أميرة ملش تكتب: مصر بلا طوارئ
فى عهد الرئيس الراحل محمد حسنى مبارك كان قانون الطوارئ سمة من سمات عصره.. ظل العمل به طوال ثلاثين عامًا وهى مدة حكمه.. لدرجة أنه أصبح شيئًا طبيعيًا وليس استثناءً.. وكان فى باطنه يحمل رسائل سلبية دوليًا بأن مصر دولة غير آمنة ولا مستقرة فى حقيقتها مهما كانت القشرة الخارجية تشير لغير ذلك.. فكان يُطبق بداعٍ ودون داعٍ.. لدرجة أنه عندما أُلغى بعد ثورة يناير كانت الأجهزة الأمنية مرتبكة إلى حد ما حينها، خاصة ضباط الشرطة الذين لم يعملوا إلا من خلال الطوارئ، منذ تخرجهم حتى هذه اللحظة، وفجأة وبعد أن كان راسخًا تم إلغاؤه، فكيف يتعاملون مع المواطنين دون الطوارئ؟، ولعلهم كانوا معذورين فى هذا الارتباك.
والآن وبعد العمل بقانون الطوارئ من جديد بسبب الإرهاب والتطرف الذى كان فى أوجه بعد ثورة ٣٠ يوليو وعزل الإخوان والقضاء عليهم، قام الرئيس عبدالفتاح السيسى بإلغائه، فى رسالة للعالم أجمع بأن مصر الآن بلد الأمن والأمان، خطوة شجاعة وقرار تاريخى يضع بلدنا من جديد فى مصاف الدول التى تنعم بالاستقرار، لأن التحدى قرار، والمواجهة والشجاعة قرار، والحكمة فى اختيار التوقيت المناسب لكل شىء يعد إنجازًا.
بالأمس كان ظلامًا يحاول الامتداد والتمكن فى كل شبر من أراضى مصر، ظن الإخوان فى لحظة أنهم يستطيعون فرض الخوف والذعر فى نفوس المصريين، انتقامًا منهم بعد أن طردهم الشعب شر طردة بثورة شعبية عظيمة من ناحية، ومن ناحية أخرى كانت تعد محاولات لعودتهم مرة أخرى لحكم المصريين ولو بالعافية وبإراقة الدماء، ولكن الشعب المصرى الشجاع تصدى لهم بكل ما أوتى من قوة، وضحى بأبنائه من ضباط وعساكر وأفراد قوات الجيش والشرطة فى سبيل الخلاص من هذا الظلام، ودافع الجيش المصرى عن أرض مصر وعرضها وناسها، ولن تستطيع هذه العناصر الإرهابية الضالة والمضللة أن تحصل على شبر واحد من أرضنا، كما كان مخططًا، وكان جيشنا وأجهزتنا الأمنية قادرين على القضاء على الإرهاب.
الصمود كان عنوان السنوات الماضية، والتصميم على عبور المحنة كان دافعًا للنصر، حتى وصلنا إلى هذه اللحظة الفارقة التى أعلن فيها السيسى عبر هذا القرار عن أن النور حل محل الظلام، وأننا بالفعل انتصرنا فى حربنا خلال السنوات الماضية ضد الإرهاب والتكفيريين وأعداء الحياة، صحيح أن الثمن كان غاليًا جدًا، كان أرواح ودماء شباب زى الورد، ولكن هذه هى الحروب عبارة عن تضحيات كبيرة وموجعة فى سبيل الأوطان، وفى سبيل أن تعيش الشعوب مرفوعة الرأس.
ومن المفارقات العظيمة أن قرار إلغاء العمل بقانون الطوارئ جاء فى شهر أكتوبر، شهر التضحيات والانتصارات، نحتفل فيه بذكرى أعظم حروبنا وأعظم انتصاراتنا حرب أكتوبر ١٩٧٣.. ونجنى فيه الآن ثمار تضحيات حرب أخرى، ومعارك طاحنة استمرت سنوات ضد الإرهاب ومحاولات أعداء الوطن المستمرة للسيطرة والاستحواذ على سيناء الغالية، ولحظة إعلان قرار إلغاء الطوارئ هى لحظة إعلان هذا النصر الجديد.
وهو ما كتبه الرئيس السيسى، فى تغريدة وتدوينة على مواقع التواصل الاجتماعى، حيث قال: إن تلك اللحظة طالما سعينا لها بالكفاح والعمل الجاد، فقد باتت مصر بفضل شعبها العظيم ورجالها الأوفياء واحة للأمن والاستقرار للمنطقة، وأضاف أن هذا القرار الذى كان الشعب المصرى هو صانعه الحقيقى على مدار السنوات الماضية بمشاركته الصادقة المخلصة فى كل جهود التنمية والبناء.. وبكلام الرئيس وهو يعلن قراره بإلغاء حالة الطوارئ من جميع أنحاء البلاد، ندرك أنه يشعر بالامتنان للشعب المصرى الذى ضحى بالكثير حتى نصل إلى هذه المرحلة الجديدة، وأنه شريكه فى هذا القرار، الذى بذل الجميع من أجله الغالى والنفيس، واليوم نجنى ثمار هذه الجهود وهذا الصمود الذى سيُكتب فى تاريخ المصريين بأحرف من نور، ويضاف إلى إنجازاتهم وانتصاراتهم.
ومن الضرورة بمكان أن ندرك أن هذا القرار يعد رسالة للخارج إقليميًا ودوليًا كما أنه للداخل، حيث يعد تشجيعًا لمناخ الاستثمار ولعودة السياحة، لأنه جاء بعد سنوات عاشتها الدولة فى طوارئ مستمرة، حيث كان يتم تجديدها كل ثلاثة أشهر، والطوارئ هى إجراءات استثنائية تُفرض لمساعدة الأجهزة الأمنية لمواجهة مخاطر تهدد الأمن والسلم العام، ولكن وفقًا للقرار الجديد الآن بإلغائها فهذا يعنى أن هذه المخاطر قد زالت فلا توجد ضرورة لفرض حالة استثنائية، وأن سلطات الدولة قادرة على تحقيق الأمن والاستقرار دون الحاجة لهذا القانون وهذه الإجراءات، وهو ما يسهم فى تهيئة المناخ العام بشكل جيد للاسثمار الأجنبى، والاستمرار فى مشاريع التنمية، وجنى ثمار المواجهة الجريئة والقوية لمن أراد بهذا البلد شرًا.