كيف قادت السياسية الأمريكية الجديدة إلى"محادثات صعبة" في الشرق الأوسط؟
كل ما يحدث داخل البيت الأبيض يؤثر على الشرق الأوسط سواء بشكل مباشر أو بغير مباشر، وبعد أن ظهر التغيير "الواضح" في السياسة الأمريكية بشكل عام، أصبحت التغيرات في الشرق الأوسط قريبة ايضاً.
سياسة واشنطن التي تقضي الحد من تدخلها في أزمات العالم، والتركيز على المنافسة الاستراتيجية في مواجهة الصين وروسيا. ضمن هذا الإطار، الانسحاب من أفغانستان، والسعي لاتفاق نووي مع إيران، والانسحاب العسكري التدريجي من العراق وسوريا، كل هذا بلور تغييرات إقليمية في الشرق الأوسط تم ظهورها على شكل محادثات صعبة لم تكن ستتم بسهولة لولا "سياسة واشنطن".
استراتيجية البيت الأبيض بقيادة "بايدن" ومن قبله "ترامب" التي تركز على أمريكا وأزماتها وقضاياها، فرضت على دول المنطقة أجندة جديدة، وتقييمات استراتيجية جديدة، أخذت شكلاً أكثر جدية بعد الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، مما دفع بعض الدول إلى رسم مسارها الخاص.
محادثات صعبة
أولى هذه المحادثات التي كانت حتى وقت قريب غير متوقعة، كان لدى الإمارات التي تعيد فحص سياستها إزاء تركيا، وتعمل على استئناف علاقاته االثنائية معها، على الرغم من الاحتكاك العسكري بتركيا في ليبيا، والتنافس على موارد الطاقة في الحوض الشرقي للبحر المتوسط، والخصومة الأيديولوجية الشديدة مع تركيا.
في المقابل تسعى تركيا لاستئناف علاقاتها السياسية مع مصر والإمارات والسعودية حتى لو كلفها هذا الحد من نشاط الإخوان المسلمين.
المحادثات الثانية والتي كانت غير متوقعة، هو بدء اتصالات سياسية بين السعودية وإيران للتخفيف من التوترات ومنع حدوث سوء حسابات عسكرية، على الرغم من عدوانية وكلاء إيران في اليمن ضد السعودية.
المحادثات الثالثة والتي اعتبرها البعض صعبة ايضاً، هي تحرك كلا من السعودية والأردن والبحرين والإمارات في الأشهر الأخيرة بإعادة بفحص علاقاتها مع دمشق، وتعمل على تحديد المصالح الأمنية والقومية والاقتصادية حيالها.
فزيارة العاهل الأردني الملك عبدالله إلى واشنطن في يوليو الماضي كان هدفها تحريك مبادرة جديدة للتسوية في سوريا، حيث تدعو المبادرةا لأردنية إلى حوار سوري داخلي، وتقليص العقوبات الأمريكية على سورية، وإعادة دمشق إلى نطاق التأثير العربي.
الانعطافة الأردنية لها علاقة مباشرة بتقليص القوات الأميركية في سوريا، والضعف الذي تُظهره الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وازدياد قوة المحور الشيعي. على هذه الخلفية تتجمع سلسلة تلميحات إلى الاستعداد لفتح صفحة جديدة في العلاقات بين الأردن والجارة الشمالية سوريا.
تداعيات هامة
الاهتمام الأمريكي الكبير حيال قضايا مثل مواجهة الصين وروسيا والاهتمام بحل الأزمات الداخلية الأمريكية، مع عدم وجود استراتيجيا أمريكية واضحة في الشرق الأوسط، وفي المقابل الإلحاح الأمريكي حول مفاوضات على اتفاق نووي مع إيران، كل ذلك دفع الدول العربية في المنطقة إلى إعادة فحص منظومات التحالف والخصوم الإقليمية.
هناك من يفسرها أنه فقدان ثقة بواشنطن، وهناك من يرى أنها حسابات جديد لمرحلة جديدة.
