يعبد أو لا يعبد
بعيداً عن تعليق السيد جمال مبارك - أحد مريدي وتلامذة دعاة الفضائيات - في فترة التسعينيات التي اسهمت في تغييب وتديين وإفقار المجتمع المصري في ظل حكم الرجل الذي كان قوياً ثم هرم كما يهرم الناس وفقاً لسنن التطور وقوانين السيرورة.. وبعيداً أيضاً عن تصريحات وتعليق كارهي الرئيس السيسي منذ أول يوم في حكمه وحتى عند ذهابه صبيحة فوزه في انتخابات الرئاسة المصرية لزيارة السيدة (المحجبة) التي تم التحرش بها بشكل عشوائي وممنهج في ميدان التحرير! حاملا في يديه باقة ورد بلدي أحمر كنوع من التقدير والاعتذار للمواطنة المصرية عن جريمة التحرش التي مورست ضدها من ضباع أثناء خطاب تنصيبه رئيساً للبلاد بعد ثورة الثلاثين من يونيو التي أعطت مكتسبات للمرأة يمكن الرجوع إليها واستعراضها واستحضارها ومنها - وعلى سبيل المثال لا الحصر- اعتبار التحرش جناية بعد ان كان جنحة وتغليظ عقوبته بعد ان كان يتم اعتبار الضحية والناجية محرضة في عهود مضت! اما هؤلاء الكارهين - فهؤلاء وأيضًا على سبيل المثال لا الحصر - يعتبرون واحد من اهم مشاريع التنمية في مصر وهو مشروع (حياة كريمة) تهجير قسري للمستفيدين منه!
بعيداً عن كل ذلك وبعيداً عن كل تلك المشاعر والترهلات الفكرية التي أراها تستحق الشفقة يفعل وينجز الرئيس عبدالفتاح السيسي الكثير ويعدو للامام و قدميه لها مواطىء صلبه على الأرض.. أرض الواقع بعيداً عن مزايدات و(هري) الافتراض.
فقد تحدث رئيس الجمهورية الرئيس عبدالفتاح السيسي مراراً و تكراراً وفي اكثر من مناسبة وأدلى بأكثر من تصريح منذ توليه حكم البلاد ومؤخرا في مداخلة تليفونية مع السيناريست (عبدالرحيم كمال) عن ضرورة تجديد وتصويب الفكر والخطاب الديني وتنقية كتب التراث من الشوائب التي يساء فهمها وتأويلها لمآرب.. ودعا السيناريست الشاب للمزيد من الابداع ووعد بدعم الفن والابداع بوصفه رهان الغد وسلاح فتاك ناعم يمثل قوة لا يستهان بها فرئيس البلاد يعي جيداً أهمية (الخندق) في الحروب والفن هو الخندق الآمن الذي نحتمي به في حربنا مع التطرف.
الشرطة والجيش يطاردون الارهابيين ونحن نطارد الارهاب ونحاصره - في خندقنا الآمن- فكراً قبل ان يتحول الى سلوك.. فالوقاية خير الف مرة من العلاج
والفن هو اللقاح الفعال و الآمن ضد جائحة الارهاب العالمية التي اجتاحت الكوكب وترياقها هو الفن ولا شيء غيره أو سواه
وها هو طعن بسكين وارهاب جديد وقع في نيوزيلاندا منذ ايام وبالطبع استيلاء طالبان على كابول واحكام السيطرة على افغانستان.. ويعلم الرئيس كيف كانت افغانستان قبل غزو الغزاة لها وكيف كنا وكيف كان مقدر لنا أن نكون لولا نعمة الثلاثين من يونيو والثالث من يوليو.
تلك التواريخ التي يساء ايضاً تأويلها وتأريخها لمآرب.. فالمأزوم المهزوم دوماً يرى النصر انتكاسة و يرى الثورة انقلاباً في حين كان هتاف الجماهير في الشوارع ونزوحهم لها من كل فج عميق يصل لأبصار وآذان من له عينان وآذان صاغية لكنها لا تعمي الابصار بل تعمي القلوب التي في الصدور، فالفتيات اللاتي ولدن بعد الثلاثين من يونيو ما كان لهم أن يولدوا ويعيشوا على الارض كما هن الان، ولكانت تلك الفتيات قد زوجن واحتجبن وتحجبن في سن السابعة ان ولدوا في ظل حكم الدولة الدينية فنساء افغانستان تم فصلهم وابعادهم عن سوق العمل وابعاد الفتيات عن التعليم لانه حرام! ومن ستولد في ظل حكم طالبان سيكون الخباء مصيرها كما الاحتجاب والحجاب والنقاب والزواج في سن السابعة.
ذلك المصير البائس المحتم نجت منه فتيات مصر ونسائها وصار لهن تشريعات تنصفهن ومشاريع تهتم بصحتهن وتعليمهن ومشاركتهن في الحياة العامة ودخولهن للبرلمان والعمل في سلك النيابة العامة والقضاء وكافة الوزارات والمناصب التي يصبو لها الرجال وعلى قدم المساواة.
اما تصريحات الرئيس الاخيرة فقد مست الانسان في المجمل وسعت للمواطن بالخصوص ليذكره الرئيس بما قد يكون غافلا عنه بعد سنوات التديين والتغييب الممنهج على أيادي مشايخ التكفير والفتن ودعاة الدم والتحريض فيذكره الرئيس اليوم بضرورة وأهمية إعمال العقل وتفضيله بل وتغليبه على النقل وإطلاق الرئيس لمبادرة يدعو فيها الانسان والمواطن للتفكير وللبحث حتى يصل للحقيقة وان لا يرث الانسان معتقدات غيره
ويعتبرها مسلمات أو تابوهات لا يجوز نقدها او التفكير فيها وصولاً للحقيقة وأذكر جيداً ما صرح به الرئيس عبدالفتاح السيسي ومنذ سنوات قائلا (من حق المواطن أن يعبد ما يشاء أو لا يعبد)
وجميعها تصريحات لم نسمعها من قبل على لسان أي رئيس جمهورية في المنطقة بأكملها منذ عهد تونس البورقيبية وما صرح به الرئيس لا يتعارض بالطبع مع قيم الأديان والنصوص المقدسة ففي القرآن آيه لا تحمل التأويل تقول (من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)