«العين» تطرح النسخة العربية لرواية الكاتب الياباني كوبو آبي «المعلَّب»
- صدرت حديثا عن دار العين للنشر والتوزيع، النسخة العربية لرواية "المعلَّب"، للكاتب الياباني كوبو آبي، ومن ترجمة مجدي خاطر.
يُعدُّ "كوبو آبي" (1924-1993) أبرز كُتَّاب الأدب الطليعي في اليابان خلال النصف الثَّاني مِن القرن العشرين، تُرجمت له روايتان إلى اللغة العربية، «امرأة في الرمال» صدرت عن دار الآداب، و«موعد سري» التي صدرت عن المؤسسة العربيَّة للدراسات والنشر، والروايتان من ترجمة كامل يوسف حسين.
و"كوبو آبي" صاحب إنجاز أدبي رفيع حداثيَّ عن وضع الفرد بالمجتمعات المعاصرة، عبر أعماله التي شملت فن الرِّواية والمسرح والقصَّة القصيرة. حيث يجسَّد فيها تيماته الرئيسة: الاغتراب؛ العُزلة؛ فقدان الهُوِيَّة؛ الكوميديا السوداء؛ المحاكمات العبثيَّة؛ مُدن التيه؛ النفور الجنسي؛ النوازل الطبيعيَّة وفانتازيا الحيوان. باعت كتبه ملايين النسخ وتُرجمت إلى عشرات اللغات. وكثيرًا ما قورنت أعماله بكتابات «كافكا» و«بيكيت» و«ألبرتو موراﭬـيا»، حتَّى لقد سُمِّي بكافكا اليابان، وظلَّ مرشَّحًا مُنتظرًا لجائزة نوبل حيث تكرر اسمه عِدَّة مرَّات. وقد نُقل عن صديقه الأديب الياباني «كنزابورو أوي» أنَّه أعلن عقب فوزه بالجائزة عام 1994 أنَّه رُبَّما كان آبي هو الأديب الَّذي يستحق الجائزة.
رواية «المعلَّب» الصادرة حديثا عن دار العين للنشر، والتي صدرت لأول مرة سنة 1973، هي واحدة من أشهر أعمال "كوبو آبي"، وتُعدُّ استعارة قويَّة عن الذات المتشظِّية في ظل النمو الاقتصادي سريع الوتيرة الَّذي شهدته طوكيو خلال فترة الستينيات. تبدأ الرواية بأولى الصور الفوتوغرافيَّة الكثيرة المنتشرة بين صفحات الكتاب، لكن هذه المرَّة بصورة «نيجاتيـﭫ» تكشف عن رجل في شارع. إلى جانب الصُّورة قُصاصة من صحيفة تحمل عنوان: «تطهير ’أوينو‘ مِن المشرَّدين، اعتقال مائة وثمانين خلال حملة أمنية هذا الصباح». نتعرَّف بعدها إلى بطل الرِّواية الَّذي يحاول إنقاذ نفسه من التفسُّخ الرُّوحي، فيلجأ للعيش داخل صندوق من الكرتون وعيش حياة ناسك متجوِّل.
إنَّ عالم كوبو آبي الممسوخ يتسع للاستعارات التي يقبل بها الأدب البوليسي وأدب المغامرات والجريمة، جنبًا إلى جنب مع الاجترار الفلسفي لأسئلة الهوية وصورة الذَّات، ورُبَّما لهذا السبب يجد القارئ صعوبةً في تصنيف عالم آبي الأدبي الَّذي يتأرجح بين الواقعية السحريَّة والوجوديَّة والسرياليَّة، حيث يزجُّ بشخصياته دائما مِن الطبيعة العادية للواقع المسكون بلاعبين ثانويين يقبلون نتائج منافية للمنطق ولا تتفق مع المقدمات التي يبدءون منها.
فنجد في رواية "المعلَّب"، شخصيَّة تتابع حياتها الرتيبة ذات الحيثيات المُضجِرة، يعترضها شبَح أو جنِّي أو ظاهرة خارقة يبدو حضورها عاديًّا مثل عمود إنارة أو صندوق بريد في عُرْض الشَّارع. هكذا يصل آبي بالواقع إلى حدوده الأخيرة وهو يتعاطى مع صيغة، يتزن فيها العبث والسرياليَّة والفانتازيا مع قَدْرٍ مساوٍ مِن رتابة الواقع ووحشيته.