الأمن القومى وإلغاء قانون الطوارئ
يخطئ من يعتقد أن قرار السيد رئيس الجمهورية بإلغاء العمل بقانون الطوارئ يعنى أن مصر قد أصبحت آمنة تماماً من التعرض لأى أعمال إرهابية...ويخطئ أيضاً من يعتقد أن تنظيم الإخوان الإرهابى بل وأى تنظيمات إرهابية أخرى تم صنيعتها بمعرفة دول وأجهزة معادية للدولة المصرية يمكن أن يزول نهائياً سواء فى مصر أو المنطقة العربية أو حتى الدولية برغم تلك الضغوط الهائلة التى تمارسها تلك الدول على هذه التنظيمات لتقويض حركتها وأنشطتها بعدما أصبحت تمثل بالنسبة لهم عبئاً ثقيلاً.
ومن هذا المنطلق وجدت أنه من الواجب أن أتناول هذا القرار التاريخى الذى كان بمثابة إعلان عن نجاح القوات المسلحة والشرطة المصرية فى القضاء على العمليات الإرهابية تقويص بشكل كبير وليس بشكل كامل... فمن المعروف فى أدبيات الأمن أنه لا يوجد نسبة أمان تصل إلى 100% فى أى دولة فى العالم مهما بلغت إمكانياتها البشرية واللوجستية والتكنولوجية الحديثة من منع الجرائم بشكل تام وعام....كما أننا يجب أن نتوقف لنفرق بين مواجهة الإرهاب ومكافحة التطرف لأن المعنى بمواجهة الإرهاب هى الأجهزة الأمنية والمعنى بمكافحة التطرف هو المجتمع المدنى ومؤسسات الدولة عدا الأمنية لأن الإرهاب حركة والتطرف فكر....وبناء عليه فإن قرار السيد رئيس الجمهورية بإلغاء مد العمل بقانون الطوارئ يقصد به مواجهة الإرهاب وليس التطرف.
بطبيعة الحال فإن السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى لم يتخذ هذا القرار دون مدراسته على أعلى المستويات الأمنية بالإضافة إلى أن سيادته له تاريخ وخلفية عسكرية وأمنية معتبرة ومن هذا المنطلق فإن سيادته قد تكونت لديه قناعة أن النجاحات الأمنية التى تحققت فى البلاد حتى وصلت نسبة العمليات الإرهابية فى جميع محافظات مصر عدا سيناء خلال عامى 2020 و2021 صفر% حيث لم تحدث عملية إرهابية واحدة طوال هذه الفترة بل إن تلك العمليات أيضاً قد انخفضت بصورة واضحة فى سيناء ويكفى هنا أن نشير إلى أن عدد العمليات الإرهابية خلال عام 2015 قد بلغ 594 عملية فى حين كانت 2019 عمليتين فقط وخلال عام 2020 -2021 لا توجد أى عملية إرهابية والحمد لله .
وبناءً على ذلك اتخذ السيد الرئيس قراره التاريخى حيث ارتأى سيادته عدم الاحتياج إلى أى إجراءات استثنائية وأن المواجهة الأمنية مع الإرهاب يكفيها القوانين الوضعية بشأن إجراءات البحث وضبط الإرهاب...بيد أن هذا لا يعنى على الإطلاق أن الإرهاب قد توقف وأن الجماعات والتنظيمات المتطرفة قد تم القضاء عليها نهائياً... ولكن مواجهتها أصبحت الآن لا تحتاج أى إجراء استثنائى طالما لم تعد تمثل ظاهرة أو تشهد تصاعداً شأننا فى ذلك شأن العالم كله فى التعامل مع الإرهاب... ولعل هذا كان من ضمن أسباب الترحيب العالمى بقرار السيد الرئيس بحسبان أن ذلك يمثل أحد أهم جوانب المجتمع المدنى وحقوق الإنسان.... ولكننا يجب أن نتنبه إلى أن الأجهزة الأمنية وإن كانت قد نجحت بالفعل فى القضاء على الأجنحة العسكرية للعديد من التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها حركة الإخوان الإرهابية إلا أن ذلك لا يعنى القضاء نهائياً على الجماعة فمازالت الخلايا النائمة لها موجودة وتمارس تطرفها بأشكال مختلفة فهناك العديد من الأساليب القذرة التى لا تخلو منها جعبة تلك التنظيمات الإرهابية أو المتطرفة .
ولعل توجيهات السيد الرئيس المتكررة بضرورة نشر الوعى وروح الانتماء ومواجهة الشائعات والتصدى لها وعرض الحقائق والإنجازات التى تتحقق على أرض الواقع يومياً واليقظة الكاملة لجميع الأجهزة المعنية ذات الصلة بالعمل على المتابعة الدقيقة والمستمرة لأى محاولة من محاولات إيقاظ الفتنة أو إثارة القلاقل والتوترات بالبلاد بأى وسيلة وتحت اى ذريعة.
اما عن عبقرية توقيت إصدار هذا القرار وما سوف يترتب عليه من نتائج إيجابية غير مسبوقة طوال السنوات السابقة فإن كافة طوائف المجتمع قد أشادت بهذا القرار لما سيكون له مردود إيجابى على مناخ الاستثمار والسياحة والاقتصاد بل وتأكيداً على ما نادى به السيد الرئيس فى الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان ...كما أنها رسالة ثقة وتقدير لرجال القوات المسلحة والشرطة على دورهم فى مواجهة الارهاب ورسالة أيضاً لكل شهداء مصر على ما قدموه من تضحيات لكى تعيش مصر فى نعمة الأمان والاستقرار...ولكن تبقى حقيقة يجب عدم إغفالها تحت أى ظرف أو أى شعور بالطمأنينة والاستقرار وتلك الحقيقة تقول إنه لا يوجد أمان بالمطلق ويجب أن نكون على أهبة الاستعداد لكى لا نترك المجال للارهاب أو التطرف أن يطفو مجدداً على سطح الحياة وأننا يجب ألا نركن إلى هذا الشعور بشكل نهائى... بل يجب أن نتضافر جميعاً ونتعاون على وأد أى محاولة لعودة تلك التنظيمات للحياة خاصة ونحن مقبلون على بداية مرحلة جديدة من مراحل التقدم والنهضة التى تشهدها البلاد على مدار السنوات السبع الماضية إلا وهى مرحلة الإعلان عن دخول الدولة المصرية فى رحاب الجمهورية الجديدة التى يتمتع فيها المواطن بحقوقه كاملة والتى تنعم بوعى وثقافة وولاء شعبها ومواطنيها...جمهورية جديدة تقوم على قيم العدالة والمبادئ السامية...جمهورية جديدة لا يوجد بها قوانين طوارئ وبالرغم من ذلك فهناك قواتها المسلحة وشرطتها الباسلة وقضائها العادل ورئيسها المفدى لحماية أمنها القومى.
وتحيا مصر....