والاستفادة من القاعدة البحثية المصرية».

- الخبير وائل حامد: « كنظرة خارجية عن فرص إنتاج الهيدروجين فى مصر، لابد من النظر ومراجعة ومتابعة الأسواق العالمية المحتملة لهذه السلعة الواعدة، ومع ارتفاع تكلفة انتاج الهيدروجين لابد من وجود توفير استثمارات للبدء في هذا النشاط وأبرزها الاستثمارات الأوروبية، والبحث عن شركاء لإنتاج وتصدير الهيدروجين ، من خلال توفير التكنولوجيا والاستثمارات، ومصر لديها كافة الإمكانيات، وبذلك يتم تحقيق المنفعة المشتركة لكل الأطراف، وبذلك يتم تحقيق الهدف المرجو من الهيدروجين، كما أنه لابد من دخول الحكومات فى توقيع الاتفاقيات وذلك يشكل قوة دفع كبيرة جدا لإتمام هذا المشروع الوطني».

- المهندس حازم نور: «أولاً لابد من معرفة القدرات المصرية وكافة الإمكانيات المتاحة، حيث يوجد إمكانيات هائلة فى مصر تستطيع أن تكون رائدة فى هذا المجال، كما أن مصر لديها قدرات كبيرة فى مجال التصنيع لكافة مكونات المشروعات المتعلقة بالطاقة والغاز.