الجفري: الدين معتقد لا يستطيع أحد أن يجبر إنسان عليه مهما حدث
شارك الداعية اليمني الحبيب على الجفري فى منتدى تعزيز السلم في دورته الثامنة بالإمارات، وذلك لليوم الثانى على التوالى.
جاءت هذه الدورة تحت عنوان: "المواطنة الشاملة، من الوجود المشترك إلى الوجدان المُتشارك" وتستمر الفعاليات إلى 7 ديسمبر الجارى، وأدار الجفري جلسات المحور الثاني تحت عنوان "نحو صياغة مفهوم جديدٍ للمواطنة الشاملة".
واستهل الجّفري الجلسة قائلاً: “نحن في مفترق طرقٍ، يشهد فيه العالم كثيرًا من المتغيّرات؛ أهمها: المتغيرات الفلسفية، المغيبة عن كثير منّا في منطقتنا، ويمكن أن يُتغانم هذا المنعطف التاريخي الذي يمر به العالم في مرحلة تلاشي آثار فلسفة ما بعد الحداثة، وظهور معالم الفشل لهذه الفلسفة التي يتهيأ العالم لصياغة فلسفة جديدة؛ بعد ما بعد الحداثة، أظن أن الوقت قد آن ليدلوَ أصحاب الفكر والعقل، أصحاب الشرع والثقافة، بدلوهم؛ لنشارك العالم في صياغة هذه المرحلة الجديدة”.
جاءت الجلسة الأولى بعنوان: "من المواطنة إلى المؤاخاةِ، قيم التضامن والتعاون بين أبناء الوطن"، شارك فيها كل من سعادة الدكتور إيريك جوفروا، رئيس قسم الدراسات العربية والإسلامية في جامعة ستراسبوج في فرنسا، وسعادة الدكتور عليون باه، عضو هيئة التدريس بجامعة ستراسبوج في فرنسا، وكان من تعقيب الحبيب علي الجفري على كلمته قوله: "لن تكون هناك مشكلة بين القسيس ولا الحاخام ولا الإمام؛ إذا لعبوا في فريق واحد، في الغالب ستأتي المشكلة من السياسي الذي في الاستاد إذا بدّل الكرة بحشوة متفجرة فركلها الإمام أو القسيس فقيل أن الإمام قد فجّر أو القسيس قد فجّر."
وفي التقديم للعنوان الثاني: "الهوية الدينية والهوية الوطنية؛ تلاؤم لا تصادم"، علق الحبيب علي الجفري في مستهل الجلسة بقوله: "نحن منذ عقود نعاني من الدوغمائية عند العلماني المتطرف، وعند الإسلامي المتطرف، الجمود، حفظ نصوص معينة يستمر تردادها، وخصوصًا عندنا في منطقتنا لا يزال لدينا هذه الدوغمائية عند الكثير من المنتسبين إلى الثقافة أو إلى الديانة، حتى أني أسمع من يتكلم يردد بعض العبارات، أوروبا تجاوزتها وانتقلت منها إلى مراحل أخرى، ونحن لا نزال لم نبرحها، في المواقف المعادية الصريحة من وجود الدين في الحياة.
لنا سنوات طويلة ونحن نسمع المواطنة المشتركة بغض النظر عن الدين، اليوم نقول: لا؛ المواطنة المشتركة والأخوة التي يدعمها الدين؛ لنتحول من مرحلة توهّم أن الصراع المنقول من ذاكرة سيئة، جزء منها موجود في تاريخنا، وجزء أكبر في التاريخ الأوروبي، إلى مرحلة جديدة؛ لأن الواقع أثبت ألا مناص من الدين، الدين طاقة لا تقبل الإلغاء؛ فإما أن توجَّه نحو العمران، أو أن يختطفها آخر؛ ليوظفها للهدم.".
شارك في الجلسة كل من نيافة الأب الدكتور ريتشارد سودوورث مستشار الشؤون الدينية القومية للكنيسة الإنجليزية بالمملكة المتحدة، والدكتور أحمد السنوسي، عضو مجلس أمناء منتدى تعزيز السلم، من المملكة المغربية، والأب الدكتور فادي ضو، وهو رئيس مؤسسة أديان ومديرها العام، أستاذ الفلسفة الأساسية والجيوسياسية الدينية في لبنان.
وعقب الحبيب علي الجفري في ختام الجلسات قائلا: في الحقيقة أن كل أطروحة من هذه الأطروحات تستحق الكثير من النقاش، وفسح مجال أكبر من الوقت، ولَيْتَنَا في المؤتمرات المهمة ذات العمق التنظيري نجعل الجلسات؛ جلسة لشخص لديه طرح ثقيل، ويأخذ وقتًا كافيًا، ثم يأخذ وقتًا من النقاش معه؛ لسبْرِ أطروحته، مثل الكلام الذي نظَّر به الدكتور في الجلسة الماضية، هو كلام عميق يستحق أن يناقش، وإشكاليات التناقض الموجود اليوم في المفردات، بين ليبرالية الفرد وبين سيادة الوطن..
تابع “الكلام الذي سمعناه من فرنسا ومن بريطانيا، ومن الأب، ومن الدكتور.. كل ذلك يستحق التأمل والنظر، لكن ما لا يدرك كله لا يترك جلّه، ولا أستطيع أن أختم قبل أن أجيب على تساؤل الأب من بريطانيا، عندما سأل: ”متى سيكون لديكم تقبل في منطقتكم أن يكون من الطبيعي أن يترك المسلم الإسلام ويرتحل إلى دين آخر أو إلى لا دين،؟ أقول له أو يبْلُغُه: ليست المشكلة عندنا أن يكون هناك اختيار فردي لإنسان بأن يغيِّر الدين؛ لأن الدين معتقد لا يستطيع أحد أن يجبر إنسان عليه، لكن المشكلة الأساسية عندنا عندما تأتي حملات موجهة لذلك، ولدينا جنوب السودان وأفريقيا الوسطى وغيرها مثال.