اخْلَع رَأسك
عَيناى مَفقُوءتانِ
وهى أشياءٌ قالَ الشَّاعرُ: لا تُشترَى
تراهُ ماذا يقولُ فى قلبٍ حاصَرهُ الخَوْفُ؟
هذا زمَنُ الخَوْف
زمَنُ أُفولِ نَجمِ الحُريَّةِ
وبِزوغِ الحَجْرِ والعُزلة
حين يَسرِقُ الجوعُ الوَعى
ويُقايَضُ الشُّموخُ بالجَهل
فتكون الكَلمةُ بِذرةً لا تُنبِتَ شَيئًا
حين ينهارُ شَعبٌ
فارِسُه بسيفٍ من خَشب
يَسقُط من خريطةِ الزَّمانِ للهاوِية
تبدأُ ساعاتُ الحَظرِ
ولا حَظْرَ
تَتعبُ قدماى من حَمْلى
وتبحثُ شَفتاى عن سِرٍّ
أُناشِدُ أرصِفةَ النِّسيانِ
أن تُذكِّرَنى بِما حدَث
وكيف حدَث
أَعُضُّ أسْفلْتًا تَهيَّأ للتَّهشُّمِ
لتسكُنَهُ الأحزانُ الليليةُ
وطِفلٌ فى المُنحَنى يُباغِتُنى بالابتسام
أتَجوَّل فى الطُرقاتِ وفى يدى
عُنوانٌ بَلَّلهُ الدَّمعُ
فتلاشَت حُرُوفُهُ وصارت بُقعًا زَرقاءَ
وبَشرٌ هُناك ينتظِرونَ
لا ينتحِرون
لكِن توَّقفَتْ بِهم الحَياة
يَمضونَ إلى مَصائرِهِم
مُكبَّلينَ بالخوْف
حين يبزغ نجم الليل
أَدَع الأرضَ والسَّماءَ إلى جُدرانٍ أربَعة
وقَهوتى المَسائية شريكًا لى
وحَكايا عن أحلامٍ بأجنِجة
غابَت فى بِلادِ المَجهول
لا تُلاطِفنى بكلِماتِ الصَّبر
ولا تُلقِى على مَسمَعى حِكمةَ سُقراط
سُقراط لم يَصبِر
ونغَماتُ السِّمسِمِيَّة لا تَدفعَ قلبى للرَّقصِ
أُحاولُ عبثًا أن أخلَعَ عن رَأسى الخوْفَ
لا أتشبَّثَ بصُداعِ الحُلم
أرتدى ثوبًا مُطرَّزًا بأحداقِ الصِّغار
وبأمنياتِ الصبايا المُمَلَّحةِ
يعزِفُ الناىُ أُنشودَةَ البُكاء
ويُقطِّرُ وجَعًا
أكتُبُ فى عَجلَةٍ ما أشاءُ
رُبما بَعد هنيَّة لا أجِدُ حَرفًا مُطيعًا
أرفَعُ أَشرِعةَ البَقاء
أَشُدُّ حِبالًا وأُراقِبُ الرِّيحَ
بينما قاربى مَثقوبٌ
لكنَّ الرَّاياتِ مُعلَّقةٌ على السَّوارى
مُرفرِفة رُغم عَصْفٍ لا ينتهى
وأصواتِ المُصَلين
توحِى إلىَّ بتصديقِ الأغانى
اخلَعْ رأسُكَ
وانزَعْ عنكَ الخوْفَ
ادخلوا مِصرَ ولا تسألوا
لا تسألوا عن عدَسِها وبصَلِها وقثائها
لا تسألوا عن أوجاعها
اسألوا عن صَبيَّةٍ شامِخةٍ
تحمِلُ الصَّوْلَجان
تَلفِظُ أجملَ وُردِها قرابينَ للتُراب
حين لا تُحيطَ بالعِشقِ الأشواكُ
لا تَسقُطَ الأوْطان.
من ديوان «ليْلٌ طَويلُ القَامة»