«بي تي إس».. الفرقة التي تسببت في هوس الأطفال والمراهقين
مع نجاحها في تحقيق شهرة عالمية كبيرة وقدرتها للوصول إلى العالم العربي، تصدرت الفرقة الغنائية الكورية الـ«بي تي إس» كثيرًا من قوائم الغناء بين الأطفال والمراهقين، وأصبحوا يرددون أغانيها باللغة الإنجليزية حتى ولو لم يفهم بعضهم معانيها، الأمر الذي تحولت معه العلاقة بين كثير منهم وبين هذه الفرقة إلى حالة من الهوس والإدمان لسماع ومشاهدة فيديوهاتها، وهو ما سبب شكوى العديد من الأهالي بخصوص هذه الفرقة التي وصفوها بـ«أنها استولت على عقول أطفالهم وعطلت الكثير منهم عن الدراسة».
فرقة الـ«بي تي إس» هي فرقة فتيان من كوريا الجنوبية مكونة من 7 أعضاء، تأسست في «سول» عام 2010، وفي 2013 ظهرت لأول مرة تحت شركة بيغ هيت إنترتينمنت، وتعتبر الفرقة الأنجح في كوريا الجنوبية وتنتمي لما يسمى «الكيبوب» والتي تعد من الأعمال التجارية الكبيرة في جميع أنحاء آسيا، وتساهم بمليارات الدولارات سنويًا لاقتصاد كوريا الجنوبية.
اتهامات
في مصر وفي الوقت الذي تسبب وجود هذه الفرقة لشغف كبير من الأطفال والمراهقين بها، على الجانب الآخر بدأت شكاوى بعض الأهالي من كثرة استماع أبنائهم ومشاهدتهم لفيديوهاتها متهمين إياها بسلب أوقاتهم، بل وهناك من اتهمها بعرض مشاهد غير لائقة قد تمثل خطرًا على هؤلاء الأطفال والمراهقين.
تعطيل الأطفال عن الدراسة
وقالت سهير أحمد: «ابني بالصف الرابع الابتدائي، ومهووس بالفرقة دي وبيسمعها على طول، ويقول لي يا ماما أنا من (أرمي بي تي إس)».
وأضافت لـ«الدستور»: أن ذلك كثيرًا ما يأتي على حساب مذاكرته لدروسه، وراقبت ما تقدمه هذه الفرقة من محتوى ولم أجد شيء يمكن القول عنه بأنه غير أخلاقي، فهم يؤدون فقط أغاني ذات إيقاع لطيف، وبعض الفيديوهات الكوميدية المترجمة».
ومن جانبها، أكدت هبة عطا، والدة الطفلة فاطمة بالصف الخامس الابتدائي، أن بنتها وصل بها حد الجنون بهذه الفرقة إلى أن بدأت تقلد حركاتهم أثناء الحديث العادي بل وأنها تُلح عليها أن تذهب بأحد الأماكن الشهيرة في مصر فقط لمجرد أن هذا المكان يعرض «بوسترات» للفرقة.
وبدوره، أوضح عبد العزيز أحمد مدير إحدى المدارس الإعدادية بمنطقة دار السلام بالقاهرة، أنه لاحظ استخدام بعض الطلبة لهواتفهم المحمولة لمشاهدة فيديوهات هذه الفرقة أثناء اليوم الدراسي، وهو ما أدى إلى عقوبة هؤلاء الطلبة، وتهديدهم بالفصل.
واستغلت بعض شركات الدعاية والإعلان العالمية والمصرية هوس الشباب بهذه الفرقة وما حققته من جماهيرية، فطبعت «بوستراتها» على المنتجات، كوسيلة جذب للشباب.
وتكون لهذه الفرقة كذلك ما يسمى بـ «جيش بي تي إس» أو «أرمي» بعد عامًا واحدًا من ظهور الفرقة لأول مرة على الساحة الغنائية، وفيه اجتمع المعجبين بالفرقة الرسميين معًا، واختير هذا الاسم للدلالة على أن هؤلاء المعجبين ستكون دوما بجانب وفي صف فريق فرقتهم المفضلة.
و تلقى جيش معجبي الفرقة اهتمامًا عالميًا، وذلك بسبب نشاطهم الكبير مثل جمعهم لتبرعات قدرها مليون دولار لصالح حركة حياة السود مهمة الأمريكية، أو بلاك لايفز ماتر، كما تجاوز جيش بي تي إس مرحلة كونهم مستمعين لأعمال الفرقة، وأصبحوا قادرين على إحداث تأثيرات ملموسة، فاستخدموا رأس مالهم الاجتماعي كقاعدة جماهيرية واسعة في مساعدة الغير، وبالإضافة إلى تبرعاتهم الشخصية وساعدوا جيش بي تي إس الفنانين المحبين للفرقة للتبرع كذلك.
مرض يحتاج للعلاج
وقالت ياسمين أحمد استشاري علم النفس، إن الهوس بأي شئ هو شعور يمكن وصفه بالمرض ويحتاج إلى علاج.
وأوضحت أنها من خلال متابعتها لتلك الفرقة استنتجت أن الكثير من فئة الشباب والأطفال خاصة بالعالم العربي عانوا من المرور باضطراب في الأحوال السياسية من خلال الحروب والثورات، وكذلك ما لحق من أضرار سببها انتشار فيروس كورونا، لذا كانوا يحتاجون لمن يعطيهم الأمل أو الدعم النفسي، لتأتي هذه الفرقة بما تحمله من إيقاع مرح.
وبدوره، أكد إبراهيم سامح، أستاذ علم الاجتماع، أنه لا يمكن منع الأطفال والشباب من متابعة الفرق الغنائية أو أي محتوى والتأثر به خاصة في عصر السماوات المفتوحة، موضحًا أنها من الممكن أن تصبح وسيلة للتغيير الإيجابي لهم بشكل أفضل وأسرع من النصائح المباشرة، إذا ما كانت تحمل مضمونًا جيدًا.
وأشار إلى أنه على الآباء أن يشغلوا أوقات فراغ أبنائهم بالعديد من الأنشطة الأخرى المفيدة والممتعة في نفس الوقت، وذلك لكي لا تتوقف متعتهم بالمتابعة المبالغ فيها لأي محتوى مما يسبب لديهم الهوس وجنون التعلق به مثلما حدث بالفعل مع كثير من المراقين مع فرقة البي تي إس حتى ولو كان هذا المحتوى يقدم جزءًا مفيدًا، فربما يحمل في ثناياه أجزاء أكثر غير مفيدة.
فرقة البي تي إس يتابعها 38 مليون على موقع «تويتر»، وأسست شركة لتسجيل أغانيها، وهي شركة «بيغ هيت ميوزيك»، كما أنها أول فرقة كورية تتصدر مخطط الآيتونز الأمريكي، واستطاعت أن تحتل المركز الاول على مُخطط بيلبورد 200 للفنانين لعام 2020، وحصلت أغنية Dynamite على المركز 38 في مخطط HOT100 لهذا العام، كما حصل أعضاء الفريق على 51 جائزة كبرى «الديسانغ» لمدة 5 سنوات على التوالي.
ضمت قواها إلى اليونيسف في عام 2017 لتحقيق هدف مشترك للمساعدة في إنهاء العنف والإساءات والتنمّر، وتعزيز تقدير الذات والعافية بين الأطفال والمراهقين في العالم، كما جمعتْ تبرعات بقيمة 3.6 ملايين دولار لعمل اليونيسف كما أقامت الفرقة أكشاكاً خاصة في أماكن حفلاتها الغنائية في جميع أنحاء العالم لتوفير معلومات حول الكيفية التي بوسع الأفراد أن يحموا عبرها أنفسهم والآخرين من العنف والتنمّر.