أساتذة صينيون يتطلعون إلى تعزيز دور اللغة العربية فى التواصل الحضارى
أعرب أساتذة وخبراء في تعليم اللغة العربية من أكثر من 10 جامعات ومعاهد في الصين، عن تطلعهم إلى أن تؤدي اللغة العربية دورًا مهمًا ومتزايدًا في تعزيز التواصل الحضاري بين شعوب العالم، وخاصة في تعزيز التبادلات اللغوية والحضارية بين الصين والدول العربية.
جاء ذلك خلال ندوة للتبادل المعرفي بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية الموافق يوم 18 ديسمبر من كل عام، تحت موضوع: "اللغة العربية والتواصل الحضاري"، أقامتها المُلحقية الثقافية بسفارة المملكة العربية السعودية ببكين، يوم السبت الماضي.
وفي هذا السياق؛ رأى عبدالله بن مسير بن طوالة، القائم بالأعمال في السفارة السعودية لدى الصين، إن صمود اللغة العربية خلال القرون الطويلة ما هو إلا لكونها لغة أم تتميز بالعمق والرصانة، بالإضافة إلى انفتاحها المستمر على الثقافات والحضارات الأخرى.
وأشار "بن طوالة"، إلى الدور النشط الذي تلعبه السعودية في نشر اللغة العربية، حيث اهتمت بإنشاء مراكز تعليم اللغة العربية وتعزيز مكانتها والحفاظ عليها والنهوض بها، كما تسعى إلى إنشاء مراكز متخصصة لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها لتكون تابعة للأكاديميات والمدارس السعودية في الخارج لنشر اللغة العربية؛ نظرًا لأهمية ذلك في إبراز الثقافة والتراث العربي الأصيلين والمساهمة في تعزيز التبادل الثقافي.
وبدوره؛ قال الدكتور أحمد بن علي الزهراني، الملحق الثقافي في السفارة السعودية لدى الصين، إن اللغات البشرية هي قنوات الاتصال بين شعوب العالم، وإن السعودية من بين الدول التي تدرك أهمية نشر لغتها، وجعلت ذلك هدفًا نصب عينيها يدفعها لإنفاق الغالي والنفيس، وبذل جهود كبيرة في خدمة اللغة العربية، دعمًا لانتشارها وتيسيرًا لتعليمها وتعلّمها.
وخلال حديثه عن التبادلات اللغوية والتعليمية الجارية بين الصين والدول العربية، أشاد الدكتور الزهراني بالنجاحات المذهلة التي حققتها الصين في تعليم وتدريس اللغة العربية، من خلال العديد من الجامعات والمعاهد المتميزة، مؤكدًا أنها تعد نموذجًا ناجحًا يُحتذى به في تدريس وتعليم اللغة العربية.
وفي هذا الصدد، أعرب الأستاذ لوه لين، عميد معهد الشرق الأوسط في جامعة اللغات والثقافة ببكين، أعرب عن ثقته التامة بأن اللغة العربية ستتألق كأداة مهمة لتعزيز السلام والتنمية بين الأمم والشعوب، وأنها ستظل جسرًا ثقافيًا لتوثيق الحوار المخلص بين الصين والدول العربية، وتحقيق التفاهم الشامل والمنافع المتبادلة بين الشعبين الصيني والعربي، ما يساهم في بناء مجتمع المستقبل المشترك للصين والدول العربية، وحتى للبشرية جمعاء.
من جانبه؛ قال فو تشي مينج، نائب عميد كلية اللغات الأجنبية بجامعة بكين، إن اللغة العربية كانت من أقدم اللغات التي تدرس في الصين منذ القدم، حيث يرجع تاريخ تدريسها إلى أكثر من ألف سنة، لافتًا إلى أنه وبعد بداية تدريس اللغة العربية كمنهج حديث في جامعة بكين في عام 1946، يجري تدريسها في أكثر من 50 جامعة ومعهدًا بالصين حاليًا، وقد ربّت الصين آلاف الخريجين والمثقفين والأكفاء، كما لعبت اللغات دورًا لا بديل عنه في عملية تبادل الثقافات وتنقلها.
كما استعرضت الدكتورة وي تشي رونج، نائبة عميد كلية الدراسات الشرق أوسطية بجامعة الدراسات الدولية ببكين، وجهة نظرها حول تعليم اللغة العربية وأهميتها، مشيرة إلى أن اللغة العربية لقيت إقبالًا كبيرًا نظرًا لأهميتها المتزايدة في العالم، ومن الطبيعي أن توفر اللغة العربية فرصًا أكبر للتبادل مع الحضارات المختلفة، وخاصة للصينيين، وقالت: نحن ندعو دائمًا إلى التبادل مع كافة الدول في العالم، بما فيها الدول العربية، ومن الضروري أن نربي أشخاصًا أكفاء في اللغة العربية جيلًا بعد جيل في مختلف المجالات.
وحول مستقبل اللغة العربية وتطوراتها، استشهد شوي تشينج قوه، الأستاذ في جامعة الدراسات الأجنبية ببكين ومدير مركز الشيخ زايد للدراسات العربية والإسلامية، بكلمات من مقالة للأديب اللبناني الشهير جبران خليل جبران بعنوان (مستقبل اللغة العربية)، ورد فيها: "إن مستقبل اللغة العربية يتوقف على مستقبل الفكر المبدع الكائن أو غير الكائن في مجموعة الأمم التي تتكلم هذه اللغة".
ورأى الأستاذ شوي، أن الفكر المبدع موجود ومتأصل في كيان الثقافة العربية، وعلى العرب اليوم إحياؤه وإيقاظه فهو ليس مناقضًا للقيم الإسلامية ، بل بالعكس، إنه قيمة متجذرة في صميم الحضارة العربية الإسلامية، ومع إحياء الفكر المبدع في نفوس الشعب العربي، لا شك أن اللغة العربية ستصمد أمام جميع التحديات، وستكون هذه اللغة العريقة الجميلة لغة الحاضر واللغة المستقبلية واللغة الأبدية.
إلى جانب ذلك، قدم أساتذة وطلبة وهواة للغة العربية من الجامعات والمعاهد الصينية، على هامش الندوة، تلاوات شعرية من قصائد مشاهير الشعراء العرب، وعروضًا للعزف على آلة العود.