من الحرب العالمية إلى السويس.. أزمات رصدها هيكل طوال مشواره الصحفي
لم تكن أهمية الكاتب الصحفي محمد حسنين هيكل الذي تمر ذكرى ميلاده اليوم في اقترابه من السياسة قدر الأزمات العالمية التي تابعها الأستاذ، الذي بدأ حياته محرراً في قسم الحوادث بمجلة "الإيجيبشيان جازيت" وجد نفسه في ساحات المعارك ليعبر عن ذلك بقوله في كتابه "ما بين الصحافة والسياسة وهكذا وجدتني باحثًا عن المتاعب في كل مكان أغطي الحوادث الساخنة في الشرق الأوسط وحوله".
مراسل حربي للمرة الأولى
دخل هيكل للصحافة في عمر 19 عاماً كمحرر في قسم الحوادث، إلا أنه لم يحقق في هذا القسم تفوق ملحوظ، إلى أن دخلت القوات المتحاربة في الحرب العالمية الثانية العلمين عام 1942، ويروي هيكل في كتابه "ما بين الصحافة والسياسة" تفاصيل توليه لهذه المهمة قائلا: "دعانا هارولد إلى مكتبه يومًا -نحن الشبان الأربعة- وقال لنا تجرى الآن حرب في مصر، ومع ذلك لم يرها أحد بعين مصرية، ولم يكتبها بقلم مصري، ثم سألنا هل فينا من هو مستعد للمخاطرة في تجربة جديدة، وعلى مسؤوليته وحده، وتحمست للتجربة، ولعلني في ذلك الوقت، كنت متأثرا بإعجابي بواطسون وتجربته في الحرب الأهلية الأسبانية، وهكذا بعد شهور وجدتني في العلمين شاهدًا مصريًا على الحرب العظمى، واعترفت أن تجربة العمل كمراسل حربي قد استهوتني".
الحرب اليونانية الأهلية
بعد تغطيته المتميزة لمعارك العلمين، انتقل هيكل من مجلة "الإيجبشيان جازيت" إلي مجلة "أخر ساعة" المملوكة لجريدة "أخبار اليوم"، ليتابع العديد من الأزمات الداخلية كان من بينها تفشي الكوليرا، وكذلك "خط الصعيد" اندلعت الحرب الأهلية اليونانية التي استمرت 4 سنوات ليقنع هيكل، على أمين بإرساله كمراسل حربي، لتحظى الحرب الأهلية اليونانية بتغطية عربية.
إلا أن الحرب اليونانية لم تكن حرباً داخلية يونانية فهي شملت -كما قال هو في كتابه "ما بين الصحافة والسياسة"- كل البلقان، خاصة وأن الحرب وقعت بين جيش الحكومة اليونانية المدعومة من قبل بريطانيا العظمى والولايات والمتحدة وبين الجيش الديمقراطى اليونانى، وهو الجناح العسكرى للحزب الشيوعى اليونانى، بدعم من يوغوسلافيا وألبانيا وبلغاريا وهو ما يمثل بشكل مصغر حرب بين القطبين الغربي والشرقي.
النار فوق الأرض المقدسة
مع مايو 1948 كانت المنطقة العربية على موعد مع أولى معاركه مع دولة الاحتلال التي أعلنت تأسيسيها في 14 مايو، وكانت مصر في القلب من المعارك، بعد الإعلان عن دخول الجيش المصري الحرب ضمن الجيوش العربية، وحظيت هذه الحرب باهتمام هيكل ليكتب سلسلة من التحقيقات تحت عنوان "النار فوق الأرض المقدسة".
الحرب الكورية
في 1950 اندلعت الحرب الكورية بين الكوريتين الشمالية والجنوبية واستمرت لمدة 3 سنوات، ورغم أن جريدة أخبار اليوم ومجلة "أخر ساعة" لم تكونا مهتمتان بالشكل الكافي بهذه الحرب إلا أن هيكل وجد نفسه مراسلاً حربياً مرة أخرى ولكن لصالح الأمم المتحدة، ليوثق وقائع الحرب.
إيران وهيكل
ارتبط اسم هيكل بايران بسبب كتاباته المتعددة عن إيران، فتابع هيكل عن كثب أهم الوقائع التي جرت في ايران في النصف الثاني من القرن الماضي، وكانت البداية عام 1951 حين بدأ د.محمد مصدق رئيس الوزراء الإيراني حركة تأميم الصناعات النفطية في إيران بعد عقود من سيطرة بريطانيا على البترول الايراني منذ عام 1913، وهي الحركة التى وقف الغرب ضدها وأفشلها، إلا أن هيكل الذي التقى مصدق تابع الأزمة عن كثب ليرصدها في كتابه "إيران فوق البركان".
أما الأزمة الثانية التي تابعها هيكل عن كثب فكانت "الثورة الإيرانية" عام 1979، حيث كتب هيكل عنها كتاب "مدافع آية الله" والذي رصد الثورة ومقدماتها وأسبابها، كما التقى الخوميني، وكتب هيكل الكتاب باللغة الإنجليزية حيث صدر باسم "عودة آية الله"، لأن الناشر الأجنبي لم يرى أن استخدم لفظ مدافع، ولم يكتب النسخة العربية منها، ولكن تولى د.عبد الوهاب المسيري ترجمة الكتاب من اللغة الإنجليزية للعربية، وتم نشره بالاسم الذي اختاره هيكل.
حروب مصر الثلاثة
خلال الحروب الثلاثة مع إسرائيل التي شهدتها مصر، كان هيكل يتولى منصب رئيس تحرير وهو ما منعه من أن يكون مراسلاً حربياً إلا أنه بحكم قربه من سدة الحكم حينها كان مطلع على الكثير من الأسرار والخبايا، وهو ما رصده بدقة في كتبه الصادرة تحت اسم "ملفات السويس" وقد رصدت السلسلة الصادرة في 3 أجزاء العدوان الثلاثي على مصر، وكذلك نكسة يونيو وحرب أكتوبر.