طريق الأمل
من المؤكد أن متابعة أبناء الصعيد هذا الحدث التاريخى الأسطورى الذى شارك فيه الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى لا يألو جهدًا فى أن تعود مصر بقوة إلى مكانتها الصحيحة على خريطة السياحة العالمية- تختلف عن متابعة العالم بأسره. فها هو التاريخ يعيد نفسه على يد ذلك القائد الذى اعتدنا منه أنه دائمًا يفكر خارج النطاق المعتاد، وبمعنى آخر «خارج الصندوق»، وها هم أبناء الصعيد من أسوان إلى الأقصر إلى قنا يبهرون العالم، من خلال حضارتهم القديمة بأسرارها المكتشفة لتعيد تقديم إرثها الإنسانى والحضارى لكل باحث عن الحق والخير والجمال من الكرنك إلى أعمدة معبد الأقصر، عبر موكب الملوك أو طريق الكباش، وذلك عندما قرروا أن يعيدوا خطى الأجداد على ذلك الدرب فى حفل عالمى مهيب تشع أنواره من أرض طيبة، حيث بدأ التاريخ وقامت الحضارة وتدفق النيل هادرًا ليهب الحياة لمصرنا الغالية التى إذا أرادت فعلت وإذا فعلت أبهرت. لم تبدأ الاحتفالية بتشريف الرئيس موقع الحدث بل إنها بدأت عندما قام سيادته بزيارة متضررى الأمطار فى محافظة أسوان، حيث طمأن أهلها الذين يتصفون بالطيبة وحسن الخلق بأن كل شىء سيعود أحسن مما كان عليه، وسوف تكون أسوان منارة الجنوب ومركز إشعاع حضارى تنطلق به إلى الشمال حيث الأقصر، وما أدراك ما هى؟.. إنها أهم مدينة أثرية فى العالم وواحدة من أهم المدن السياحية.. إنها ماضى الحضارات ومستقبل الأجيال، فالذى لا يهتم بماضيه لا مستقبل له. ها هو العالم يشاهد معنا هذا الاحتفال المهيب فى رسالة واضحة له بأن مصر قد شهدت فى سنواتها الماضية اهتمامًا غير عادى بكل مواردها الاقتصادية والاجتماعية واليوم نشهد نهضتها السياحية، عندما بدأت فى ترميم آثارها ومتاحفها ومعابدها وما حدث يوم الخميس الماضى ما هو إلا تأكيد على إصرار الرئيس لإعادة رونق وأصالة الماضى انطلاقًا إلى المستقبل الذى يحلم بتحقيقه للأجيال القادمة. لقد عادت السياحة إلى مصر لتمثل أحد أهم مواردها الاقتصادية الجديدة بعدما عانت من حالة الركود والكساد، إما بسبب أحداث يناير 2011 أو بسبب جائحة كورونا.. كما أنها سوف تستقطب أعدادًا كبيرة من أبناء المجتمع المحلى فى الأقصر وأسوان وقنا تحديدًا فى إطار خلق فرص عمل مرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بالقطاع السياحى.. وليس أدل على ذلك من الطلبات التى تم تقديمها لتنظيم عروض أزياء عالمية فى الأقصر إلى جانب طلب العديد من شركات السياحة فى مد إقامة الأفواج السياحية الموجودة هناك لمشاهدة تلك الاحتفالية وما تبعها من فعاليات أخرى. لقد توقف التاريخ عدة ساعات عندما شاهد العالم تلك الأنوار التى أضاءت طيبة القديمة عاصمة الحضارة ومهد التاريخ والإنسانية؛ لتشع على طريق بطول 2700 متر يربط بين معبدى الكرنك والأقصر لتتحول الأقصر بعدها إلى أكبر متحف مفتوح فى العالم. إنها أيقونة تلخص 72 عامًا من الجهود والآمال وتحديدًا منذ اكتشافه عام 1949 وانتهاء بما شاهدناه فى فضاء السياحة العالمية فى إحدى هدايا مصر إلى العالم كله.. كانت الأقصر فى تلك الليلة قد تزينت وأصبحت فى أبهى صورها فى ليلة عرسها، فها هم شبابها وقد قاموا بالعديد من المشروعات الصغيرة التى أسهمت فى إضفاء مسحة جمالية على المدينة بصفة عامة، بالإضافة إلى استكمال مسيرة مشروع اللون الموحد لكل مبانيها؛ ليستمتع زائروها برحلة مميزة بين معالمها الأثرية والسياحية..وشارك طلبة وطالبات كلية الفنون الجميلة بالأقصر فى تجميل مدينتهم الساحرة وهم يشعرون بالسعادة والفخر بمشاركتهم فى استعادة رونقها وتاريخها وجاذبيتها السياحية للعالم بأسره. إننى أرى أن احتفالية الخميس الماضى وافتتاح طريق الكباش من الممكن أن تكون بداية قوية «لطريق الأمل» فى معظم محافظات الجمهورية.. إن كل محافظة منها لها بريقها وخصوصيتها ومن الممكن بالفعل أن تحقق ذات النجاح إذا تمكنت من حسن استغلال مواردها الطبيعية والبشرية، ومن أبرز تلك المحافظات، على سبيل المثال لا الحصر، الفيوم وقنا والوادى الجديد. إن طريق الأمل الذى أشرنا إليه يدعو الشباب من مختلف المحافظات لكى ينهضوا بالمدن والمراكز التى يعيشون فيها، من خلال العمل على تطويرها واستغلال مواردها من خلال إقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة التى تسهم فى تحقيق حضارة وتنمية تلك المحافظات، اقتناعًا منهم بأهميتهم لوطنهم، ولعل اهتمام الشباب من مختلف المحافظات بالمشاركة فى مؤتمر الشباب الرابع الذى سوف يقام بمدينة شرم الشيخ تحت رعاية الرئيس يدل على أنهم قد أصبح لديهم الوعى الكافى بأهميتهم لوطنهم وأهمية مشاركتهم فى كل ما يؤدى إلى رفعة شأن هذا الوطن الذى يقوده حاليًا فارس رشيد يعرف جيدًا أهدافه ويسعى دائمًا إلى تحقيق أحلامه.. وتحيا مصر.