يد تبنى ويد تحمى
تم إطلاق تقرير الأمم المتحدة الإنمائى فى مصر لعام ٢٠٢١ بعد توقف عشر سنوات، وجميعنا سمعنا، خلال مراسم الإطلاق وما تبعها من تحليل، ما هو التقرير وما تعنيه البيانات والأرقام والنتائج والمؤشرات، وما مدى انعكاس ذلك داخليًا وخارجيًا وما أهميته حاليًا ومستقبلًا؟
ورغم أن التقرير يُعد مؤشرًا لحالة ووضع المجتمع الآن والتحديات التى ما زالت قائمة والمجالات التى حققت فيها الدولة إنجازات ونجاحات وبأى قدر، والمجالات التى ظهرت فيها تحديات عرقلتها، وما المطلوب لإزاحة العوائق والانطلاق فى خطة التنمية، فإن المواطنين ربما يتساءلون عن مردود ذلك عليهم؟، لأن المواطن تم حرمانه خلال أربعة عقود من المشاركة فى أى شىء يتطلب وجوده كشريك، نظير تلقى ما تجود به الحكومات المتعاقبة عليه بشكل فوقى من ناحية، وما تهبه له التنظيمات الدينية، التى كانت لها الغلبة والهيمنة الاجتماعية خلال أربعة عقود، من هبات وعطايا نظير استخدامه لصالحها، سواء فى انتخابات أو حشد أو إبراز مظهر التدين الظاهرى فى المجتمع من حجاب، لإطلاق لحية، لملصقات على البيوت والمحلات والسيارات، لتلقى له ما جمعته منه بالتبرعات، وما يدفع ثمنه من كرامته بالرضوخ والطاعة.
المواطن الذى تم إفقاره عمدًا ماديًا وإنسانيًا وثقافيًا طوال عقود، كان ينتظر ما يُعطى له دون أن يبدى أى محاولة لإدراك قيمة الاستحقاق النابعة من مبدأ المواطنة الكاملة، والتى هى الركيزة الأهم لمبدأ الانتماء.
وحتى يشعر المواطن بالانتماء لهذا الوطن كان لا بد من الإسراع بالبدء فى بناء علاقة تشاركية بين الدولة والمواطن قائمة على الثقة والاستحقاق، وهذا ما كان بالفعل عندما بدأت الدولة منذ ثمانى سنوات بالتأسيس والإصلاح، إصلاح وتطوير ما كان قائمًا وتم إفساده، وتأسيس ما كان حلمًا بعيد التحقق فى ظل ظروف كثيرة مرت علينا وعانينا منها عقودًا، حتى ظن المواطن أن تلك هى الحياة وبات الجميع لا ينتظر مستقبلًا.
سارت الدولة المصرية منذ ثمانى سنوات فى خطة تنمية شاملة تقوم بشكل أفقى وآخر رأسى بمجموعة ملفات أساسية تعمل على تحسين جودة حياة المواطنين، فقامت بحزمة من الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية والصحية بإشراك المواطن فى مشروعات ومبادرات مهمة مثل: تكافل وكرامة الذى ساعد آلاف الأسر فى الحفاظ على الحياة بشكل كريم، والخروج من نطاق الأشد فقرًا، وفى هذا السياق قامت الدولة بمواجهة ملف البطالة بتقنين العمالة غير الرسمية والموسمية، وإعادة توزيع الدخل بالحد الأدنى للأجور.
وقدمت الدولة مبادرة «حياة كريمة» التى اتجهت إلى الريف، الذى ظل مهمشًا لعقود لتحسين جودة الحياة الاجتماعية من سكن ومياه وكهرباء وغاز طبيعى وإنترنت والتى تعد من المبادرات المستمرة.
أما ملف الصحة، فجاءت مؤشراته فى التقرير إيجابية برصد مجموعة مبادرات مهمة مثل: مبادرة ١٠٠ مليون صحة، ومبادرة القضاء على فيروس «سى»، والتأمين الصحى الشامل، وبرنامج صحة المرأة، وبرنامج صحة الطفل، وبرنامج القضاء على الإدمان.
كما اهتمت الدولة بملف تطوير العشوائيات الذى كان لعقود طويلة ملفًا شائكًا ظلت الحكومات «القديمة» تنكره مرة، وتتهرب منه مرات، حتى أضحى من الملفات التى تمت المتاجرة بها واستغلالها من التنظيمات الدينية بأشكال وأساليب خطيرة، وعملت الحكومة على جودة السكن والذى تُرجم لمبادرات الإسكان الاجتماعى ومحدودى الدخل، وعملت الحكومة على تطوير منظومة التعليم ودمج التكنولوجيا ليقوم على الفهم وليس التلقين وينتج عقولًا ابتكارية.
ومن ملفات الحماية الاجتماعية، جاءت منظومة التأمينات التى شملت قطاعًا كبيرًا من المواطنين، وعملت الدولة ربما لأول مرة منذ عقود على ملف الفئات الأضعف مثل أطفال «بلا مأوى والمسنين ومتحدى الإعاقة».
وبالتأكيد هناك مشروعات عدة لتحسين شبكة الكهرباء ومياه الشرب، بالإضافة للمشروعات الكبرى مثل مشروع القطن طويل التيلة فى الفيوم ومشروع الثروة السمكية فى البحيرات مثل البرلس، واستزراع مليون ونصف المليون فدان، ولن ننسى المشروعات المهمة فى تنمية سيناء والتى تشهد نهضة غير مسبوقة على كل المحاور والمستويات.
قامت مصر بكل تلك الإنجازات فى وقت يقوم فيه الوطن بمحاربة الإرهاب وتجفيف منابعه بمحاربة الفقر والبطالة والجهل والمرض والتطرف الدينى والطائفية، وذلك بتحسين جودة الحياة بما يتوافق مع كرامة المواطن من ناحية، ويتوافق مع الحقوق الأساسية التى أقرتها المواثيق والعهود الدولية الموقعة عليها مصر. وهذا ما لخصه السيد الرئيس بقوله: «حربنا ضد الإرهاب لم تُوقف عجلة التنمية».