مستشارة الأمم المتحدة بشأن ليبيا لـ«الدستور»: نقدر الدور المصرى في الملف الليبي
أشادت مستشار الأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا، ستيفانى وليامز، بالدور المصرى فى الملف الليبى، مؤكدة أن القاهرة بذلت جهودًا مهمة من أجل تحقيق الاستقرار فى جارتها، حيث استضافت ورعت الكثير من المباحثات بين أطراف الصراع لإحداث توافق وتهدئة الأوضاع وتأمين البلاد. وكشفت «وليامز»، فى حوارها مع «الدستور»، عن كواليس زيارتها الأخيرة القاهرة، موضحة أنها أثنت على الدور المصرى خلال لقاءاتها مع مسئولين رفيعى المستوى، وركزت على قضية دعم الانتخابات الليبية، مشددة على ضرورة احترام مطالب أكثر من ٢.٨ مليون ليبى بإجراء الاستحقاق الانتخابى ووقف الحرب، وانتخاب رئيس وبرلمان جديد، وعودة الأمن والاستقرار وتوحيد المؤسسات.
وأشارت إلى أن عددًا من الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة ألمح لفرض عقوبات على كل من يعرقل إجراء الانتخابات، لافتة إلى أن مجلس الأمن سبق وأكد ضرورة معاقبة معرقلى العملية السياسية فى ليبيا. ونوهت إلى أن وجود المرتزقة فى ليبيا تسبب فى العديد من الأزمات السياسية والاجتماعية والأمنية والعسكرية، مشيرة إلى أن إخراج هؤلاء أمر مهم، ولكنه ينبغى ألا يكون شرطًا لإجراء الانتخابات.
■ بداية.. أجريت جولات مكوكية شملت عددًا من العواصم منها القاهرة وأنقرة.. ما الهدف من هذه الزيارات؟
- هذه الجولات إلى عدد من دول المنطقة جاءت لشرح التطورات فى ليبيا، كما أنها جزء من مهمتى فى البعثة الأممية فى ليبيا للتواصل مع كل الأطراف الفاعلة فى الملف، وكذلك حشد المواقف الدولية لدعم مطالب الشعب الليبى لإجراء الاستحقاق الانتخابى، وشرح وإطلاع كل الأطراف على الأحداث التى تمر بها البلاد فى الوقت الحالى.
■ كيف ترين الموقف المصرى فى حل الأزمة الحالية التى تمر بها ليبيا؟
- بكل تأكيد، مصر من الدول المهمة فى المنطقة التى لها تأثير كبير فى الملف الليبى بصفة خاصة، كونها لديها حدود مشتركة مع ليبيا، إضافة إلى أن هناك اهتمامًا حقيقيًا من الجانب المصرى بدعم واستقرار وحفظ الأمن فى البلاد.
وبالنسبة لى أنا مقدرة الدور المصرى ومساندته البعثة والليبيين، لذلك أحب أن أنوه إلى أن القاهرة استضافت العديد من المحادثات الخاصة بحل الأزمة، ومنها محادثات الغردقة التى عقدت فى سبتمبر ٢٠٢٠ فى إطار محادثات اللجنة العسكرية المشتركة «٥ + ٥»، وغيرها من الاجتماعات التى هدفت إلى توحيد المؤسسة العسكرية بين طرفى الصراع.
كما أن مصر تستضيف العديد من العائلات والأسر الليبية هنا فى القاهرة، لذلك أكرر مجددًا تقديرنا لوقوف الشعب المصرى بجانب أشقائه فى ليبيا.
■ ما أهم الملفات التى تمت مناقشتها مع الجانب المصرى خلال هذه الزيارة؟
- تناقشنا حول الموقف المصرى وركزنا على دعم الانتخابات الليبية، وبالنسبة إلىّ، أعتقد أنه لابد من احترام مطالب أكثر من ٢.٨ مليون ليبى بإجراء الانتخابات، والابتعاد عن الحرب، وانتخاب رئيس وبرلمان جديد، وعودة الأمن والاستقرار وتوحيد المؤسسات.
■ وما أسباب تأجيل الانتخابات التى كان مقررًا إجراؤها فى ٢٤ ديسمبر الماضى؟
- الأسباب الحقيقية تحدثت عنها المفوضية العليا للانتخابات فى ليبيا التى أكدت حينها وجود ما يعرف بالقوة القاهرة والتى حالت دون إجراء الانتخابات فى موعدها المحدد.
فالمفوضية قالت إنه بسبب ما وصفته بظروف القوة القاهرة، لم تستطع إجراء الانتخابات فى موعدها، وتمت إحالة الأمر إلى مجلس النواب من أجل مراجعة القوانين الانتخابية والبحث عن حل بين الأحكام القضائية المتناقضة بشأن الانتخابات.
وبالفعل هناك تقدم فى هذا الأمر، فقد عقد البرلمان عدة اجتماعات فى الأسابيع الماضية وشكل لجنة خارطة الطريق، وعقدت اللجنة عدة اجتماعات مختلفة مع العديد من الأطراف الليبية من مرشحين وشخصيات عامة، لذلك من المقرر أن يتم تقديم تقرير لجنة خارطة الطريق إلى مجلس النواب فى ٢٥ يناير الجارى.
■ من وجهة نظرك.. هل ستتم الانتخابات فى يناير أم سترجأ إلى أجل غير مسمى؟
- كما قلت من قبل، خارطة الطريق المنبثقة عن الحوار السياسى التى اعتمدها مجلس الأمن الدولى نصت على إجراء الانتخابات فى ٢٤ ديسمبر ٢٠٢١، ومع فشل إجراء الانتخابات عاد الأمر مجددًا إلى الليبيين وشكل مجلس النواب لجنة خارطة الطريق وتجرى مشاورات مع المجلس الأعلى للدولة «الاستشارى»، من أجل تحديد موعد جديد.
وبحسب الخارطة المنبثقة عن لجنة الحوار، فإنه فى حال تعذر إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية فى موعدها يتم إجراؤها بحلول يونيو ٢٠٢٢، ونحن فى البعثة نترقب تقرير لجنة خارطة الطريق المنبثقة عن مجلس النواب فى ٢٥ يناير الجارى، ونتمنى إجراء الانتخابات فى أقرب وقت حتى يتمكن الليبيون من ممارسة حقوقهم فى اختيار من يمثلهم.
■ أتعتقدين أنه سيتم إقرار عقوبات دولية حيال معرقلى الانتخابات؟
- عدد من الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة ألمح لفرض عقوبات على كل من يعرقل إجراء الانتخابات، ومجلس الأمن سبق أن أصدر تحذيرات لمعرقلى العملية السياسية فى ليبيا.
■ ألديكم موقف معين من المرشحين الحاليين للرئاسة؟
- ليس لدينا موقف ضد أى شخص، فالليبيون وحدهم يختارون من يمثلهم فى الانتخابات، وهذا الأمر بطبيعة الحال يرجع إلى الشعب، لذلك أؤكد أن البعثة ليست مع أو ضد أى شخص.
■ هناك بعض المطالب بوضع الدستور أولًا وليس إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية.. ما موقفكم من هذه المطالب؟
- التقيت العديد من النواب وذهبت إلى العديد من المدن الليبية للاستماع إلى المطالب، والتقيت العديد من المرشحين والنواب، فهناك من تحدث عن العودة إلى القضاء بشأن تفسير القوانين الانتخابية، وهناك من تحدث عن وضع قواعد دستورية، وهناك رأى آخر يتحدث عن الاستفتاء على الدستور بعد إجراء التعديلات اللازمة عليه. وهناك من تحدث عن ضرورة إجراء الانتخابات البرلمانية أولًا، لذلك على كل هؤلاء أن يأخذوا فى اعتبارهم الليبيين المقيدين فى جداول الانتخابات الذين يقدرون بأكثر من ٢ مليون ناخب، فهؤلاء يريدون أن يشاهدوا تقدمًا حقيقيًا فى العملية الحالية الانتخابية، وليس إطالة أمد الأزمة، ويتطلعون أيضًا إلى توحيد المؤسسات المنقسمة منذ أمد بعيد، ووجود حكومة وطنية قادرة على توحيد المؤسسات وحماية حدود الدولة.
■ ما هو الدعم الذى تقدمه البعثة الأممية فى ليبيا للجنة العسكرية المشتركة ٥+٥ من أجل توحيد المؤسسة العسكرية؟
- أعتقد أن الأمور حاليًا تسير بشكل جيد، وهنا لابد من الإشادة بعمل اللجنة العسكرية المشتركة، فنحن فى البعثة الأممية ندعم اللجنة بشكل كامل فى أداء مهمتها، ونثمن المحادثات التى تمت فى شهر يناير الحالى، وقبلها فى ديسمبر، بين الفريق أول عبدالرازق الناظورى، والفريق أول محمد الحداد فى مدينة سرت.
ونثمن اللقاءات التى قامت بها اللجنة العسكرية المشتركة فى القاهرة وموسكو وأنقرة من أجل التباحث حول إخراج المرتزقة، لذلك نحن ندعم وبكل قوة إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من الأراضى الليبية.
وهنا أحب أن أشير إلى أهمية الدور المصرى فى دعم اللجنة العسكرية المشتركة، فالقاهرة استضافت محادثات عدة بين عسكريين ليبيين للتباحث حول توحيد المؤسسة العسكرية، وأعتقد أن الأمور تسير على أفضل حال فى هذا الإطار.
■ ما طبيعة الدعم الذى تقدمه البعثة الأممية إلى مفوضية الانتخابات؟
- هناك دعم كبير يقدمه المجتمع الدولى لمفوضية الانتخابات، منه الجانب التقنى والجانب الفنى، وهناك تعاون كبير مع المفوضية فى العديد من الجوانب الأخرى من أجل إنجاز الاستحقاق الانتخابى فى أقرب وقت، لذلك أؤكد أن الأمم المتحدة تسعى بكل قوة مع الأطراف الدولية لإنهاء الأزمة الليبية والحفاظ على وحدة ليبيا وسيادتها.
متى ستكون ليبيا خالية من المرتزقة والقوات الأجنبية؟
- لدينا اتفاق لوقف إطلاق النار الموقع فى ٢٠٢٠ يتحدث عن هذا الأمر، ومسألة المرتزقة ليست أمرًا جديدًا أو طارئًا، هى أزمة موجودة منذ بداية السبعينيات، ووجود المرتزقة فى ليبيا تسبب فى مشكلات سياسية واجتماعية وأمنية وعسكرية ويجب التعامل معها.