ضبط وحبس متحرش المترو.. العدالة الناجزة مفتاح الأمان للفتيات
5 أيام استغرقتها النيابة في ضبط وتتبع، ثم إحالة متهم إلى المحكمة الجنائية العاجلة لتعرضه لأنثى بعربة مترو الأنفاق بمحطة السادات بإتيانه قبلها أمورًا وإيحاءات جنسية بالفعل والإشارة، وتكراره ذلك بملاحقتها وتتبعها، وارتكابه على هذا النحو فعلًا فاضحًا مخلًّا بالحياء علنًا.
في الثاني عشر من أكتوبر الجاري رصدت وحدة الرصد والتحليل بإدارة البيان بمكتب النائب العام تداول مقطع مصور بمواقع التواصل الاجتماعي المختلفة للمتهم خلال استقلاله إحدى عربات المترو، وهو يأتي أفعالًا وإشاراتٍ تحمل إيحاءات جنسية قِبَل فتاة صورته خلال ذلك وشكته عبر حسابها بأحد تلك المواقع.
وشاهدت النيابة آلات المراقبة بمحطة مترو السادات، فأبصرت الجاني مُتتبعًا المجني عليها عقب ترجلهما من عربة المترو حتى خروجها من المحطة.
في 17 أكتوبر الجاري، قضت محكمة قصر النيل الجزئية بجلستها واقعة التعرض لأنثى وإتيان فعل فاضح علني بمحطة مترو السادات المحالة إليها بنفس التاريخ، بحبس المتهم ثلاث سنوات مع الشغل والنفاذ عن الاتهام الأول وستة أشهر مع الشغل عن الاتهام الثاني وألزمت المتهم المصاريف الجنائية.
من هنا، يأتي التساؤل هل تصبح العدالة الناجزة سلاح امان الفتيات للقضاء على التحرش ويجيب عليه الدكتور أحمد مهران، الخبير القانوني، قائلًا إن العدالة الناجزة جزء لا ينفصل عن تحقيق العدالة، ومن أهم خصائص العدالة أن يحصل صاحب الحق على حقه في حياته حتى يصبح الحق رده ذات قيمة، وأن تكون العدالة الناجزة من أهم الخصائص التي يجب أن تتميز بها مؤسسة العدالة.
أوضح مهران، لـ"الدستور"، أن أهم ما تعاني منه العدالة المصرية كثرة عدد المتقاضين وعدد القضايا واختلاف أنواعها وقلة عدة القضاة وقلة الأبنية القضائية والمحاكم وضيق ساحاتها وقاعاتها، فعدد القضاة يبلغ من ٥الاف إلى ١٠ آلاف يخدموا ١٢٠ مليون مواطن فمن الطبيعي أن تتأخر العدالة.
تابع "إلا أن المشرع المصري في بعض القضايا يلزم المحكمة باتخاذ إجراءات أكثر سرعة وانجز اذا كان الأمر متعلق بالأمن القومي أو امن وسلامة المواطنين سواء على المستوى السياسي أو الاجتماعي
أشار الخبير القانوني إلى أن النائب العام في بعض القضايا التي تشغل الرأى العام التي من شأنها أن تشكل خطرًا على الاستقرار والسلام الاجتماعي داخل المجتمع يناشد رجال القضاء والنيابة بسرعة السير في الإجراءات القانونية وسرعة إصدار الأحكام.
واستطرد أن المشرع المصري عدل جريمة التحرش فجعلها جناية الأمر الذي ترتب عليه سرعة اكبر في الإجراءات وأن يكون الحكم في جلسة واحدة لا يكون معها استئناف على الحكم، بل تعتمد على النقض الذي لا يترتب عليه وقف تنفيذ العقوبة بعكس الجنحة التي كانت عقوبة التحرش سابقًا قبل التعديل الأخير كان عندما يقوم المتهم بعمل استئناف على الحكم يتم إخلاء سبيله لان الاستئناف يوقف تنفيذ العقوبة.
وذكر مهران أن هذه النوعية من الجرائم التي تمس كرامة المجتمع وسمعته والتي تشكل تهديدًا وخطرًا على كيان الأسرة المصرية وعرضها وشرفها المتمثل في فتياتنا وأخواتنا وأمهاتنا تكون النيابة العامة احرص على الإسراع في الإجراءات بما يضمن الاستقرار النفسي والاجتماعي من جهة والسلام الأمني من جهة أخرى.
أوضح أن السلام الاجتماعي يتحقق بضمان وجود العدالة الناجزة وأمان ومن جانب آخر رد القضاء لحق المجني عليها في اسرع وقت لان هذه النوعية من الجرائم لدينا كعرب وشرقيين، يكون أهل المجني عليها احرص وأسرع في القصاص من القضاء فلو كانت المحكمة غير ناجزة في حكمها يمكن أن تحدث جرائم أكثر سوءً.
وأكد أن المانع من إبلاغ الفتيات عن قضايا التحرش لم يك تأخر تحقيق العدالة وإنما كان السبب الرئيسي هو ثقافة المجتمع فيما يتعلق بالفضيحة والسمعة ولذلك المشرع المصري في تعديلاته الاخيرة تعرض إلى هذه المشكلة وأكد أنه يجوز للمجني عليها التي تبلغ عن جريمة من جرائم العرض والتحرش أن تخفي بياناتها الشخصية.
العدالة الناجزة مطلب في القضايا الماسة لأمن المجتمع
واتفق معه المحامي هاني سامح قائلًا إن العدالة الناجزة حق دستوري مكفول ومنصوص عليه في القوانين المنظمة وحق للمجتمع وللمتهم، لأنه طول فترة الاتهام يكون في وضع مسيء له بشكل عام، وبالتالي فالعدالة الناجزة مطلب ضروري لإعطاء كل ذي حق حقه.
أوضح سامح، لـ"الدستور"، أن العدالة الناجزة مطلب ضروري خاصة في الاتهامات الماسة بالمجتمع سواء كانت التحرش أو الاعتداء على المال العام أو المخالفات، والبناء غير المرخص والاعتداء على المنشآت العامة أو تعطيل الاعمال أو المؤسسات كل هذه الأمور مطلوب التصدي لها وبقوة في ضوء ضمانات القانون والدستور.
أضاف أنه منذ ١٠ سنوات وبداية من عام ٢٠١١ عندما تم تشديد وتغليظ عقوبات التحرش والاعتداء الجنسي أيا كان شكلها، فبعض أنواع هذه الجرائم يتم تحويلها للجناية ووصلت العقوبة فيها من ثلاث سنوات حبس إلى ١٥ سنة حبس، ومثال على ذلك متحرش الطفلة في منطقة المعادي فلو كانت محاكمته وفقا للقوانين السابقة فكانت أقصى عقوبة سيصل لها هي ٣ سنوات حبس كجنحة فقط، ولكن تم تغليظها إلى جناية.
أشار سامح إلى أن القيادة الحكيمة والتعديلات الهامة في القوانين أصبحت العقوبة مغلظة وأصبح التعرض للأنثى جريمة مشددة، وكذلك أصبح هناك وعي من النساء للمطالبة بالحفاظ على حقوقهن.
وأكد أن ثورة التكنولوجيا التي دخلت كافة مناحي الحياة والمجتمع أصبح يمكن التصوير بسهولة والتقاط ورصد أي اعتداءات أو جرائم التحرش بالكاميرات وتم استخدام التكنولوجية الرقمية أو البايموترية وهي تتعلق بكشف الملامح أو إعطاء بصمة للوجه لملامح الشخص تمكن الأجهزة الأمنية من ضبطه بمجرد التقاط صورته في أي مكان.
وتابع أن هذا الحكم الصادر هو جزء بسيط من منظومة عقابية وهو حكم مغلظ ومشدد، مضيفًا ان من إجراءات قضايا الجنح منح القانون المتهم ومحاميه ثلاثة أيام للاطلاع وتجهيز الدفاع ومن المهم كفالة كل ضمانات المتهمين مهما كان نوع الاتهام أو الجريمة.