تحليل دبلوماسى أمريكى يدعو إلى التصدى لنفوذ بكين فى «عام النمر الصينى»
لا تزال المنافسة بين الولايات المتحدة والصين محتدمة، ويبدو أن ذلك سيستمر طويلا، حيث ترى واشنطن في بكين التهديد القادم للهيمنة الأمريكية، ومن ثم ينصب تركيزها على الحد من التنامي المتزايد لنفوذ الصين وقوتها.
ودعا الدبلوماسي والسياسي الأمريكي بيتر هوكسترا، سفير الولايات المتحدة السابق لدى هولندا خلال إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، في تقرير نشره معهد جيتستون الأمريكي، إلى ضرورة أن يتبنى الساسة الأمريكيون موقفا قويا لتحجيم النفوذ الصيني.
وقال هوكسترا، الذي كان عضوا لمدة 18 عاما في مجلس النواب الأمريكي عن ولاية ميشيجان، إن عام 2022 وفقا للتقويم الصيني هو "عام النمر"، الذي يرمز إلى العمل الحثيث، حيث يشتهر النمر بقوته وجرأته وقدرته على فعل كل شيء على نطاق واسع، ومن ثم رأى الدبلوماسي الأمريكي أن الفرصة سانحة أمام أمريكا لـ "مواجهة سلوك الصين الخبيث والخطير".
ورجح هوكسترا أن عام 2022 سيكون في نهاية المطاف نداء الاستيقاظ الذي يحتاجه الأمريكيون. وأوضح أنه على مدار فترة طويلة للغاية، كانت الحكومة الأمريكية وكبار رجال الأعمال في فترة استرخاء، حيث سمحوا للصين والحزب الشيوعي الصيني باكتساب قوة على حساب الولايات المتحدة وقيمها. وأوضح أنه في عام 2001، رحب ساسة مثل الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش بالصين في منظمة التجارة العالمية، ووعدوا بأن ذلك لن يفيد التجارة العالمية فحسب، بل سيعزز التزام الصين بسيادة القانون، وأن بكين سوف "تدخل بعض الإصلاحات المدنية". ورأى هوكسترا أنه في هذه المرحلة، من الواضح أن الأمور لم تمض على هذا النحو تماما.
وأشار إلى دلائل على أن الأمريكيين يستيقظون أخيرا على العديد من التهديدات الصادرة عن الصين، لافتا إلى أنهم لا يزالون يكافحون موجة الإصابات بالتمحور أوميكرون في السنة الثالثة من حقبة فيروس كورونا "الذي نشأ في مدينة ووهان الصينية". وأضاف: "من خلال التستر على إمكانية نقل الفيروس من إنسان إلى آخر، قتلت الصين بالفعل أكثر من 800 ألف شخص من مواطنينا".
وقال هوكسترا إن الأمريكيين "يشعرون بالإحباط والغضب، لأنه بدلا من أن يكون النظام الصيني صريحا بشأن الفيروس، أخفاه بينما كان يكتنز الإمدادات الطبية ومعدات الحماية الشخصية، وأصر على أن يسافر مواطنوه وينشروا الفيروس في الخارج".
وأوضح أن المزيد من غضب الأمريكيين يستهدف الحزب الشيوعي الصيني، "الذي حاول تحويل اللوم وتوجيه اتهامات لا أساس لها ضد أمريكا والغرب، وأن الكشف عن معلومات جديدة عن تواطؤ الحزب الشيوعي الصيني في الانتشار العالمي للفيروس لا يمكن إلا أن يؤدي إلى تفاقم الوضع".
وأظهر استطلاع للرأي أجرته جامعة هارفارد ومجلة بوليتيكو في يوليو 2021 أن غالبية الأمريكيين، بمن فيهم أغلبية الجمهوريين والديمقراطيين، يعتقدون أن الفيروس تسرب من مختبر صيني، ربما عن طريق الخطأ. وفي مارس 2020، لم يصدق ذلك سوى 29% من الأمريكيين. وفي حين أن الولايات المتحدة منقسمة سياسيا بشدة حول معظم القضايا، فإن الاتفاق بين الحزبين على أن مختبر الحكومة الصينية الذي له علاقات عسكرية، مسؤول عن جائحة كوفيد 19، يدل على أنه في أخطر قضية تؤثر على أمريكا، يرى سياسيون من الحزبين أن الحزب الشيوعي الصيني هو السبب الأساسي للكارثة التي لا تزال تؤثر على حياتهم بعد مرور عامين.
ويضيف هوكسترا: "علاوة على ذلك، يعتقد الجمهوريون والديمقراطيون على حد سواء، وسط رفض الصين المتكرر السماح بأي تحقيق في نشأة الفيروس، أن النظام الصيني كان أقل شفافية في مشاركة ما لديه من معرفة بشأن الفيروس". واستشهد بما قاله رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأمريكي آدم شيف من أن "استمرار بكين في عرقلة إجراء فحص شفاف وشامل للحقائق والبيانات ذات الصلة بشأن مصدر فيروس كورونا لا يمكن إلا أن يؤخر هذا العمل الحيوي".
كما دعا البيت الأبيض وأعضاء مجلس النواب الجمهوريين بشكل مشترك، إلى مزيد من الشفافية وتبادل المعلومات، مما يشير كذلك إلى اتفاق الحزبين حول الافتقاد للشفافية من قبل الحكومة الصينية.
وبينما يرى الأمريكيون العدد الكبير من سفن نقل الحاويات التي تنتظر قبالة الساحل الغربي لتفريغ البضائع، فإنهم يدركون أن الكثير من المواد على تلك السفن تأتي من الصين. ويقول هوكسترا إن السؤال المعقول الذي يطرحونه بشكل متزايد هو، لماذا تتعامل أمريكا مع بلد تقول حكومتنا إنه يمارس الإبادة الجماعية ويسرق الملكية الفكرية والوظائف الأمريكية؟
وقال هوكسترا إن مكانة الصين في الولايات المتحدة تتآكل بوتيرة سريعة، وأوضح أن الشركات الأمريكية باتت تخرج من الصين، وفي عام الانتخابات المقبلة، ستكون الصين محور التركيز الرئيسي للمشهد السياسي. وفي الفترة من عام 2020 إلى عام 2021، تضاعف عدد الأمريكيين الذين يرون الصين أكبر تهديد لبلادهم، من 22% إلى 45%. وينظر 63% من الأمريكيين إلى القوة الاقتصادية للصين باعتبارها تشكل تهديدا.
ولن يكون الساسة الأمريكيون الهدف الوحيد للشعب الأمريكي، الذي يستهدف أيضا الشركات الأمريكية التي لديها نهم للمبيعات والأرباح من الصين.
وسوف يطالبون الشركات بالرد على الإبادة الجماعية التي شنها الحزب الشيوعي الصيني في شينجيانج، والقمع السياسي في هونج كونج، والتهديدات ضد تايوان.
وقال هوكسترا: "بالتالي فإن الساسة في أمريكا سوف يحتاجون إلى مواجهة الصين وإلا فسوف يعيدهم الشعب إلى بيوتهم في نوفمبر 2022"، من خلال انتخابات التجديد النصفي.