أدوية التخسيس
مَن يحكم فوضى بيع «أدوية التخسيس» على الإنترنت؟
في منتصف مارس 2017، عادت سلمى سعيد، 26 عامًا إلى منزلها في حي فيصل بالجيزة بعد يوم عمل شاق، لتجد ابنتيها "ندى ومنى"، عامين و7 أعوام، في حالة انتظار برفقة شقيقتها الكبرى نادية وزوجها وجلس الجميع على المائدة لتناول الغداء.
لم تكن سلمى تشعر بأي ألم أو مرض، ورغم ذلك وعقب مرور 5 دقائق من جلستها بجوارهم، شعرت بنغزات فى قلبها، وبدأ الألم يزيد وتتغير ملامح وجهها، ويتصبب العرق الغزير من وجنتيها، حتى فوجئ الجميع بصرختها وسقوطها مغشيًا عليها وهى لا تزال تمسك قلبها.
حملتها أختها وزوجها إلى مستشفى بعدما حاولا إفاقتها دون جدوى، واستقبلهم أطباء الطوارئ فى المستشفى، ووضعوها فى العناية المركزة لإجراء الإنعاشات اللازمة على قلبها، فلم تأتِ بنتيجة، ليخرج الطبيب ويخبرهما بوفاتها نتيجة سكتة قلبية مفاجئة.
سلمى لم تكن سوى ضحية دواء تخسيس شهير رأت إعلاناته على الإنترنت، وهو عبارة عن كبسولات على شريطين، كل شريط يحتوى ١٠ أقراص وثمن العلبة ٣٥٠ جنيهًا، ويزعم مروّجوه أنه لا يحتوى سوى على بضعة أعشاب طبيعية للتخسيس، أخذته الفتاة فى محاولة لإنقاص وزنها بعدما وصل إلى ٨٠ كيلوجرامًا، إلا أنها عقب تناول ١٠ حبات منه أصيبت بسكتة قلبية.
بدموع لم تفارقها رغم مرور عدة أشهر على الواقعة، تروى نادية ما حدث لشقيقتها، قائلة إنها "كانت تريد إنقاص وزنها قرابة ١٠ كجم فقط، فاشترت علبتين من دواء (تيربو سليم) من الصفحة الرسمية له على موقع (فيسبوك) دفعت فيهما ٧٠٠ جنيه".
فى منتصف العام ٢٠١٠، أطلقت اللجنة الفنية لمراقبة الأدوية بوزارة الصحة، بيانًا رسميًا حظرت فيه دخول أى أدوية مستوردة تحتوى على مادة تسمى "السيبوترامين"، خاصة بأدوية التخسيس المستوردة، لكونها تتسبب فى أمراض مزمنة وأزمات قلبية وجلطات دماغية.
أعقب بيان الصحة، تحذير رسمى من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية "FDA" فى ١٦ أكتوبر عام ٢٠١٠، حظرت فيه استخدام مادة "السيبوترامين"ــ التى وصفتها فى بيانها الرسمى بـ"القاتلة"ــ فى أدوية التخسيس.
إنجى حاتم، ٢٨ عامًا، حالة أخرى كاد أن ينهي الدواء حياتها، بعدما اشترته من إحدى الصيدليات فى منطقة الوراق بمبلغ ٣٠٠ جنيه وداومت عليه، فكانت تأخذ كبسولة يوميا، بعدما وصل وزنها إلى ١٠٠ كيلو، تقول: "كنت هموت بسببه، بعدما شعرت بسرعة فى ضربات قلبى تتكرر كل فترة، وانخفض ضغطي، وأصبح فمي جافًا طوال الوقت وأشعر بالعطش الشديد ورعشة فى يدى".
لم يكن أمامها قبل وقف الدواء سوى استشارة طبيب، الذى أكد لها أنه السبب فى كل ما يحدث فأوقفته على الفور.
تلك المضاعفات الجانبية التى ذكرناها سالفًا، هى نفسها التى شعرت بها مروة حكيم، فتاة ثلاثينية، كادت تصبح إحدى ضحايا دواء تخسيس بعدما اشترته من صفحته الرسمية على الإنترنت إلى منزلها بعدما وصل وزنها إلى ١٠٠ كيلو.
تحكى مروة: "بدأت أخذ الدواء منذ ٦ أشهر مضت، وشعرت بتقلبات فى المعدة، على مدار ثلاثة أيام لم أذق الطعام أو المياه وأصابني أرق شديد، وأصبحت أكثر عصبية، وشحب لون وجهى وانتابنى ضعف وسرحان وعدم تركيز شديد".
تضيف الفتاة أن ضربات قلبها بدت ضعيفة فى أواخر الأسبوع الأول من تناول الدواء، وشعرت بجفاف غير طبيعى فى فمها، ما دفعها للتخلص من باقى العلبة والامتناع عنه فى وقتها.
وعبر اتصال هاتفي بعينة عشوائية من الصيدليات بعدد من المحافظات تفاوتت أسعار أدوية التخسيس التي تحتوي على مادة "السيبوترامين" بين ١٧٠ جنيهًا و٢٠٠ جنيه و٣٠٠ جنيه وأحيانًا أقل من ذلك.
ما يدل على أن الدواء ليست له تسعيرة محددة أو متقاربة من بعضها، وعند الاستعلام عن رخص ثمنه وتفاوته، ذكر الصيادلة العاملون، أن الشركة قررت خفض سعره مؤخرًا بعد تعويم الجنيه، على عكس جميع الأدوية المستوردة، التى تدخل بالطرق المشروعة، وتفرض عليها ضرائب وجمارك، وارتفع سعرها إلى ثلاثة أضعاف.