تطبيقات إلكترونية تتلف الجهاز العصبي وتصيب المستخدمين بمشكلات نفسية
طفل لم يبلغ من العمر سوى 12 عامًا فقط، فقد الكثير من طفولته أمام صفحات التواصل الإجتماعي، حتى قرر ذويه خضوعه للتأهيل النفسي تحت رعاية طبيب مختص لمعالجته من إدمان التواصل الاجتماعي، خاصة بعد رسوبه في الفصول الدراسية، ودخوله في مرحلة من العزلة داخل غرفة نومه بعيدًا عن أسرته ومدرسته.
تقول والدة الطفل عمر أشرف، طالب في المرحلة الابتدائية بمدينة المحلة الكبرى، إن أسوأ قرار قامت بفعله حين أعطت هاتف محمول لطفلها كهدية لعيد الميلاد الخاص به، حين تسبب ذلك الجهاز في تدمير نفسية الطفل بسبب مقاطع الفيديو السيئة التي كان يعتاد على مشاهدتها طوال الوقت عبر تطبيق "تيك توك"، ويحاول تقليدها من حين إلى آخر.
وعن فترة مرضه: "دخل في مرحلة اكتئاب لمدة 5 أشهر، ورسب عامين في المدرسة بعد أن تملكت مواقع التواصل الاجتماعي منه، وجعلته خاضع لمتابعتها طول فترة استيقاظه من النوم، كما جعلته يحاول الانتحار في إحدى المرات عندما انغمس في تجربة لعبة الحوت الأزرق وما يشبها من ألعاب خطيرة تتلف العقل".
لم تتردد السيدة في عرض طفلها على طبيب نفسي كمحاولة للتخلص من إدمان "السوشيال الميديا" الذي أصابه وجعله يعاني من مشكلات في الجهاز العصبي، وبالفعل خضع الطفل لمدة شهرين من المتابعة الدورية والتأهيل النفسي داخل غرفة نومه بعد محاولة انتحاره على الفور، حتى تعافى تمامًا من هذا المرض الخبيث عائدًا إلى أسرته وحياته الدراسية التي غاب عنها كثيرًا.
أرقام كارثية
كشفت تقارير المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية مؤخرًا، أن هناك أكثر من 8 ملايين شخص يعانون من اضطرابات نفسية، بينهم 14% من البالغين، ويوجد 60% منهم يفكرون في الانتحار، بالإضافة إلى أن 18% يرتكبون جرائم.
كما أفادت تقارير صادرة عن أكبر شركات الإنترنت على مستوى العالم فى الأعوام الثلاث الأخيرة، أن هناك 188 مليون رسالة إلكترونية يتم ضخهم في الدقيقة الواحدة، وفي ذات الوقت بلغ عدد النصوص المكتوبة عبر الصفحات 18.1 مليون في الدقيقة.
وعن تطبيق الفيس بوك والواتس اب، فقد بلغ عدد مستخدميهم 41.6 مليون شخص في الدقيقة الواحدة، بينما يتم مشاركة 4.6 مليون فيديو عبر اليوتيوب، في حين أنه بلغ عدد المتفاعلين مع الإنترنت في الدقيقة 270 مليون شخص، كما يوجد 3.8 مليون للاستفسار عبر موقع جوجل، و 347222 متصفح على تطبيق الإنستجرام، وتجاوز أيضًا إجمالي الإنفاق على الإنترنت مليون دولار في الدقيقة.
هنا يُعالج مرضى "السوشيال ميديا"
تواصلت "الدستور" مع مستشفى "المشفى" لعلاج الإدمان والصحة النفسية، لتوضيح تفاصيل التأهيل النفسي، والطرق المتطورة في علاج الإدمان خلال الفترة الأخيرة، والبرنامج المُقدم من قبل أطقم المستشفى في علاج الأمراض الناتجة عن استخدام "السوشيال ميديا".
وتّبين خلال حديثنا معهم أن المستشفى توفر وحدات داخل المستشفى مختصة في علاج إدمان التطبيقات الإلكترونية، والأمراض التي تصيب مستخدميه باختلاف مراحلها، معتمدين على برامج تأهيل نفسي ومعرفي متطورة تمكن الحالات من التعافي سريعًا، بجانب التأهيل البدني داخل الصالات الرياضية وحمامات السباحة في المستشفى، كما يوجد غرف مخصصة للقراءة والاستطلاع لكن بعيدًا عن استخدام أي أجهزة إلكترونية.
الجلسة الأولى تعتبر كشف كامل عن الحالة النفسية التي تعرض لها مدمن التواصل الاجتماعي، وبناءًا عليه يتم تحديد فترة العلاج والطرق اللازمة له، وفي حالة وجود نسبة من الخطورة يُحجز المريض داخل المستشفى لمدة معينة يتخلص عبرها من أعراض التواصل الاجتماعي، وإعادة تأهيل نفسه بدنيًا واجتماعيًا، ليكون قادرًا على التعامل مع أقاربه وزملاءه في العمل.