حضانات غير مرخصة تنتهك حقوق الأطفال.. و«التضامن» تتدخل لحل الأزمة
وجد الأب نفسه مسئولا عن طفله الذي لم يتعد الثلاث سنوات بعد انفصاله عن زوجته، الأمر الذي اضطره للاستعانة بإحدى الحضانات القريبة من منزله فى مدينة 6 أكتوبر، فالعمل خارج المنطقة القاطن بها جعله غير قادر على رعاية الطفل بشكل دائم.
كتب الأب الثلاثيني عبر صفحته الخاصة على موقع "فيسبوك" حكاية طفله مع الحضانة غير المرخصة التى ألحقه بها وتسببت في أذى كبير للطفل، حين اكتشف إصابته بحالة من الإعياء الشديد والصمت طوال الوقت دون الإفصاح عن ما حدث له، ليذهب به إلى طبيب نفسي على الفور بحثا عن السبب الرئيسي لتدهور صحته بذلك الشكل الملحوظ.
أخبره الطبيب حقيقة ما تعرض له ابنه من اعتداء جنسي واضح داخل الحضانة، جعله يدخل في حالة اكتئاب حاد منعته من القدرة على التعبير عن ما حدث من قبل مالك الحضانة الذي استغل انشغال الأب عن الطفل، وكان يقضي معه وقت طويل داخل مكتبه الخاص بعد انصراف الأطفال والمشرفين من الحضانة.
لم يستوعب الأب ما كشفه الطبيب بعد الجلسات النفسية التي خضع لها، واستطاع من خلالها وصف ما عاشه داخل الحضانة، ليتجه الأب مسرعًا إلى قسم شرطة ثالث بمدينة 6 أكتوبر، ويحرر محضرًا ضد مالك الحضانة، وحين بدأت الجهات المعنية في التحقيق، وشكلت وزارة التضامن الاجتماعي لجنة مختصة للتقصي من الأمر، أُثبت أن الحضانة غير مرخصة.
وزارة التضامن الاجتماعى وضعت عدة شروط للسماح بتشغيل حضانة، وتبدأ أولى الخطوات بالتوجه إلى الوحدة أو الحي التابع للموقع المختار والحصول على تحويل للهيئة العامة للأبنية، وتقوم الهيئة بمعاينة المكان وملحقاته، ويتم الرد بالموافقة على المكان أم لا، ثم يتم تحويل عدادات الموقع إلى تجاري بدلًا من خاص.
أيضا يتم تقديم طلب للحصول على الترخيص اللازم يتضمن الاسم والجنسية والمؤهل وعنوان السكن والرقم القومي والموقع وسن الأطفال ونوعيتهم، ومواصفات الحضانة من اسم وسعة وفترة رعاية ونوع الرعاية، وبعد ذلك سيتطلب مستندات خاصة بالشخص والموقع المختار، وهي الإثبات الشخصي وصورة لعقد ملكية الموقع أو إيجاره، وأخيرًا يكون موثقًا بالشهر العقاري.
في منطقة صقر قريش بالمعادي، وبالأخص داخل الطابق الثاني لمبنى سكني وجدنا إحدى الحضانات الإسلامية غير المرخصة، مكونة من غرفتين إحداهما مخصصة للأطفال والأخرى للإدارة، لذا أجرينا جولة بداخلها لنتقابل مع أحد المسؤولين بحجة إلحاق طفل لدينا بالحضانة.
التقى "محرر الدستور" بإحدى المشرفات داخل الحضانة، والتي قالت إن الحضانة تقبل الأطفال من سن خمس إلى سبع سنوات، كما تساعد على نشأة الأطفال بالطريقة الإسلامية عن طريق تعليمهم أصول الدين، وتعويدهم على صلاة الجماعة وحفظ القرآن والخطب الأسبوعية، إلى جانب دراسة اللغة العربية والحساب.
وحين طالبناها بالاطلاع على ترخيص الحضانة من وزارة التضامن، قالت: "الحضانات كلها هنا غير مرخصة، مش محتاجين غير شقة وشوية لعب للأطفال، والترخيص دوخة، وضعنا كدة أفضل".
وصل عدد الحضانات غير المرخصة على مستوى الجمهورية نحو 10 آلاف و488 حضانة تعمل دون أي أوراق رسمية، بينما هناك 14 ألفًا و281 حضانة حصلت على الترخيص الرسمي للعمل، حسب تقارير وزارة التضامن الاجتماعي الصادرة عام 2021.
ومن الجانب القانوني، أوضح المحامي حسين زكريا، أنه لا يجوز فتح أى حضانة إلا بعد توافر عدة شروط، أولها التأكد من سلامة المبنى الذي تم اختياره مع ضرورة توافر شروط الحماية المدنية والتنظيم السكانى، وأن يكون المكان آمناً على الأطفال، والتأكد من أن صاحب الحضانة ليس عليه أى شبهات جنائية، كونه سيؤتمن على أطفال.
وتابع المحامي: "شدد قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 والمعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 على أنه لا يجوز إنشاء دار حضانة أو التغيير فى موقعها أو مواصفاتها قبل الحصول على الترخيص بذلك من وزارة التضامن الاجتماعى، وكل دار لها الحق فى وضع الشروط الواجب توافرها فى الأطفال المقبولين لديها، طبقًا لنوع الخدمة التى حددتها فى طلب الترخيص لفتح الحضانة، وذلك من حيث الحالة الصحية والسن وفترة الرعاية والظروف الاجتماعية للطفل وتحديد نظام سداد الاشتراك وسعره طبقًا للخدمات المتوفرة بالحضانة".
وأشار أيضًا إلى التسهيلات التي تقدمها وزارة التضامن لأصحاب الحضانات غير المرخصة في مصر، بعد أعمال الحصر التي تنفذها لجنة تنظيم عمل الحضانات غير المرخصة، وتختص باتخاذ الإجراءات اللازمة لمنح ترخيص مؤقت لمدة 3 سنوات لكل الحضانات التي انتهت مدة ترخيصها أو التي لم تحصل على الترخيص بعد.