من حقوق الإنسان.. إلى التنمية البشرية
أكاد أجزم أن هناك علاقة سببية وزمنية فيما بين الإعلان عن الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان وبين إصدار تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية فى مصر، الذى يؤكد نجاح الشعب المصرى فى تجاوز تحدياته الصعبة الناتجة عن برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى كان يمثل عبئًا كبيرًا على المجتمع بالكامل إلى أن استطاع تحقيق معدلات تنمية على أعلى مستوى وعلى كل الأصعدة، وهو الأمر الذى ترتب عليه إصدار الأمم المتحدة هذا التقرير الذى يعتبر شهادة نجاح للدولة والشعب على تجاوز التحديات.
ويشير هذا التزامن- من وجهه نظرى- إلى اهتمام الرئيس عبدالفتاح السيسى بالإنسان فى المقام الأول بالرغم من تلك الإنجازات العملاقة التى تتحقق على أرض الواقع يوميًا، والتى يتم إنشاؤها تحقيقًا للارتقاء بمستوى المعيشة للشعب المصرى بمختلف فئاته، بدءًا من ساكنى العشوائيات، حيث حقق لهم التجمعات السكنية المتكاملة بكل متطلباتها الاجتماعية والرياضية والتعليمية والتموينية، وصولًا إلى إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة، ومدينة العلمين التى سوف تعتبر منارة مصر على شاطئ البحر الأبيض المتوسط.. وقد كان حضور الرئيس كلا الحدثين مؤشرًا قويًا على اهتمام سيادته بالمواطن المصرى ومشاركته الخاصة فى أدق تفاصيل حياته اليومية، وتأكيدًا على سعى الدولة بكامل طاقتها لتحقيق هذا الهدف الإنسانى الوطنى النبيل. بطبيعة الحال فإننا عندما نتحدث عن كلا الحدثين فلن نستطيع أن نستعرض كل الجوانب التى تضمنتها التقارير الخاصة بهما.. ولا شك أن هناك العديد من المتخصصين فى مجالى حقوق الإنسان والتنمية البشرية قد قاموا بعرض ومناقشة كل المحاور الواردة بهما، والوقوف على النواحى الإيجابية التى سوف تتحقق فى ملف حقوق الإنسان، والتى تحققت بالفعل فى مجال التنمية البشرية.
ولكن تبقى هناك بعض العلامات والنقاط المضيئة التى يجب الوقوف عندها والإشارة إليها، والتى تؤكد أن الدولة المصرية تسير فى مسارها الصحيح نحو الارتقاء بالمواطن المصرى، وذلك على التوازى مع الارتقاء بكبرى المشروعات والإنجازات الصناعية والاستثمارية التى تصب فى النهاية فى مصلحة الشعب.
ولعل من أبرز تلك العلامات إشادة السيدة نزهت شميت خان، رئيس مجلس حقوق الإنسان الدولى التابع للأمم المتحدة، بقيام اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان فى مصر بإصدار أول استراتيجية من نوعها فى الشرق الأوسط تتناول هذه القضايا، حيث أوضحت، فى رسالة مسجلة خلال احتفالية، أن تلك الاستراتيجية تهدف إلى تعزيز وحماية حقوق الإنسان للجميع، وتعد خطوة مهمة لتطبيق المعايير الدولية المطبقة لحمايتها من خلال خطوات فعلية ملموسة على أرض الواقع.. وبالطبع فإنه عندما تأتى الإشادة من المسئولة الأولى بمجلس حقوق الإنسان الدولى، فالموضوع لا يحمل شبهة مجاملة أو مواءمة مع الدولة المصرية.
أما العلامة المضيئة الثانية- من وجهة نظرى- أنه وللمرة الأولى لن تكون مواقف الدولة المصرية تجاه تقارير الهيئات المشبوهة والمنظمات الدولية التى تناقش قضايا الحقوق والحريات تأتى كرد فعل للتقارير الصادرة منها، بل إن هذه الاستراتيجية المصرية قد وضعت الصيغ المناسبة، وكذلك الفترة الزمنية التى سوف يتم خلالها الانتقال من مرحلة التشريع إلى مرحلة التنفيذ وفق برنامج وخطة عمل محددة سوف تستغرق ٥ سنوات من عام ٢٠٢١ إلى ٢٠٢٦.. وهو ما يؤكد أن مصر تسير وفق رؤية مصرية خالصة شاملة فى هذا الملف وفقًا لمتطلباتها وأهدافها بغض النظر عن الضغوط الدولية التى تتعرض لها.
وإذا انتقلنا إلى تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية فى مصر للعام الحالى، فسوف نكتفى- مؤقتًا- بتلك الإشادة التى تناولتها السيدة رندة أبوالحسن، الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى فى مصر، والتى أشارت إليها خلال كلمتها أمام السيد الرئيس، بأن هذا التقرير المهم الذى تم إعداده بعد انقطاع دام عشر سنوات جاء ليؤكد التزام مصر بنهج تنموى يضع الإنسان فى قلب التنمية، وهو ذات النهج الذى طرحه تقرير الأمم المتحدة للتنمية دوليًا على مدى الأعوام الثلاثين الماضية.. ولعل الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية التى تحققت خلال السنوات السبع الماضية جاءت لتؤكد اهتمام الدولة المصرية بشعبها بكل فئاته وطوائفه وأعماره السنية.. وكان طلبها من السيد الرئيس السماح لوالدتها، التى حضرت خصيصًا من لبنان لحضور تلك الاحتفالية، بأن تلتقط صورة تذكارية مع سيادته- أكبر دليل على تقدير الشعوب العربية له.. وعند الاستجابة لطلبها والترحيب بها أعربت عن سعادتها بلقاء السيد الرئيس، وعن أمنياتها أن يكون الرئيس السيسى قدوة لكل الرؤساء فى العالم العربى وأن يسيروا على دربه فى التنمية وتوفير الحياة الكريمة لشعوبهم مثلما يفعل سيادته.
هذه هى مصر، وهذا هو قائدها الذى يهتم بكل صغيرة وكبيرة فى هذا الوطن، والذى دائمًا ما يعمل لصالح البشر قبل أن يحقق إنجازات الحجر..
وتحيا مصر.