بعد افتتاح الرئيس السيسي لمعرض تراثنا.. هكذا أُعيد إحياء فن «التَلّىِ»
يشارك بيت التَلّىِ بأسيوط٬ في فعاليات مهرجان تراثنا، والذي افتتحه صباح اليوم الرئيس عبد الفتاح السيسي، والمقام حاليا بأرض المعارض في التجمع الخامس، ويستمر حتي أسبوع.
وفن "التَلّىِ" هذا الفن الشعبى المصرى، وقد اشتهرت محافظة أسيوط بهذا الفن باعتباره حرفة فنية ونوع من التطريز بخيوط الذهب والفضة أوما شابههما من معادن لتصنع منه المرأة زيها المحبب للمناسبات السعيدة .
ــ الفنان سعد زغلول وكيف أحيا فن التَلّىِ"
كان التَلّىِ هو صناعة أسيوط الثقيلة في القرن التاسع عشر حتي بدايات القرن العشرين٬ الثوب المفضل لدي المصريات خاصة في حياكة أثواب الأعراس٬ لكن مع أستخدامه في تصنيع "بدل الرقص" أحجمت النساء عن ارتدائه فكاد يندثر.
في 1992، زارت الباحثة الإنجليزية فيكتوريا ألبرت أسيوط رغم تحذيرات سفارتها٬ وهي تحمل صورة التقتطها لقطعة من نسيج التَلّىِ بأحد متاحف لندن٬ وراحت تبحث عنه في موطنه الأصلي الذي عرفته من المعلومات التي سجلها المتحف البريطاني لكنها فشلت في العثور علي أي أثر لهذه الصناعة التي انقرضت من ثلاثينيات القرن العشرين.
التقت الباحثة بالفنان بخيت فراج وكان يعمل مدرسا للفن بكلية التربية بجامعة أسيوط٬ واعتذر لها عن اندثار ذلك الفن الذي لم يعد له أثرا.
وروى بخيت فراج القصة لصديقه الفنان التشكيلي سعد زغلول وما حدث من أمر الباحثة البريطانية٬ وأهداه الصورة التي تركتها له.
وبدأت رحلة سعد زغلول في البحث عن تاريخ هذا الفن٬ ومراكز إنتاج تلك الحرفة القديمة، دلته إحدي قريباته بعد بحث طويل في أحياء المدينة٬ وسط أزقة وحواري حتي عثر علي الحاجة "زينب" 75 سنة٬ والتي حكت بدورها أنها كانت تعمل في حياكة أثواب إحدي السيدات.
بمواصلة البحث عثرت الحاجة زينب علي إبرة كانت لاتزال تحتفظ بها في جدار رطب بالحائط داخل علبة صدئة، فتحتها بجهد كبير لتخرج منها إبرتها التي احتفظت بها تذكارا لأيام الشباب٬ مدركة لقيمة ما تنتجه من فن أصيل فصنعتها من الفضة الخالصة.
الإبرة التي تستخدم في غزل التَلّىِ تصنع من الفضة طولها ثلاثة سنتيمترات بها ثقبان من ناحية ومن الناحية الأخري مدببة.
وكانت العائلات الكبيرة تكلف واحدة من بنات القرية أو المدينة تختارها حسب كفاءتها لتصبح متخصصة لإنتاج الأزياء من التَلّىِ لهذه العائلة أو تلك. وقد يستغرق العمل ربما شهور تطرز بالذهب الخالص أو الفضة الخالصة حسب الإمكانيات المادية. لقد كانت هذه الأزياء الفاخرة لا تستخدم للخروج وإنما لاستعمالها داخل البيت٬ ولا تري سيدة من هذه الطبقة البرجوازية ترتدي ذلك إلا في الحفلات النسائية أو السهرات العائلية والأعراس. رسومات التَلّىِ عبارة عن رموز ومفردات لعناصر من البيئة تشكل سطورها كتابا يمكن لمن يقتنيه أن يقرأه فهو غالبا ما يحكي قصة أو يعبر عن قضية بعينها.
في هذه الأثناء، كان قد أنتشر خبر بحث سعد زغلول عن التَلّىِ٬ وجاءته إحدي السيدات بخيوط وإبر وكان قد اتفق مع سيدة ممن تجيد غزل التَلّىِ٬ لتكون مدربة ومعلمة لهذا الفن٬ وبالفعل تم إنشاء بيت التَلّىِ عام 1994 ويضم 15 فتاة أصبحن مدربات علي العمل في بيت التَلّىِ.