حوار مع حارسة إيران المثيرة للجدل: أعمل نَجارة.. نوير قدوتى.. والساخرون «دماغهم فارغة»
حالة كبيرة من الجدل أثارتها حارسة مرمى منتخب إيران لكرة القدم للسيدات، بعدما قدم الاتحاد الأردني شكوى رسمية إلى الاتحاد الآسيوي، يطالب فيها بالتحقق من «نوع» الحارسة، بعد المباراة التي جرت بين منتخبي إيران والأردن، في سبتمبر الماضي، وانتهت بفوز الأول بركلات الترجيح، وتأهله إلى بطولة الأمم الأسيوية لأول مرة في تاريخه.
وفوجيء متابعو كرة القدم وغيرهم بالأمير علي بن الحسين، رئيس الاتحاد الأردني لكرة القدم، ينشر صورة من شكوى قدمها إلى الاتحاد الآسيوي، الأحد الماضي، للمطالبة بالتحقق من «جنس» حارسة مرمى إيران.
وجاء في البيان أنه «بالنظر إلى الأدلة المقدمة من الاتحاد الأردني لكرة القدم، ونظرا لأهمية هذه المسابقة، فإننا نطلب من الاتحاد الآسيوي لكرة القدم الشروع في تحقيق شفاف وواضح، من قبل لجنة من الخبراء الطبيين المستقلين، للتحقق من أهلية اللاعب المعني والآخرين في الفريق، خاصة أن فريق كرة القدم النسائي الإيراني له تاريخ في قضايا النوع الاجتماعي وتعاطي المنشطات».
وقبل ساعات قليلة، رد الاتحاد الآسيوي على شكوى الاتحاد الأردني، مؤكداً أن نتائج التحقيق التي أجراها توصلت إلى أن اللاعبة سالفة الذكر «أنثى»، وفق ما نشرته وكالة أنباء الأردن الرسمية «بترا».
وبالبحث عن «سيرة» حارسة مرمى المنتخب الإيراني، توصلت «الدستور» إلى قصة كفاح كبيرة تقف ورائها، فهذه السيدة التي تدعى «زهرة قدائي» تبلغ من العمر 32 عاماً، وعملت في مهنة «النجارة» لفترة طويلة، خلال فترة توقف النشاط الكروي، من أجل إعانة أسرتها الفقيرة، وفقاً لما قالته في حوار مع موقع «خبر أون لاين» الإيراني، يوم 10 أكتوبر الماضي، قبل إثارة الأزمة الأخيرة.
بدأت «زهرة» ممارسة كرة القدم منذ كانت طفلة، في شوارع وصالات الألعاب الرياضية بمدينة «الأهواز»، عاصمة محافظة خوزستان، في الجنوب الغربي من إيران، وسط إمكانيات مادية محدودة للغاية، خاصة مع عدد أسرتها الكبيرة المكونة من 10 أفراد.
تقول «زهرة» عن بدايتها: «بسبب اهتمامي الكبير بلعب كرة القدم، تمكنت من النجاح في هذا المجال بسرعة، وحاولت دائمًا أن أتدرب جيدًا وبشكل احترافي، على الرغم من الإمكانيات المحدودة ووجود بعض المعارضة من قِبل الأسرة».
وتضيف: «عندما كنت طفلة ، لعبت في الشوارع مثل الكثير من الأشخاص الذين يحبون كرة القدم. بدأت من هناك وتمكنت من الاستمرار على هذا النحو، وبمجرد أن بدأت ممارسة كرة القدم بشكل أكثر احترافًا، اعترضت عائلتي قليلاً، لكن عندما رأوا اهتمامي بهذه الرياضة، دعموني وكانوا دائمًا أكبر مؤيديني على طول الطريق»
لعبت حارسة مرمى المنتخب الإيراني مع العديد من الأندية الصغيرة، ومع تألقها اللافت للنظر، انضمت إلى معسكر منتخب بلادها للشباب، وكان عمرها وقتها 16 عاماً، ثم دعيت للانضمام إلى المنتخب الأول، لكن لفترة مؤقتة بسبب «خلافات في وجهات النظر» مع الجهاز الفني آنذاك، وبعد توقف النشاط بسبب لمدة عامين بسبب «كورونا»، وعودته مرة أخرى خلال العام الجاري، تمت دعوتها مرة أخرى.
وعن عملها في مهنة «النجارة»، تقول: «نعم كنت أعمل نجارة. كانت الحياة صعبة للغاية، وينبغي علي العمل في مهنة ما إلى جانب كرة القدم، من أجل إعانة أسرتي، لكن منذ عامين، انصب تركيزي كله على كرة القدم».
وتُرجع لجوئها إلى العمل في هذه الفترة بجانب ممارسة كرة القدم إلى تدني الرواتب في عقود فرق كرة القدم النسائية، لكنها ترى أن «الوقت الحالي مقارنة بالسنوات السابقة، أصبح وضع الأندية أفضل بكثير من ذي قبل»، مضيفة: «لا يعني ذلك أن الوضع جيد للغاية، لكن العقود التي توقعها الأندية مع اللاعبات تحسنت قليلاً».
وتواصل: «من المؤكد أن عقودنا تختلف اختلافًا كبيرًا عن عقود الرجال، وآمل أن يأتي اليوم الذي تكون فيه المرأة قادرة على إبرام عقود جيدة ، وأن تُمنح نفس الفرص المتوافرة للرجال»، معربة عن أملها في بث مباريات كرة القدم النسائية الإيرانية مثل الرجال، الأمر الذي يساعد على نشر اللعبة بشكل كبير.
وتتحدث عن الاهتمام النسائي بكرة القدم في محافظتها «خوزستان» فتقول: «على الرغم من الحرب التي استمرت لمدة 8 سنوات في خوزستان، قدمت المحافظة لاعبي كرة قدم جيدين، فالمنتخب الوطني لكرة الصالات الذي فاز ببطولة آسيا يضم 4 لاعبين من خوزستان، وفي المنتخب الوطني لكرة القدم للسيدات، لدينا 3 لاعبات من المحافظة».
وتتمنى «إيلاء المزيد من الاهتمام بالنساء المهتمات بكرة القدم في خوزستان، والنظر إلى النساء الممارسات للعبة بنفس النظرة إلى اللاعبين من الرجال، حتى يتمكن الجميع من الاستمتاع بجهودهم وتحقيق النجاح».
ورغم أن الحوار كان قبل إثارة أزمتها الأخيرة، إلا أن الموقع الإيراني سألها حول «الملاحظات» التي تلقتها بشأن «مظهرها» و«الملابس» التي ظهر بها المنتخب ككل، فأجابت قائلة: «لا أهتم بهذه الأشياء ولا أحب الحديث عنها على الإطلاق، لكن كل من يقولها لديه حقًا دماغ فارغة».
وتضيف: «لقد عمل الاتحاد الإيراني على توفير أفضل الظروف والإمكانيات لنا، بما فيها الملايبس، وبشكل عام ، لا أحب أن أفكر كثيرًا في هذه الأمور، ومن الأفضل التفكير في كل ما هو إيجابي»، مستكملة: «كانت ملابسنا أنيقة وجميلة وأحببناها».
وتكشف عن أن مانويل نوير، حارس مرمى فريق بايرن ميونخ ومنتخب ألمانيا، هو قدوتها في حراسة المرمى، ومن بين النساء، تحب السيدة «تافاسولي»، حارسة مرمى منتخب إيران لكرة الصالات للسيدات، معتبرة أنها واحدة من أفضل حارسات المرمى.
وبسؤالها عما إذا كانت تحلم باللعب في أوروبا، قالت: «نحن نحيى بالأمل، وآمل أنه بعد التأهل لنهائيات آسيا أن نتأهل إلى كأس العالم، لكن هذا يحتاج إلى عمل شاق للغاية، ونعد جمهورنا أن نبذل قصارى جهدنا. إذا حدث هذا، سيكون منصة انطلاق لجميع اللاعبين».