مستغلا أزمة تغير المناخ.. الأمير تشارلز يسعى لتحريك المياه الراكدة مع «الابن الضال»
في مقال حصري له بصحيفة نيوزيك الأمريكية، استلهم الأمير تشارلز ولي عهد بريطانيا، خطاب الرئيس الأمريكي جون كينيدي، في عام 1963، عندما كانت أزمة الصواريخ الكوبية تهدد العالم بحرب نووية، حيث قال كينيدي حينها: «أن الحرب اعتقادًا خطيرًا وانهزاميا».
كما جادل كينيدي، ضد وجهة النظر القائلة بأن "البشرية محكوم عليها بالفناء" أو "تسيطر عليها قوى لا يمكننا السيطرة عليها، مؤكدا: "مشاكلنا من صنع الإنسان - وبالتالي يمكن أن يحلها الإنسان، ويمكن أن يكون الإنسان كبيرًا بقدر ما يريد، مضيفًا: لا توجد مشكلة تتعلق بمصير الإنسان تتجاوز البشر، غالبًا ما يحل عقل الإنسان وروحه ما يبدو غير قابل للحل، ونعتقد أنهما يمكن أن تفعل ذلك مرة أخرى".
في إطار هذا الخطاب الملهم، أكد الأمير تشارلز أن كلمات الرئيس الأمريكي لابد من إعادة احيائها في الوقت الحالي حيث البشرية مهددة بأكبر خطر بيئي متمثل في أزمة "تغير المناخ".
معركتنا ضد تغير المناخ
أضاف ولي عهد بريطانيا: "معركتنا ضد تغير المناخ لخلق كوكب أنظف وأكثر أمانًا وصحة للأجيال القادمة، مرة أخرى، يقف العالم على حافة الهاوية، ونحن بحاجة إلى تعبئة عاجلة لقاعدة شبيهة بالحرب إذا أردنا الفوز".
واشار إلى تأسيس الأمير فيليب قبل ستين عامًا، للصندوق العالمي للحياة البرية، معتبرًا تشارلز أن والده انتبه إلى الضرر الذي تلحقه البشرية بالأرض في وقت مبكر.
تابع: "على الصعيد العالمي، تنكر الأرقام المتضائلة دور البشرية في تغير المناخ، لكن لا يزال الكثيرون يؤكدون بتشاؤم على افتقارنا إلى القوة لوقف، وربما عكس الضرر الذي يلحق بكوكبنا، أننا "محاصرون من قبل قوى خارجة عن إرادتنا".
أردف: «يخبرنا العلم أن هذه القوى تقع إلى حد كبير في نطاق سيطرتنا، ولكن فقط إذا اخترنا أن نتصرف بوعي، سواء أكان الأمر كما في زمن جون كينيدي، يضع رجلاً على سطح القمر، أو يطور مؤخرًا لقاحًا لـ COVID-19، فقد أثبت الجنس البشري قدرته على حل ما يبدو أنه غير قابل للحل».
رسالة إلى الأبن الضال
كما استغل الأمير تشارلز المناسبة لتحريك المياه الراكدة بينه وبين أبنه الامير هاري قائلا: «بصفتي أب، أنا فخور بأن أبنائي أدركوا هذا التهديد، وقد سلط ابني الأصغر هاري، الضوء بحماس على تأثير تغير المناخ ، لا سيما فيما يتعلق بأفريقيا ، والتزم بمؤسسته الخيرية لتصبح صافي الصفر».
أضاف: «كما أطلق ابني الأكبر، ويليام ، جائزة إيرثشوت المرموقة لتحفيز التغيير والمساعدة في إصلاح كوكبنا خلال السنوات العشر القادمة من خلال تحديد التقنيات التي يمكن أن تحدث فرقًا والاستثمار فيها».
لحظة فاصلة بعد 2021
كما لفت إلى أن مع نهاية عام 2021 ، هناك كل الأسباب للاعتقاد بأننا وصلنا إلى لحظة فاصلة، قائلا: «وكانت الاتفاقات التي تم التوصل إليها في الدورة السادسة والعشرين لمؤتمر الأطراف في نوفمبر بمثابة تقدم مفيد ومهم، مرة أخرى كان هناك اعتراف دولي بأزمة المناخ».
كما أشاد بدور القيادات السياسية العالمية في تحمل مسئولية أزمة تغير المناخ، عبر إظهار شجاع والاستعداد لتحمل المسؤولية والمساءلة عن أفعالهم.
ولكنه حذر قائلا: «لا يمكن أن يكون عام 2021 فجرًا كاذبًا آخر، لا يمكننا ببساطة الاستمرار في تجاهل حقيقة أنه بالنسبة لملايين الأشخاص في الأجزاء المعرضة للخطر بشكل خطير من العالم، فإن تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي يدمرون بالفعل حياتهم وسبل عيشهم ويجعلون المكان الذي يعيشون فيه غير صالح للسكن على نحو متزايد».
وأضاف: «لقد رأيت بنفسي تأثير الفجر الكاذب، في نوفمبر الماضي، سافرت إلى الأردن ، ووقفت في موقع تعميد يسوع، تمكنت من رؤية مستويات المياه المستنفدة في واحدة من أكثر البلدان فقراً بالمياه في العالم».
وأكمل الأمير تشارلز رسالته النصية قائلا: «في مصر، الذي سيرأس الاجتماع القادم لمؤتمر الأطراف، سمعت عن التأثير المدمر لتغير المناخ على المياه والزراعة في دلتا النيل، في وقت لاحق من ذلك الشهر، عندما سافرت إلى باربادوس، استمعت إلى مخاوف الناس بشأن ارتفاع مستوى سطح البحر والتهديد الناجم عن وجود بلدهم».
حلول واقتراحات
وقدم ولي عهد بريطانيا بعض النصائح الاسترشادية للعمل على الحد من الأزمة المناخية، قائلا: «ما هو واضح هو أن أفعالنا مهمة، نحن نعلم ما يتعين علينا القيام به، مع تزايد عدد السكان الذين يخلقون طلبًا متزايدًا باستمرار على الموارد المحدودة للكوكب، يجب علينا تقليل الانبعاثات واتخاذ إجراءات لمعالجة الكربون الموجود بالفعل في الغلاف الجوي، بما في ذلك من الوقود الأحفوري ومحطات الطاقة التي تعمل بالفحم».
استطرد: «إذا تمكنا من وضع قيمة مناسبة على الكربون، فيمكننا جعل حلول احتجاز الكربون أكثر اقتصادًا، بعد بلايين السنين من التطور، تظل الطبيعة أفضل معلم لنا لذلك، عندما نبحث عن إجابات حول كيف يمكن للبشرية أن تعيش بشكل أكثر استدامة مع الكوكب، يجب أن نجعل الطبيعة هي دليلنا».
كما نوه إلى ضرورة التصدي للأزمة عبر توحيد الجهود الوطنية، لافتا إلى أن حجم التهديد ونطاقه يستدعى حلولاً إقليمية وعالمية تطلب مشاركة نشطة من كل قطاع من قطاعات الصناعة، في كل بلد حول العالم.
سيكون محور هذا الجهد حملة على النمط العسكري لحشد قوة القطاع الخاص العالمي لأن الأمر سيستغرق تريليونات، وليس مليارات، من الدولارات لتحويل اقتصادنا الحالي القائم على الوقود الأحفوري إلى اقتصاد متجدد ومستدام حقًا، هذا المستوى من التمويل، الذي يتجاوز الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ضروري لأن هناك العديد من البلدان المثقلة بمستويات متزايدة من الديون ولا يمكنها ببساطة أن "تصبح خضراء" دون مساعدة كبيرة.
استفاض تشارلز: بالنظر إلى عام 2022، عام الفرص الهائلة، نحتاج إلى عقلية "نحن" مماثلة على المستوى العالمي في معركتنا لإنشاء كوكب أنظف وأكثر صحة"، مؤكداً أن الاعتراف بترابطنا كشعب عالمي، يجعلنا ندرك أن حدودنا لا تحددنا في مواجهة التهديدات العالمية، وأنه في نهاية المطاف ، لا أحد منا آمن حتى نكون جميعًا آمنين.
أوضح: "هذه هي الطريقة الوحيدة لتصحيح عدم التوازن بين حجم المشاكل وحجم ووتيرة الحلول التي يجري تطويرها".
فيما شدد على أن في الوقت الحالي، ليس هناك ما هو أكثر إلحاحًا من وضع الطبيعة والناس وكوكبنا الفريد والهش في قلب الطريقة التي نعيش بها ونعمل ونؤدي أعمالنا لخلق أفضل مستقبل ممكن للبشرية.
واختتم حديثه قائلا: «الوقت الآن، عيون أبنائنا وأحفادنا تحكم علينا، فلنجعل جيلنا هو الجيل الذي يستطيع ذلك، ويفعل مع دخولنا عام جديد، لا توجد لحظة نضيعها».