«فك الكود».. «الدستور» تخترق عصابات بيع أجهزة بث القنوات المشفرة
على الرغم من كثافة تواجد القنوات التليفزيونية مجانية المشاهدة في ظل عصر السموات المفتوحة، إلا أنه تظل القنوات المشفرة والمنصات المدفوعة بعد ظهورها تمثل الرغبة الأكثر إلحاحًا لدى عدد كبير من المشاهدين، لما تبثه من محتوى مميز ومتخصص في جميع المجالات، ولكن يقف أمام المشاهد وبث هذه القنوات ارتفاع قيمة الاشتراك بها ذلك الأمر الذي استغله أصحاب القرصنة الإليكترونية الذين استباحوا بيع أجهزة “ريسيفرات” خصيصًا لفك شفرة تلك القنوات، وبيعها للمواطنين في مخالفة صارخة لحقوق البث المرئي والمسموع لها، وذلك دون أدنى خوف من العقوبة القانونية لذلك.
وعلى الرغم من تكرار وقائع ضبط محال صيانة وتركيب الدش والريسيفرات التي تستغل عملها في بيع أجهزة بث القنوات المشفرة بالمخالفة للقانون، إلا أنه مازال هناك العديد من تلك المحال التي مازالت تمارس هذا العمل المشبوه بشكلًا علنيًا دون خوفًا من رقابة وكأنه أمرًا مشروعًا، على الرغم من من مخالفة ذلك للحقيقة.
جولة «الدستور» على بعض محال بيع وتركيب الريسيفرات أثبتت سهولة الحصول على هذه الأجهزة، وأسعارها التي من شأنها إغراء المواطن البسيط الذي يراوده حلم مشاهدة قنوات مشفرة.
«كل القنوات المشفرة تقدري تشوفيها يا فندم».. تلك كانت كلمات «عماد» فني تركيب دش وريسيفيرات، بمنطقة المقطم في عرضه لمميزات جهاز الريسفير الذي يقوم ببيعه، موضحًا أنه يمكن للمواطنون الاستمتاع بمشاهدة جميع القنوات المشفرة باهظة الاشتراك، بمجرد حصولهم على هذا الجهاز شريطة أن يكون هناك شبكة إنترنت قوية.
ولمزيد من الإغراء، سرد الفني مميزات الريسيفير، حيث يمكن من خلاله مشاهدة جميع مسلسلات رمضان دون إعلانات، وبث شبكة نتيفليكس الشهيرة وكل ذلك مقابل 650 جنيهًا فقط (ثمن الجهاز) بالإضافة إلى 50 جنيه ثمن التركيب.
وتعددت أسعار ريسفيرات فك شفرة القنوات لدى فني آخر، وهو محمد إبراهيم بحي شبرا مصر، حسب المنشأ ودرجة الجودة كما أوضح للمحررة، ليبدأ من سعر 600 جنيهًا حتى 3 آلاف جنيه.
واختلف محمد عن عماد في كونه أوضح أن المواطن الذي يشتري منه هذه الأجهزة، هو مطالب بدفع اشتراك كل عامان أو كل عام حسب ضمان كل جهاز قدره 150 جنيهًا للاستمرار في تقديم بث هذه القنوات المشفرة من خلال هذه الأجهزة.
وفي ذلك يقول: «انتي كدة هتوفري بالآلافات.. بدل ما تدفعي مثلا لنتفليكس اشتراك 120 جنيه في الشهر، هتدفعيلي 150 كل سنتين وتتفرجي على كل اللي انتي عايزاه».
«هنجربلك كل القنوات قبل ما نمشي يقولها أحمد سمير، فني آخر في أحد محال تركيب الدش والريسيفر بحي مدينة نصر الذي بدا واثقًا من قدرة الجهاز الذي يبيعه من بث جميع القنوات المشفرة»، موضحًا أنه يرفق بضمان عام أو عامان على حسب نوع الجهاز.
تاريخ أزمة القرصنة الإلكترونية والتعدي على حقوق بث القنوات المشفرة، أوضحه المهندس محمد سعيد رئيس شعبة شركات البرمجيات بالجمعية المصرية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات لـ«الدستور» مشيرًا إلى أنها تعود إلى وقت بث مباريات كرة القدم وانتشارها يشكل مجاني منذ 18عامًا، ومن ثم انتشار بيع حقوق بثها في ذلك التوقيت الأمر الذي جعل هناك توجهًا لظهور قنوات ذات محتوى متخصص مثل العديد من القنوات الرياضية وبعد ذلك غيرها من القنوات الأخرى التي تقدم محتواها للمشاهد مقابل اشتراك مادي.
ويتابع بقوله أنه مع ظهور أي خدمة مقدمة نظير مقابل مادي فبالطبع يظهر كذلك على الجانب الآخر بعض المخترقين الذين يستخدمون طرقًا غير شرعية لمحاولة اسخدام خبراتهم التكنولوجيا التي تساعدهم على ذلك الاختراق للشفرات الإليكترونية من أجل تحقيق مكاسبهم الشخصية.
ويشرح «سعيد» طرق قراصنة البث المشفر في الوصول إلى فك شفرات تلك القنوات بأنهم يجربون العديد من تراكيب الشفرات من خلال مفاتيح خاصة إلى أن يتوصلوا إلى الشفرة التي ضبطت عليها تلك القنوات، ومن ثم يقومون بتوزيعها على الريسيفيرات المشتركة، ومن ثم التربح منها من خلال وضع أسعار بيع لتلك الريسيفرات المحملة بهذه الشفرة.
وأوضح أن ما يجعل سوق تجارة هذه الأجهزة رائجًا، أن أغلب بروتوكولات تشفير القنوات الفضائية مازال بدائيًا ويسخل التعرف عليه.
لذا نصح الخبير التكنولوجي مسئولي هذه القنوات المشفرة بوضع شفرات أكثر تطورًا وتعقيدًا يصعب فكها حرصًا على المحتوى الذي يقدمونه، وكذلك للمحافظة على نسب أرباحهم، كما ناشد الجهات الرقابية بملاحقة هؤلاء القراصنة الذين وصفهم بالمنتشرين، والذين يعلنون عن منتجهم غير القانوني التداول «أجهزة الريسفيرات فك الشفرة» علنًا دون خشية من القانون، وذكر في هذا انتشار الكثير من هؤلاء في منطقة بولاق وشارع عبدالعزيز.