الشرطة العصرية والجمهورية الجديدة
دائماً ما نحتفل بعيد الشرطة ويكون هذا الاحتفال مرتبطاً بإنجازات جديدة تحققها وزارة الداخلية فى العديد من المجالات.
ولكننا هذا العام لن نتحدث كثيراً عن إنجازات الشرطة بقدر ما سوف نتحدث عن تلك الاستراتيجية الجديدة التى تنتهجها الوزارة حالياً لكى تتواكب سياستها مع الإعلان عن قيام الجمهورية الجديدة، وما يتطلبه ذلك من تطوير فى الفكر وتحديث فى الأداء للارتقاء بالنتائج بما يتماشى مع أهداف تلك الجمهورية.
لقد شهدت معظم قطاعات وزارة الداخلية إنجازات ونجاحات تحسب لها خلال عام 2021 وجميعها تهدف الى تحقيق أمن واستقرار البلاد.
حيث قام قطاع الأمن الوطنى بتوجيه العديد من الضربات الاستباقية لجماعة الإخوان الإرهابية التى حاولت إعادة إحياء نشاطها من خلال العمل على إيجاد مصادر تمويل أنشطتها.
كما شهد القطاع تطوراً كبيراً فى مجال مكافحة الجرائم الإلكترونية، حيث تم الكشف عن تفاصيل قضية المحادثات المفبركة التى كانت موجهة ضد مؤسسات الدولة بغرض نشر الشائعات وترويج الأكاذيب المغرضة.. وما زال رجال هذا القطاع يعملون بكل جهد وإخلاص فى مجال جمع المعلومات وتحليلها ورصد ومراقبة تلك العناصر الإرهابية والتصدى لمخططاتها والحفاظ على أمن واستقرار الوطن.
كما شهد عام 2021 إنجازات غير مسبوقة فى مجال مواجهة محاولات تهريب المخدرات داخل البلاد بكافة الوسائل، سواء عن طريق البحر أو ميناء القاهورة الجوى.
يأتى كل هذا فضلاً عن العديد من الإنجازات الأخرى فى مجالات مكافحة جرائم الأموال العامة والتهرب الضريبى وغسل الأموال وغيرها من نجاحات قطاعات وزارة الداخلية المختلفة.
إن كل ما أشرنا إليه يحسب بلا شك فى إطار إنجازات أجهزة الشرطة التى لا تتوانى عن أداء دورها الحاسم فى مجال ضبط ومنع الجريمة.
إلا أن الأهم من ذلك هو تغيير فكر واستراتيجية الوزارة خلال الفترة السابقة، حيث اهتمت بتحديث معظم الإدارات والمصالح الشرطية التى تتعامل مع المواطنين، خاصة فى مجال الرقمنة وإنشاء أقسام شرطة جديدة لخدمة المناطق الجديدة والمناطق ذات الكثافة السكانية العالية، بالإضافة إلى زيادة سيارات الدوريات المتحركة، وهو الأمر الذى أدى إلى تراجع واضح فى مجال الجرائم الجنائية، وهو ما يعرف بـ"الأمن الوقائى"، كما أنه أدى إلى الارتقاء بمنظومة العمل الأمنى وتوفير الأجواء لتقديم الخدمات المختلفة للمواطنين.
الآن قد تم تغطية جميع ميادين ومعظم الشوارع المهمة فى المحافظات المختلفة بكاميرات مراقبة على أحدث الطرازات، حيث تم ربطها مباشرة بغرف عمليات تعمل على مدار الساعة.. وهو الأمر الذى كان السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى حريصاً على التوجيه إليه العام الماضى أثناء حضوره جانباً من اختبارات كشف الهيئة لطلبة كلية الشرطة حفاظاً على هيبة رجل الشرطة فى الشارع، وكذلك استثماراً لجهده فى مجالات أخرى إذا استدعى الأمر ذلك.
وهنا تجدر الإشارة أيضاً إلى تلك الأعداد المتزايدة التى يتم قبولها للدراسة بكلية الشرطة من الحاصلين على الشهادة الثانوية أو من خريجى كليات الحقوق، وذلك فى محاولات مستمرة لتغطية احتياجات الوزارة التى تتزايد الأعباء عليها عاماً بعد آخر.
ثم نأتى إلى البعد الإنسانى الذى اهتمت الوزارة بتغطيته، والذى تمثل فى إعادة تهيئة وتطوير منظومة السجون المصرية لتصبح مراكز للإصلاح والتأهيل تنفيذاً لمحاور الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التى أطلقها السيد الرئيس، حيث تم تطبيق ذلك فى أول الأمر على سجن وادى النطرون ثم سجن مدينة بدر، حيث رأينا المؤسسات العقابية وقد أصبحت مراكز لإعادة صياغة سلوكيات النزلاء بها كى يكونوا مواطنين صالحين لهم دورهم فى المجتمع عقب انتهاء فترة العقوبة المقررة عليهم.
وجاء ذلك إيماناً من وزارة الداخلية باحترام حقوق الإنسان باعتبارها ضرورة من ضروريات العمل الأمنى المتطور الذى يتواكب مع توجهات الدولة المصرية التى تسعى جاهدة لمراعاة حقوق الإنسان بصفة عامة حتى هؤلاء الذين يقضون فترة عقوبتهم فى مراكز الإصلاح والتأهيل الجديدة، والتى كانت محل تقدير العديد من البعثات الأجنبية ووسائل الإعلام التى قامت بزيارة تلك المراكز مؤخراً.
إن كل ما تم تحقيقه من إنجازات يأتى متزامناً مع الاحتفال بالعيد السبعين للشرطة المصرية، والذى يخلد ذكرى صمود رجالها فى موقعة الإسماعيلية فى 25 يناير 1952 بعد أن رفضوا الاستسلام للمحتل الإنجليزى، وظل هذا اليوم يمثل يوماً عزيزاً فى الذاكرة المصرية يخلد بطولات رجال الشرطة وتضحياتهم دفاعاً عن تراب الوطن وكرامة شعبه.. وها هم أحفاد هؤلاء الأبطال من رجال الشرطة ما زالوا يضحون بأرواحهم فداء لوطنهم ولتستمر مسيرة العطاء والفداء جيلاً بعد جيل.
إن الدعم الذى تقدمه الدولة المصرية، متمثلة فى السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى، للشرطة المصرية لهو الحافز الرئيسى لكى تبذل أقصى ما لديها من جهد وإخلاص لصون أمن البلاد بمشاركة رجال القوات المسلحة المصرية التى تشكل مع الشرطة حالياً سداً منيعاً لمحاولات أهل الشر النيل من استقرار البلاد.. وسوف تستمر الشرطة والجيش فى أداء رسالتهما النبيلة لتحقيق رسالة الأمن والسلام فى ربوع البلاد.. وتحيا مصر.