العدالة الصحية وشركات لقاح كورونا.. تقرير جديد لـ«ملتقى الحوار»
أصدرت وحدة البحوث والدراسات بمؤسسة ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان اليوم، تقريراً بعنون (العدالة الصحية وشركات لقاح كورونا).
وأوضح التقرير أن من أهم التداعيات التي خلفتها كورونا أن ظهرت فوارق في عدالة توزيع لقاحات كورونا بين شعوب الأمم المتقدمة والنامية، رُغم الجهود الدولية المبذولة للتصدي لهذه المشكلة وتحقيق هدف منظمة الصحة العالمية بتطعيم (40%) من السكان في الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط الأدنى بحلول نهاية السنة.
وناقش التقرير الأزمة التي تسببت بها شركات الأدوية متعددة الجنسية في توزيع اللقاحات وتأثيرها على الحق في الصحة الذي يعتبر من حقوق الإنسان، من خلال التنافس على الربح دون اعتبار للأوضاع الاقتصادية بين الدول.
وتضمن التقرير عدد من المحاور كان من أهمها:
أولًا: الحق في الصحة حق أصيل من حقوق الإنسان
وذكر التقرير أن الحق في الصحة يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالحق في الحياة، ولما كان الأساس القضاء على أي مرض يحتم العلاج والرعاية فإن التوصل لأي لقاح مرتبط بأي مرض مستجد- وخاصة وإن كان واسع الانتشار- يستوجب سرعة توزيعه دون تمييز،وفيما يتعلق بالتمييز في الحصول على اللقاح أشار التقرير إلى أنه من أصل 5.76 مليار جرعة أعطيت في شتى أنحاء العالم ذهبت نسبة ضئيلة قدرها (0.3%) إلى دول منخفضة الدخل وما يزيد على نسبة (79%) إلى دول ذات دخل متوسط – أعلى ودخل مرتفع.. كما أن شركات أسترازينيكا AstraZeneca، وبيونتيك BioNTech، وجونسون آند جونسون Johnson&Johnson، وموديرنا Moderna، ونوفافاكس Novavax، وفايزر Pfizer رفضت المشاركة في مبادرات لزيادة الكميات العالمية من اللقاحات.
ثانيا: التسابق لإنتاج اللقاح المضاد لفيروس كورونا
أوضح التقرير إلى أن انتشار فيروس كورونا المستجد أدي إلي تسابق شركات الأدوية لتصنيع اللقاح المضاد لفيروس كورونا، ليس فقط من أجل الحد من انتشار الفيروس و لكن أيضاً من أجل تحقيق أرباح مالية حيث تحولت صناعة اللقاحات فيما بعد إلي صناعة تجارية تهدف من خلالها الشركات إلي تحقيق أكبر ارباح مالية ممكنة.
فيما يتعلق بالشركات الكبرى المنتجة للقاح فقد ذكر التقرير أن هناك عدد قليل من الشركات التي تنتج اللقاحات وعدد قليل نسبياً من مشتري اللقاحات. فعلى سبيل المثال، استحوذت أربع شركات على (90٪) من عائدات اللقاحات العالمية في عام 2019، غير أن هذا الوضع اختلف قليلاً أثناء جائحة كورونا.
أما فيما يتعلق باحتكار/هيمنة الشركات علي تصنيع اللقاحات ، فقد جاء بالتقرير أن إنشار فيروس كورونا وتحوله إلى جائحة عالمية أدى إلي احتكار توزيع اللقاح ضمن منظومة الدول المصنعة للقاح، خصوصاً دول الإتحاد الأوروبي حيث ظهرت دعوات بل وقرارات تدعو إلي منع خروج اللقاحات خارج دول الاتحاد قبل الاكتفاء الداخلي، وإتمام عملية التلقيح داخل الاتحاد، في مقابل ظهور أصوات قليلة ومبادرات محدودة تطالب بتعليق العمل باتفاقيات الملكية الفكرية المتعلقة بإنتاج اللقاح، وتطالب بتبادل التكنولوجيا المتعلقة بتصنيع اللقاح المضاد لفيروس كورونا الذي لم يوقفه أية حدود بشرية و انتشر في العالم كله و أصاب الضرر الشعوب المختلفة.
وتأتي أزمة احتكار تصنيع لقاح كورونا بسبب تمسك الشركات و الدول المصنعة للقاح بحقوق الملكية وبراءة الإختراع وعدم رغبتها في مشاركة تلك المعلومات مع باقي الدول أو إعطائهم الحق في تصنيع اللقاح.
وأشار التقرير إلى أن أكثر من (115) دولة رسمياً تدعم اقتراح رفع الملكية الفكرية، جنبًا إلى جنب مع كبار المدافعين عن الصحة العامة والمنظمات غير الحكومية.
وأكد التقرير على أن احتكار تصنيع لقاح كورونا يؤثر علي وصول اللقاح للدول النامية ذات الدخل المتوسط والفقيرة. ونجد ان العديد من الدول الأفريقية لم تستطع تلقيح (10%) من سكانها على الأقل بسبب عدم توافر جرعات كافية لتلك الدول بسبب امتناع الدول المصنعة للتطعيم عن تصديره إلا في حالة الإنتهاء من عملية تطعيم مواطنيها بالكامل.
وجاء بالتقرير أنه منذ الإعلان عن توفر اللقاحات قامت الدول الغنية بالاستحواذ على كميات كبيرة منها (أكثر من احتياجاتها الأساسية)، تاركة الدول الفقيرة والنامية لمواجهة الندرة الشديدة والتكلفة المرتفعة في الحصول على اللقاحات، وهو ما عُرف بظاهرة "قومية اللقاحات".
ووفقاً لما تضمنه التقريرفقد حصل نحو (22,6%) من سكان العالم على الأقل على جرعة واحدة من لقاح كوفيد-19، في المقابل حصل نحو (0,9%) من سكان الدول ذات الدخل المنخفض على الأقل على جرعة واحدة.
كما ذكر التقرير أن نحو (190) دولة قامت بالانضمام إلى "مرفق كوفاكس"، وهو عبارة عن إطار عالمي رائد للتعاون يهدف إلى تسريع استحداث اختبارات كوفيد-19 وعلاجاته ولقاحاته وإنتاجها وإتاحتها بشكل منصف لكل دول العالم.
أكد التقرير في هذا الإطار أن عدم الإنصاف في توزيع اللقاحات سيؤدي إلى ضرر اقتصادي كبير من شأنه أن يعرض التقدم الاقتصادي المحرز على مدى عقود من الزمن للخطر لجميع دول العالم المتقدم والنامي.
في المقابل يؤدي التوزيع المنصف للقاحات كوفيد-19 إلى تحقيق فوائد اقتصادية لا تقل عن (153) مليار دولار أمريكي في الفترة 2020-2021، ونحو (466) مليار دولار بحلول عام 2025 في (10) من الاقتصادات الرئيسية في العالم.
ثالثًا: تأثير احتكار تصنيع لقاحات كورونا علي معدلات التطعيم حول العالم
فيما يتعلق بتأثير احتكار تصنيع لقاحات كورونا أشار التقرير أن احتكار الشركات لتصنيع التطعيم ورغبتهم في عدم الإفصاح عن كيفية تصنيعه أو عن المعلومات المرتبطة بتلك العملية التي تتطلب المزيد من الجهد والموارد المالية و البشرية، أدي إلي تحول اللقاح إلي سلعة تجارية تتوقف أسعارها علي إمكانية العرض والطلب حيث تسعي الشركات والدول المُصنعة للتطعيم للإستفادة من الجائحة العالمية وتحقيق المكاسب الإقتصادية المختلفة علي حساب صحة ملايين البشر في دول العالم المختلفة.
وأوضح التقرير أن أكثر من 50 دولة فشلت في تحقيق الهدف الذي وضعته منظمة الصحة العالمية في تلقيح (10%) من سكانها بشكل كامل ضد فيروس كورونا بحلول نهاية سبتمبر الماضي ومعظم الدول التي اخفقت في الوصول الى هذا الهدف. في أفريقيا فقط (15) دولة من أصل (54) دولة حققت الهدف المرجو، ونصف دول القارة قامت بتلقيح أقل من (2٪) من سكانها حيث بلغت نسبة الذين حصلوا على اللقاح الكامل (4.4 )% فقط في القارة الأفريقية حسب منظمة الصحة العالمية.
وانتهى التقرير إلى أن الغالبية العظمى من الدول تصنف في خانة الدول الفقيرة وتعاني من مصاعب في الحصول على اللقاح وبنية قطاع الصحة فيها هشة، كما يعاني بعضها من صراعات أو اضطرابات مثل اليمن وسوريا والعراق وأفغانستان وميانمار، بينما لحق ببعضها دمار واسع نتيجة كوارث طبيعية مثل هايتي مما يجعل مهمة تنفيذ برامج التلقيح في غاية الصعوبة.