زيزيت سالم: تجربة الكتاب الأول عالقة بذاكرتى ولا تخلو من المُتع
تحدثت الكاتبة زيزيت سالم عن كتابها وعملها الإبداعي الأول، قائلة: "حينما واجهت الورقة البيضاء لأول مرة وأنا في مرحلة الصبا، راودتني أفكار وحوارات داخلية مع ذاتي لأكتشفها، فتجسدت لي خيالات وقصائد جالت في ذهني وأردت أن أسيطر عليها وأسكبها مرة واحدة على الورق مثلما يسكب الفنان الألوان على لوحته الزيتية".
وأضافت زيزيت، في تصريحات خاصة لــ"الدستور": "كانت تجارب الكتابة الأولى بهذا القدر من الأحلام والتصورات حول كيف سيستقبل الناس عملي، ورؤية أحوالي اليومية والنفسية والتحديات التي لابد أن أواجهها وأنا أخرج من عزلتي وزمني الخاص وركني الأثير إلى عالم آخر مختلف كليًا، وهو عالم البحث عن ناشر يرحب بالمخطوط أو يرفضه، لذا فقد استجمعت إرادتي وأعدت صياغة الكتابات التي كنت أدونها في السابق في مفكرتي الخاصة والتي كانت تنام بجواري على الكومودينو الملاصق للسرير، حيث من الممكن أن أدون فكرة قفزت إلى خيالي قبل دخولي في النعاس، فإن لم أسجلها في الحال تبخرت من الذاكرة للأبد".
ــ لم تكتمل فرحة النشر الأول وهذه هي الأسباب
وأردفت "سالم": شعرت بفرح شديد وأنا أكتب السطر الأخير من الكتاب الجماعي الأول "أقلام دافئة" مع خمس كاتبات، فقد كان مشروعا مؤجلا منذ سنوات، وكإنسانة شغوفة بالكتابة كنت على عجلة من أمري لكن دون دراية سابقة في عالم النشر، ولا أستند على مؤسسة تؤمن بموهبتي أو بمكتشف للمواهب يفتح الأبواب أمامي، لذا كان علي أن أتم عملي الأول بسرعة خشية أن أخفق أو أفقد الحلم، فكان التوتر والتعجل ورغبتي في أن أعترف أمام نفسي وأمام الناس أن لدي عمل واحد على الأقل قمت بإنتاجه، من الأسباب التي أدت إلى تعاملي مع دار نشر غير متخصصة وغير موفقة، لكنها كانت بداية جيدة للتعرف على الوسط الثقافي وأن أخطو أولى خطواتي نحو القراء، وفرصة أيضا للحصول على نسخ مطبوعة من الكتاب، لكن مع عجز دار النشر عن توزيع الكتاب في المكتبات المهمة أو أية مكتبات بصفة عامة فقد باءت تجربة النشر الأولى بالفشل.
وأضافت: كان علي بعدها أن أعيد التجربة وأتعلم بنفسي وأجتهد كي يُبصِر عملي الجديد الضوء، عملي الذي سيحمل اسمي وحدي، لذا اعتبرت الكتاب القادم هو كتابي الأول بحق، فلازلت أذكر هذا اليوم جيدا في يولية 2014 حين هاتفني ناشري ــ الذي عرفتني به صديقة كاتبة ــ يخبرني بصدور الطبعة الأولى من كتابي "أبجدية عشق" والذي عندما تسلمته فوجئت بأن هناك خطأ مطبعي وأن التشكيل بأكمله أسفل الكلمات، ولم أدرِ وقتها ماذا أفعل، لولا تدخل صديقتي التي كلمت الناشر مما اضطره إلى اعادة طباعته مرة أخرى، ولم أسأله ماذا فعل في النسخ المغلوطة، لكنه استطاع أن يلحق بمعرض الكتاب ويعرض كتابي في أروقة المعرض وعلى رفوفه لأول مرة بحياتي .
واستكملت: بعد عامين صدر كتابي الثالث "من شرفة المنتهى" ثم بعدها بعام صدرت المجموعة القصصية "عرائس السكر" وتلتها بعد عامين روايتي الأولى "تبغ وشوكولاتة"، فلا يمكن لحُلم أن يموت مادام وراءه مُطالِب، ولا لخيال أن يتسع دون تجربة إنسانية، ودون معارف وخبرات نخوضها ومواقف نمر بها وأحداث حدثت لنا قد لا نستعملها في الكتابة على الإطلاق، ولكنها لا شك ستكون مفيدة من أجل إطلاق شرارة الكتابة، فلا يمكن لكتابة أن تخرج من العدم ومهما بلغت خيالات الكاتب فبدون تجربة لن تكون الكتابة حقيقية، فالكتابة بصفة عامة تخضع لفكرة التجريب، تجريب أساليب وأدوات جديدة، ومسالك مختلفة وغير معتادة، أحاول تنفيذها بخبرتي السابقة قدر المستطاع، لأنني على يقين أن الكاتب الجيد يتغذى على تجربته الإنسانية وليس معنى ذلك أنه سيكتب سيرته الذاتية، لأنه بدون خبرة قد تذهب روح التجريب سدى بلا طائل .فعلى سيبل المثال، استخدمت في المجموعة القصصية "عرائس السكر" تقنية جديدة بأن قسمت الــ 27 قصة إلي 8 أقسام كل 4 قصص يندرجوا تحت صفة نبيلة تسبقها استهلالة شعرية، وفي رواية "تبغ وشوكولاتة" جعلتها تنتمي للرومانسية الجديدة حيث آلية العشق عن طريق الشات والموبايل عوضا عن الخطابات.
واختتمت سالم: وعلى الرغم من قرب صدور كتابي الخامس والسادس إن شاء الله فإنني ما زلت أحتفظ بمسودات كتاباتي الأولى بخط يدى في صورتها الأولى، والرسومات والهوامش التي على جانبي الصفحة بالقلم الجاف أو الرصاص، لأن بها لحظة الميلاد الأول حيث سقطت روحي مع الكلمات على الورق، وقد ظلت ذكرى تجربة الكتاب الأول عالقة بذاكرتي ولا تخلو من بهجات ومُتع، كما لا تخلو من معاناة ومِحَن، كما هو السفر الأول يصطبغ بشتى ألوان الدهشة.