فى ذكرى رحيله..
ظلت معه 29 عامًا.. حكاية سيارة إبراهيم أصلان التى اشتراها بـ 1000 جنيه
فى 2 سبتمبر الماضى؛ وافق مجلس الوزراء بعد إجراء بعض التعديلات التي طرحها الوزراء، على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون المرور الصادر بالقانون رقم 66 لسنة 1973، بشأن السيارات المتهالكة المتروكة في الشوارع والأحياء، وشمل التعديل أن يتولى قسم المرور المختص بالتنسيق مع المحافظة المختصة، ووحدات الإدارة المحلية، والأجهزة التابعة لهيئة المجتمعات العمرانية، رفع المركبات المهملة، أو المتروكة، أو أنقاضها، والموجودة في أي مكان بالطريق على الفور، بمجرد ضبطها، وإيداعها بالأماكن المخصصة، وتحديد نفقات الرفع والإيداع وإيجارها اليومي قرار من المحافظ المختص، وتكون تلك المركبات في حيازة المحافظة من تاريخ الإيداع بالأماكن المحددة.
هذا القانون سيساهم فى اختفاء معلم بارز من معالم جاردن سيتي لسنوات طويلة؛ ألا وهي سيارة الكاتب الكبير الراحل إبراهيم أصلان (3 مارس 1935 - 7 يناير 2012)؛ والذى تحتفى الأوساط الثقافية بذكرى رحيله الثامنة اليوم.
اشترى أصلان سيارته، وهي فولكس موديل 58، عام 83. استمرت معه حتى وفاته في 2012، أي أنها ظلت معه 29 عامًا بالتمام والكمال للدرجة أنها تحولت إلى جزء من شخصيته، تمامًا مثل شاربه الضخم الذي كان يغطي شفتيه، كما تحولت إلى معلم من معالم شارع رستم في جاردن سيتي؛ حيث كان يركنها بالقرب من مكتب الحياة اللندنية، حيث يرأس القسم الثقافي.
ستجد لدى أصدقائه المقربين وما أكثرهم نفس الحكاية عن ذهابهم إليه، ثم استقلالهم السيارة معه من هناك؛ حيث يظل يدور بها في الشوارع المتشابهة للحي الراقي، قبل أن يعود مرة أخرى إلى شارع رستم، وهكذا.
كتب عزت القمحاوي نصًا بديعًا عن أصلان في أخبار الأدب، ووصف مقبض الباب الذي قد ينخلع في يدك إذا لم تنتبه لطريقة التعامل معه. كان أصلان يتعامل مع سيارته بمحبة شديدة، وكان إصلاح العيوب التي تطرأ عليها واجبًا دائمًا ومتكررًا. اشتراها بألف جنيه، ودفع مائة جنيه للسمسار، الذي كان وسيطًا بينه وبين مالكها. قلة الأموال كانت تدفعه أحيانًا إلى ركنها فترات طويلة، ولكنه كان يعود إليها ليعيدها سيرتها الأولى بـ«عَمرة» كاملة. لم يفكر في تغييرها، لأنها كانت تساعده في قضاء المشاوير من المنزل إلى العمل على الأقل، وهكذا كانت «العِشرة» تتجدد بينهما دائمًا.
ابنه هشام كان في الرابعة من عمره حينما اشتراها أصلان، وحينما كبر صارت لديه قصص خاصة بها. لقد نقلت الأسرة مقر إقامتها من إمبابة إلى المقطم، وكان المنزل الذي يقطنه هشام على بعد من الشارع الرئيسي، والشارع الجانبي به مطلع ضخم للغاية، ومن الصعب أن يمر بدون تلك السيارة، وقد سمح له الأب بأن يستقلها، فقط لكي يعبر المطلع ويركنها في الشارع الرئيسي، كما سمح له أن يستخدمها كمواصلة داخلية فقط، أي لا يذهب بها بعيدًا عن المقطم.
يقول هشام فى تصريحات سابقة: "أنا اعتمدت فكرة أنها مواصلة داخلية، وطبعًا ساءت حالتها لدرجة أن أحد إطاراتها طار فجأة وأنا أسير بها في الشارع، وجاء الجيران وساعدوني في تركيبها مرة أخرى، وعلى العموم قررنا ركنها منذ حظر التجول الأول الذي تم فرضه بعد ثورة يناير، وعوامل الركنة حولتها إلى خردة"، وأضاف: "هناك من يحدثك عنها باعتبارها أنتيكة، لأنها أولًا موديل قديم، وثانيًا تخص إبراهيم أصلان، ولكن هذا كلام غير مضبوط، فالناس ينظرون إليها باعتبارها سيارة قديمة".
منذ فترة كان بعض الجيران بالإضافة إلى البواب قادمين من صلاة الفجر، وفوجئوا بمجموعة من اللصوص وقد فكوا أحد كراسي السيارة، وفي طريقهم لفك الكراسي الأخرى، وبدأوا في الصياح والهجوم عليهم، ولكن اللصوص أطلقوا النار في الهواء فتوقف الجميع، وإكمالًا للمشهد خرج ناضورجي من السيارة كان يراقب الطريق لهؤلاء اللصوص وسار معهم.
هشام كان يتصل بوالده دائمًا ليقول له إنها تعطلت به في مكان ما، وفي النهاية قال له: اركنها، ومنذ تلك اللحظة لم تتحرك السيارة التي كانت جزءًا من حياة الكاتب الكبير، وهو ما يجعلنا نتساءل عن مصير سيارة إبراهيم أصلان بعد تطبيق هذا القانون.
بالفعل تواصلنا مع ابنه شادي وسألناه عن مصير السيارة لكنه لم يجب عن تساؤلنا.