ما هو باب الله الأعظم المفتوح على الدوام؟.. علي جمعة يجيب
قال الدكتور على جمعة مفتى الجمهورية وشيخ الطريقة الصديقية الشاذلية، إن الذكر هو طريق المحبة والسبيل إليها، وهو كذلك طريق الفلاح والنجاح، لذلك يبين الله عز وجل أن من أراد الفلاح في حياته فعليه أن يداوم على الذكر، وأن يكون لسانه دوما رطبا بذكر الله ، قال تعالى: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
وتابع "جمعة" عبر صفحته الرسمية على “فيسبوك”: ومن تفضله سبحانه على عباده أن جعل الذكر الذي هو أفضل العبادات وأحبها إليه ، وأكثرها ثوابا ، وأعظمها أجرا ، ليست مقرونة بوقت ولا بمكان ولا تحتاج إلى شروط أو أسباب كبقية العبادات ، فليست مقرونة بدخول الوقت كالصلوات الخمس ولا بوجوب الطهارة، ولا بدخول الشهر كالصيام ، ولا ملك النصاب كالزكاة، ولا الاستطاعة كالحج ، فهى عبادة القوي والضعيف، الغني والفقير ، الصحيح والمريض ،الطاهر وغير الطاهر ، ومع ذلك فهى أفضل ما يشغل العبد به نفسه؛ حيث قال ﷺ : « أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَأَرْفَعِهَا فِى دَرَجَاتِكُمْ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ إِنْفَاقِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَخَيْرٌ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ ». قَالُوا : بَلَى. قَالَ : « ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى ».
وأوضح "جمعة" قائلا الذكر هو باب الله الأعظم المفتوح على الدوام إلا أن يغلقه العبد بغفلته ، به تنكشف عن القلب الغيوم ، وتنير به العيون ، ويرتقي المؤمن من نور إلى نور ، وقد كان ﷺ كلما ترقى من مقام إلى مقام ازداد ذكرا فازداد ترقيا وعلوا، يقول ﷺ : « إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِى وَإِنِّى لأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِى الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ »، ويقول القاضي عياض في تفسيره لقوله ﷺ [يغان على قلبي] : "إن هذا الغين حال خشية وإعظام يغشى القلب ويكون استغفاره شكرا".
وتابع : وقيل : كان ﷺ في ترقٍ من مقام إلى مقام ، فإذا ارتقى من المقام الذي كان فيه إلى أعلى استغفر من المقام الذي كان فيه.ويروى عن الإمام أبي الحسن الشاذلي رضى الله عنه أنه عندما سمع هذا الحديث تعجب له؛ كيف أن النبي بجماله وجلاله يغان على قلبه! فرأى النبي ﷺ في المنام وقال له : "يا علي غين أنوار لا غين أغيار"، ومن هنا فهم أبو الحسن رضي الله تعالى عنه أن الأنوار كانت تتتالى على قلب رسول الله ﷺ ، وتسد باب الخلق، وليس باب الحق هو لم يغفل عن ربه أبدا؛ بل إن الملائكة وصفته فقالت: «تَنَامُ عَيْنُهُ وَلاَ يَنَامُ قَلْبُهُ» فهو أبدًا لم يتخلف عن ذكر الله، والتعلق بالله، إنما لما دخلت الأنوار، وأغلقت، أو كادت أن تُغلق باب الخلق فإن رسول الله ﷺ وهو مكلف بالاتصال بالخلق، وُمكلف بألا ينعزل عنهم، ومكلف بأن يبلغهم الرسالة على أحسن ما يكون، فإنه كان يستغفر الله من أجل أن ينفتح باب الخلق، من أجل أن يُتمم الرسالة، وليس هذا من باب الغفلة التي تصيب أحدنا وتسد باب الحق.